لا حياة للمرء من غير قلب يحنّ ويفرح ويحس، والقراءة هي الوسيلة الوحيدة التي يمكن من خلالها أن تجعل قلبك مفتوحا للحياة، وعقلك قادرا علي التفكير السليم، وذهنك يقظا، ولديك القدرة علي الاختيار لما تحبّه أو لما لا تريده، القراءة تفتح نوافذ العقل المغلقة، وتجعلك ببساطة تري ما لا يراه الآخرون وتفرق بين المزيف والحقيقي، باختصار القراءة هي الحياة السليمة السوية لكل من يرغب أن يكون "بني آدم ". كثيرا ما نسمع عبارة سقيمة تقول " ليس لدي وقت للقراءة " أو نري فكرا ناقصا يؤكد علي أن الجلوس أمام شاشة الكمبيوتر يمنحه المعلومة التي يرغب فيها بضغطة زر، وأؤكد ونحن في عصر التكنولوجيا والسرعة الهائلة في الحصول علي المعلومات وانتشارها قراءة المعلومة من كتاب أفضل بكثير من قراءتها علي شاشة تليفزيون أو كمبيوتر. والدليل أن ما يقرأ من كتاب يظل مدة أطول في الذهن وقد يغير ما بداخلك أنك استغرقت وقتا أطول قليلا فاستطاعت المعلومة أن تستقر في عقلك وتأخذ دورتها في فكرك وحياتك لأنك توقفت معها بعضا من الوقت والجهد، ولن أبالغ حين أقول أن امتنا لن ترتقي وتنهض بدون القراءة والمعرفة التي تجعل اختياراتنا في الحياة صائبة، بدلا من الغوغائية الفكرية التي صدعت الرؤوس وأصابتنا "بالطرش"، وإذا كان هناك تغيير حدث في حياتنا السياسية بعد ثورة يناير فإن هذا التغيير لن نحسه أو نعيشه بدون تغيير حقيقي في سلوكياتنا وأخلاقنا وتعاملاتنا اليومية بأسلوب حضاري يناسب الثورة التي قلبت كيان العالم من حولنا، كل هذا لن يحدث من فراغ. إن القراءة تهذب من النفس وتقوي مناعتك الذهنية التي تقودك بدون جهد أو تعب نحو حياة أفضل ليست بالصرخات والشعارات وإنما بالمواقف البناءة الحاسمة النابعة من فكر مستنير صنعته بنفسك من خلال ثقافتك ووعيك وقدرتك علي الاختيار وعدم الانسياق خلف الأبواق الزاعقة ليس لصدقها وإنما لقدرتها علي السيطرة في أي موقف، إن الصوت الحقيقي هو الواثق من نفسه ليس بارتفاع نبراته، وإنما بهدوئه الذي يجبر من حوله علي الإنصات.