مبارك تحول إلي فرعون خلال السنوات العشر الأخيرة من حگمه مبارك أوهم الأمريگيين دائما بأنه يعرف گيف يحگم مصر لن يرتگب أي حاگم مصري مستقبلا ما ارتگبه الرئيس المخلوع من أخطاء بطانة مبارك حولته إلي صاحب النصر والقادر علي العبور بمصر إلي المستقبل حظي الكتاب الذي ألفه ستيفن كوك عضو مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية بعنوان »النضال من أجل مصر: من ناصر حتي ميدان التحرير« بتقدير واهتمام جميع المهتمين والدارسين لتاريخ مصر الحديث. ووصفه دانيل كورترز السفير الامريكي السابق في مصر ثم في اسرائيل والذي يعمل حاليا كأستاذ بجامعة برينستون، الكتاب بأنه مصدر يعتمد عليه لفهم السياسة المصرية منذ ثورة 2591. وأوصت ليزا اندرسون مديرة الجامعة الامريكيةبالقاهرة كل من يتناول التحديات والفرص التي تواجه مصر وحلفاءها منذ ثورة 52 يناير ان يبدأ بقراءة هذا الكتاب الذي يعتبر عرضا واضحا للاوضاع في مصر. مع تناول المؤلف للمسرح السياسي في مصر اثناء حكم مبارك قال كوك: ان مبارك بعد توليه حكم مصر اصبح سيد العالم السياسي في مصر وتحول الي »فرعون« بعد عشرين عاما من حكمه وانعكس ذلك بوضوح خلال السنوات العشر الاخيرة لتوليه الحكم حيث تحول الاصلاح الاقتصادي الي رأسمالية شلل الاصدقاء واصبح التغيير السياسي يدعم النظام الشمولي تحت ستار الاصلاح الي جانب الخلافة الرئاسية التي تعني امكانية توريث السلطة. ويصف المؤلف هذه المرحلة بانها كانت مرحلة صلف وغرور علي المستوي الرسمي ومرحلة غضب علي المستوي الشعبي وهو علي ما يبدو انه مزق نسيج المجتمع المصري. وتناول الكتاب ما مر بمصر في هذه الفترة من كوارث زادت في غضب الشعب مثل حادث الدويقة وحادث العبارة وسقوط طائرة مصر للطيران علي الشاطيء الغربي للولايات المتحدة وما صحب هذه الحوادث من قصور حكومي تجاه الضحايا والمتضررين. ويسخر كوك من بطانة الرئيس الذين صوروا مبارك في بداية ولايته الرابعة وهو في سن الثامنة والسبعين بانه الرجل الذي يمكن »ان يعبر بمصر الي المستقبل«. ويقول الكتاب: »ان من السخرية ان كلمة العبور كانت الكلمة المحورية التي استخدمها خبراء الدعاية في ربط مبارك بأهم انجاز عسكري في تاريخ مصر واصبحت صورته هي وحدها المسيطرة وتضاءلت واختفت صور ودور الرئيس السادات واللواء سعد الدين الشاذلي واللواء عبدالغني الجمسي واللواء احمد اسماعيل لينفرد مبارك بهذا النصر«. ولم يغفل المؤلف في اطار تناوله للاوضاع الاقتصادية حمي الخصخصة التي بلغت الذروة في الفترة من 5002 حتي 9002 حيث قامت الحكومة ببيع 191 شركة ومصنعا مقابل 4.93 مليار دولار. وأدي ذلك الي انخفاض العمالة في القطاع العام من مليون عامل الي ما يقل عن ستمائة ألف عامل.. وينقل المؤلف عن الخبراء ان تلك المرحلة شهدت ازدهارا اقتصاديا كان من نصيب رجال الاعمال وظهرت الفوارق الطبقية بوضوح. وتحت عنوان »عبور الشارع في القاهرة« تناول المؤلف ما يحكم السلوك المصري من قواعد وقوانين موثقة الي جانب ما هو اقوي من تلك القواعد والقوانين من عرف وطباع وسلوكيات وحكي كيف قامت محافظة القاهرة في عام 3002 بتكليف شركة هندسية يابانية بدراسة مشكلة المرور في شوارع العاصمة لوضع خطة لتنظيمها.. وامضت الشركة عدة اشهر في الدراسة قبل ان تخرج بنتيجة مهمة وهي ان تترك الامور علي ما هي عليه حيث خشي اليابانيون تقديم اي مقترحات تضاعف من ازمة المرور. ومن المثير للدهشة ان يبدي المؤلف اعجابه باسلوب الشعب المصري في عبور الشوارع المزدحمة. وحول اموال المعونة الامريكية لمصر تناول الكتاب ما تعرضت له من مناورات من جانب الكونجرس وانصار اسرائيل وكيف جعل السناتور لانتوس الموالي لاسرائيل موضوع المعونة الامريكية ورقة ضغط وقضية شخصية. ويقول الكتاب: ان مصر خلال السنوات الاخيرة لحكم مبارك اصبحت تري ان الربط بين