أثار ظهوره في وسائل الاعلام جدلاً كبيراً عقب أحداث ثورة 25 يناير، واعتبره البعض دخيلاً علي الثوار، بل وصفه البعض أنه هبط بباراشوت علي الساحة السياسية المصرية ليسوق نفسه كمفكر سياسي ، وربما يحصل علي منصب وزير أو يقتنص منصب رئيس الجمهورية .. إنه د . عمرو حمزاوي استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ، وعضو المجلس القومي لحقوق الانسان، وعضو مؤسس بحزب »مصر الحرة«.. »أخبار اليوم« واجهته بكل ما يثار حوله.. وسألته عن أسباب غيابه عن مصر، وعن استقالته من معهد »كارنيجي« وعن المكاسب التي يسعي لتحقيقها، كما واجهته بما يتردد حول عقده لصفقات مع الاحزاب والقوي الدينية بحثاً عن دور علي الساحة المصرية، وسألته عن رأيه في محاكمة الرئيس السابق مبارك ، وعن تقييمه للمليونيات التي يتم الدعوة إليها أسبوعياً. أجاب عمرو حمزاوي علي مواجهات »أخبار اليوم« بصراحة تامة.. وكان هذا الحوار. فرضت محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك التي بدأت يوم 3 أغسطس الحالي ، نفسها علي الأحداث بوصفها محاكمة القرن .. فدعني أسألك أولاً كيف تري هذا الحدث؟ وهل سيكون للمحاكمة تأثير علي مسار التحول الديمقراطي في مصر خلال المرحلة المقبلة ؟ قال د عمرو حمزاوي: المحاكمة تمثل من وجهة نظري انتصاراً للإرادة الشعبية .. فمنذ 11 فبراير الماضي والناس تطالب بضرورة محاكمة النظام السابق وجميع رموزه ، وعندما تأخرت هذه المحاكمة تم تنظيم العديد من الاحتجاجات ، بالاضافة إلي بدء اعتصام مفتوح بميدان التحريراعتباراً من 8 يوليو الماضي لعدد كبير من القوي السياسية ، مع الوضع في الاعتبار انني ارفض تماماً بعض ممارسات الاعتصام والتي تؤثر سلباً علي مصالح الناس مثل اغلاق مجمع التحرير ، أو الدعوة لاغلاق المجري الملاحي لقناة السويس أيضاً تعد محاكمة الرئيس السابق مبارك انتصاراً لسيادة القانون في مصر، حيث تتم المحاكمة أمام قاضي طبيعي، وهي مسألة مهمة جداً لإحياء دولة القانون، حيث يحاكم الجميع أمام القانون الطبيعي .. كما ان هذه المحاكمة تمثل جسراً لإعادة الثقة بين السلطات والمواطنين بعد فترة من التململ. مليونيات الانقسام هل تري أن المليونيات التي يتم الدعوة لها حاليا توفر مناخاً جيداً للنظام الجديد الذي تتحدث عنه ؟ وهل تري جدوي لهذه المليونيات الآن ؟ في البداية لابد أن نقر بان هناك حقاً دستورياً للمواطن بأن يتظاهر ويعتصم وفقاً للضوابط القانونية ، وهذا الحق انتزعه المصريون انتزاعا بعد ثورة 25 يناير، ولايمكن لأحد أن يسلبه منهم الآن .. ولكن عندما نحاول تقييم الدعوة لتنظيم مليونيات ونتساءل ما إذا كانت تخدم عملية التحول الديمقراطي في مصر ، وتؤدي لعودة الحياة الطبيعية للمجتمع .. فستكون الاجابة »لا« .. فهذه المليونيات لاتخدم أهداف الثورة ولا تساعد في استكمال عملية التحول الديمقراطي ، ولا تساعد علي عودة الحياة الاعتيادية للشارع وذلك للأسباب الآتية أولاً .. هناك مليونيات