التطور السياسي داخل مصر وبين اموال المعونة الامريكية يعتبر تراجعا عن التزام تاريخي تم في كامب ديفيد وعند توقيع معاهدة السلام بين مصر واسرائيل. ويري كوك ان ثورة يناير قد جاءت بصورة مدهشة لتقلب الاوضاع بل لتنقذ اموال المعونة وتدعم استمرار حصول مصر علي المعونة الامريكية. ويقول المؤلف ايضا انه نظرا للدور المحوري الذي لعبته القوات المسلحة في حماية البلاد من احتمالات الفوضي اثناء الثورة فإن واشنطن لن تقدم علي تغيير الشق العسكري للمعونة. ويؤكد ايضا ان الكونجرس في اطار مساندة رغبة الشعب المصري في بناء نظام سياسي جديد ومساندة مرحلة الانتقال الديمقراطي يري امكانية زيادة الدعم الاقتصادي من خلال مساعدة الجمعيات المدنية. وفي اطار مناقشة العلاقات المصرية- الامريكية يصف كوك هذه العلاقات بانها علاقات ثلاثية حيث ان الطرف الثالث فيها هو اسرائيل.. ويوضح الكتاب ان هذه العلاقة الثلاثية لم تكن تزعج مبارك والعاملين معه. ولكن المؤلف يقول ان الجانب المصري كان يدعي الرغبة في التحرر من المنطق الثلاثي فيما يختص بعلاقته الثنائية مع الولاياتالمتحدة وكان كل ما قدم افكارا بسيطة من الجانب المصري لتحقيق هذه الرغبة. ويفصح المؤلف عن ان بعض المسئولين المصريين قبل الثورة قد شعروا بالغضب حيث ان اهتمام واشنطن بمصر يرجع بصفة اساسية لوضع اسرائيل نظرا لقربها من اسرائيل وما يمكن ان يشكله ذلك من خطر عليها. ويقول ان المنطق المصري يقوم علي ان مصر ذات الحضارة العظيمة بما لها من نفوذ في المنطقة تستحق علاقة خاصة مع الولاياتالمتحدة تتفق ووضعها. وينقل المؤلف عن مسئول امريكي رفيع المستوي وله خبرة بمنطقة الشرق الاوسط ان علاقة مصر واسرائيل بالولاياتالمتحدة اشبه بعلاقة اشقاء يتنافسون علي الفوز باهتمام الام. وفي محاولة لوصف وضع العلاقات المصرية- الامريكية قبل ثورة يناير يتطرق المؤلف الي العوامل التي تستخدمها اي قيادة سياسية لضمان ولاء مواطنيها ويلخصها في انها: مزايا طبيعية ورشاوي او اعمال القهر.. وفي الوقت الذي يري ان جميع هذه العوامل موجودة في الولاياتالمتحدة فإن منطق الحرية والعدالة للجميع يحكم مايجري ويحول دون اللجوء الي اساليب القهر.. ثم ينقل هذه المقارنة لمصر ويري ان مصر في عهد مبارك لم يكن لديها ما يكفي لكسب ولاء الشعب كله فسعت الي شراء رجال الاعمال والاستجابة لمطالب القوات المسلحة وجهاز الامن والمثقفين التابعين للنظام اما باقي الشعب فإن السيطرة عليه كانت تتم بالاساليب العنيفة والتهديد بها وهو ما ادي الي الغضب والتطرف ونشر عدم الاستقرار.. وعلي الرغم من ذلك ومن المشاكل العديدة التي تواجه مصر في ذلك الوقت فقد قامت الاستراتيجية الامريكية تجاه المنطقة علي اساس استقرار مصر. ويقول كوك: ان هذا المنطق الامريكي قام علي اساس امرين هما: ان الشعب المصري اثبت قدرته علي التعامل مع التحديات سواء أكانت حروبا ام ازمات اقتصادية ام اغتيالات... اما الامر الثاني فهو ان الشعب المصري لم يسبق له ان سحب الثقة من قيادته.. وكانت اي مناقشة امريكية تقوم علي اساس الثقة في ان مبارك سيموت وهو في الحكم وان نظاما جديدا سيحل محله.. ونتيجة لذلك اصبح التعامل مع مصر يقوم علي اساس خيارين: استقرار ديكتاتوري أو تدعيم الديمقراطية. وبعد ان يعبر الكتاب بالقاريء احداث ثورة مصر السلمية في 52 يناير يطرح المؤلف سؤالا: عن مستقبل العلاقات المصرية- الامريكية؟ ويقول: بعد سقوط نظام مبارك كانت هناك مناقشة خاصة في واشنطن حول كيفية تعامل ادارة الرئيس اوباما مع ثورة مصر.. وكان هناك تساؤل حول ما اذا كان لادارة الرئيس بوش فضل في موجة الديمقراطية التي اجتاحت الشرق الاوسط؟ وبصراحة شديدة يقول كوك ان اسلوب تعامل ادارة اوباما مع بداية اندلاع الثورة لا يعني الكثير حيث كان الفريق السياسي بطيئا في استيعاب ما يجري في مصر وكانت الاحداث علي ارض الواقع تتعدي بمراحل ما خرج من واشنطن من تصريحات حول ان الوقت قد حان للاصلاح. ويري الكاتب ان خطأ الخارجية الامريكية يمكن ان يغفر لها حيث كان هناك اجماع في جميع الاوساط الامريكية علي ان مصر دولة مستقرة.. ويقول ان اي تصريح للرئيس اوباما عند قيام ثورة يناير لم يكن ليؤثر في مسارها.. اما جماعة الرئيس السابق بوش فقد اعلنت انها فشلت في اقناع مبارك باهمية الاصلاح وانه- اي مبارك- كان يدعي دائما انه يعرف مصر جيدا ويعرف كيف يحكمها افضل من محدثيه من الامريكيين. ويقول كوك ان ما حدث يوضح ان واشنطن ليس لديها قدرة علي التأثير علي ما جري في مصر.. بل ويري ان ما تدفق من احاديث امريكية بشأن دعم الديمقراطية فيما بعد الثورة هو سوء فهم لما جري في هذه الثورة حيث ان آخر شيء يريده المصريون الذين اطاحوا بالديكتاتور ليستعيدوا روحهم وكرامتهم الوطنية هو قيام قوة اجنبية بتقديم الخبرة والنصيحة بشأن ادارة مرحلة الانتقال. ولا يري كوك ان واشنطن كانت مسئولة عن حكم الظلم الذي مارسه مبارك ضد شعبه فإنه لا يعفي واشنطن من مسئولية تفعيل هذا الحكم ومساندته والاستفادة منه... فمبارك كان رجل واشنطن في القاهرة حيث ساند المصالح الامريكية مقابل المليارات الامريكية التي قدمت كمعونة لدعم البنية التحتية والبرامج الزراعية والصحية.. ويقول الكتاب ان المليارات الامريكية وان كانت قد ساعدت علي تنمية مصر فإنها قوضت الشرعية الوطنية للنظام.. ويطرح المؤلف سؤالا: »كيف كان لمبارك ان يجاهر بكرامة مصر وقدرتها في الوقت الذي يقبع فيه موظفو ومقاولو وكالة المعونة الامريكية في العديد من وزارات مصر؟«. واما عن المصريين فقد كانوا يرون ان السياسة الخارجية لبلادهم يتم تشكيلها وفقا لهوي واشنطن.. وكانت الرؤية- كما جاء بالكتاب- ان هذا الاسلوب كان يكبل قوة القاهرة في الوقت الذي يترك لاسرائيل والولاياتالمتحدة الحرية لتنفيذ مصالحهم في المنطقة دون رادع. ويقول كوك: »ان مبارك كان يقوم بدور محوري في ايجاد نظام اقليمي يمكن واشنطن من حماية مصالحها باسلوب اسهل واقل تكلفة اعتبارا من تدفق البترول الي حماية اسرائيل ومنع اي دولة من السيطرة علي المنطقة«. ويري ان مبارك قد استفاد بالمعونة الامريكية وبمشاركة اكبر دولة في العالم علي مدي ثلاثين عاما اما بالنسبة لمصر فقد دفعت الثمن سواء اثناء حرب العراق الثانية وتضامنها الواضح مع اسرائيل عند غزو لبنان الي جانب المشاركة في حصار قطاع غزة. ويقول كوك: ان مبارك كان يعتقد ان سياسته تخدم مصالح مصر- كما يراها شخصيا- إلا ان هذه السياسة كانت ضد مشاعر شعب مصر. ويري ان مبارك كان في مواجهة موقفين متعارضين: فهو اما ان يكون رجل واشنطن او رجل شعبه ولا يمكن له ان يخدم الاثنين ويخلص كوك الي ان مبارك اختار خدمة واشنطن وسعي الي سد فجوة الشرعية التي نشأت عن ذلك الاختيار باستخدام القوة والخداع. ويري المؤلف ان اي حاكم مصري لن يرتكب ما ارتكبه مبارك من اخطاء مما قد لا يسهل مهمة واشنطن في الشرق الاوسط مستقبلا. وينصح كوك واشنطن بالحد من توقعاتها بالنسبة لما هو ممكن بعد حكم مبارك بتقبل نهاية العلاقة الاستراتيجية. واما النصيحة التي يقدمها لواشنطن فهي ان تدعو للديمقراطية والتسامح والمساءلة والابتعاد عن العنف علي ان تبقي بعيدا عن الشعب المصري وهو يبني نظاما سياسيا جديدا وفقا لتطلعاته. ويري المؤلف ان واشنطن قد اصبحت عنصرا سلبيا في السياسة المصرية وقد يؤدي اي اغراء بالاقدام علي اكثر من طرح المباديء الي الاساءة الي الوضع الحالي ويري ان اي محاولة لطرح مقترحات بشأن كيفية التوجه بعد مبارك ستقابل بمعارضة مصرية عنيفة. ويقول كوك: انه من الصعب التكهن بما سيسفر عنه المستقبل السياسي في مصر ولكنه وعلي ضوء بعض التطورات الايجابية يخلص الي ان النضال من اجل مصر سيستمر.