يتم تنظيمها لتفرقة الصفوف كما حدث ، ومليونيات يتم الدعوة لها كرد فعل علي تفرقة الصفوف كما يجري حالياً ثانياً .. هناك مليونيات تهتم بزرع ثقافة الاستقطاب وتهتم بالصراع بدلاً من التوافق بين القوي الموجودة بالمجتمع .. وزيادة الصراع بين ما نسميه مدنيا أو اسلاميا.. والصراع بين الطرفين لايخدم المجتمع علي الاطلاق ثالثاً .. هناك مليونيات لا تدرك أن المجتمع في حاجة الآن لاستراحة .. لأن البيئة إذا لم تكن مؤهلة لمثل هذه المليونيات فسترفضها وستحدث حالة الانقسام التي نرفضها أنا مصري إذا عدنا بالحوار لشخص عمرو حمزاوي فسنجد أن البعض يصفك بأنك اوروبي أو أمريكي، وأنك عشت في الخارج أكثر مما عشت في مصر ، وبالتالي فلا علاقة لك بما حدث أو يحدث الآن.. ما رأيك؟ قال د. حمزاوي: كيف لايكون لي علاقة بمصر وأنا من مواليد القاهرة في أكتوبر 1967 وأهلي من الصعيد ، سواء من جهة الأب ، أو الام ، لأن كليهما أولاد عم وهما من محافظة المنيا.. كما أنني درست علوم سياسية في جامعة القاهرة وحصلت علي درجة البكالوريوس عام 1988 وبعد ان أديت الخدمة العسكرية درست الماجستير في أمستردام بهولندا وكان موضوعه دراسات التنمية في السياسة ، ثم عدت للتدريس في جامعة القاهرة ، لأنني بعد التخرج كنت قد عينت معيداً بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ، وظللت بالقاهرة لمدة عام .. ثم سافرت لألمانيا عام 1994 وتحديدا في مدينة برلين للحصول علي درجة الدكتوراة ، وانتهي بي الحال للبقاء 10 سنوات في ألمانيا ووقتها قمت بتدريس العلوم السياسية لمدة 5 سنوات في قسم العلوم السياسية ودراسات الشرق الأوسط بجامعة برلين وفي 2004 عدت لمصر وتسلمت العمل في قسم العلوم السياسية بجامعة القاهرة ، واستمرت هذه الفترة عاماً أيضاً ، ثم سافرت للولايات المتحدةالامريكية، للعمل في مؤسسة »كارنيجي« وهي مؤسسة بحثية مستقلة ولاتتبع أي جهة حكومية أو غير حكومية، عودة نهائية عدت لمصر بشكل نهائي في فبراير الماضي .. فهل كان الهدف من عودتك لمصر عقب الثورة في هذا التوقيت هو تحقيق مكاسب سياسية وتسويق نفسك كمفكر أو كقيادة تصلح لتولي أحد المناصب القيادية مستقبلاً ؟. هذا غير صحيح علي الاطلاق، لأنني كنت موجوداً في القاهرة من أكتوبر 2010 وكنت أتحرك أيضاً بين القاهرة وبيروت ، كما قمت بزيارة بعض العواصم الأوربية، وأحياناً الولاياتالمتحدةالامريكية بحكم عملي الأكاديمي، ومنذ 22 يناير ولم تكن الثورة قد بدأت بعد أن كنت موجوداً في القاهرة بشكل دائم وكان لدي محاضرات كثيرة في ذلك الوقت من بينها محاضرة في دار الأوبرا في إطار ندوة نظمها عدد من مراكز حقوق الانسان حول الانتخابات البرلمانية الأخيرة 2010 وأنا كنت من الذين دعوا إلي مقاطعة الانتخابات وكنت من الناقدين لكيفية ادارة هذه الانتخابات ، واستمرت هذه الندوة ليومين ( 22 و23 ) ? ثم قامت ثورة يناير يوم 25 ومنذ ذلك التاريخ لم أغادر القاهرة ، شاركت في الثورة وتواجدت في الميدان مثل باقي المصريين ، وكان أول قرار اتخذته بعد الثورة هو أنه من المستحيل أن أتمكن من التوفيق بين وجودي الدائم في القاهرة وبين عملي في مؤسسة كارنيجي فقدمت استقالتي ، واسستلمت عملي في جامعة القاهرة ولا أري في هذا أي تغيير أوبحثاً عن مكاسب شخصية 3 صيغ للمشاركة هل هذا يعني أنك لن تشارك بشكل فعال في مرحلة التحول الديمقراطي التي تمر بها مصر؟ سأشارك بالطبع .. فانا وبكل تأكيد وبصفتي أحد المواطنين المهتمين بالشأن المصري وبصفتي أحد باحثي العلوم السياسية من الذين تخصصوا في دراسات التحول الديمقراطي ، مهتم جدا بمساعدة مصر علي تحقيق الا نتقال الآمن نحو الديمقراطية، وهذه مسئولية وضعت علي من جانب من يقتنعون بأفكاري ، أومن يرون في افكاري وأرائي شيئاً جيداً ومتماسكاً ،وهذه المسئولية أقدرها وبالتالي افعل ما أستطيعه بصورتين، الأولي هي صيغة المثقف والكاتب الذي يتحدث ويحاور، ويجول أنحاء الجمهورية في محاضرات وندوات عامة حول البناء الديمقراطي وصعوبات الفترة الحالية، والصورة الثانية هي صيغة العمل السياسي والعام من خلال تأسيس حزب »مصر الحرية«، وهناك صيغة ثالثة وهي أنني أتشرف بأنني عضو في المجلس القومي لحقوق الانسان وأتشرف بهذا وسعيد بمشاركتي فيه منذ التشكيل الجديد للمجلس في ابريل الماضي ، وأحاول أن أسهم مساهمة فعالة.. وأنا أري أن من حق أي مواطن البحث عن دور سياسي ولا يعني هذا البحث عن مكسب سياسي بمعني خطف الأشياء من مستحقيها أو تقسيم مصر لتورته او كعكة ، فالحياة السياسية عندما تنفتح فمن حق الجميع أن يشارك بها وانا أرغب في المشاركة ، ولكن مع التاكيد علي أنني لا ابحث عن أدوار مبالغ بها وأعلم تماماً ان هناك الكثير مما لا أعلمه عن مصر وأحتاج أن أدركه وهذا هو احد أسباب اقبالي وانفتاحي علي الحياة السياسية في مختلف أنحاء الجمهورية لانني أريد ان أتعلم. نجحت ولكن!! بحكم خبرتك السياسية ومشاركتك في ثورة يناير ..هل يمكن ان نقول أن الثورة نجحت أم فشلت؟! بكل تأكيد يمكن أن نقول أن الثورة نجحت في تحقيق هدفها الاول وهو اسقاط النظام السابق، وبالفعل أزيح الرئيس السابق وأزيحت دائرة النفوذ حوله، وجميعهم يخضعون حالياً للمساءلة والمحاسبة القانونية ، وذلك يتم - والحمدلله - أمام محاكم اعتيادية وليس استثنائية وتستكمل الثورة نجاحها باجراءات هدم النظام السابق وذلك باحداث تغيير حقيقي داخل مؤسسات الدولة ، وهذا التغيير يتعثر أحياناً ولكن الواقع يؤكد أننا بالفعل نقف علي مسار تحول ديمقراطي حقيقي ، والدليل علي ذلك أن هناك اجهزة أمنية يعاد صياغتها ، وأجهزة كثيرة بالدولة يعاد هيكلتها. والثورة أيضاً نجحت في أن تجعل الديمقراطية ممارسة بدأنا نعيشها.. ولحظة الاستفتاء علي التعديلات الدستورية كانت لحظة شديدة الحيوية ، ورغم أن النقاش الذي سبقها لم يكن كافياً إلا أنها في النهاية تمثل لحظة مهمة جداً في تاريخ المصريين وقد ذهبت للإدلاء بصوتي وكنت من دعاة التصويت ب (لا) لأنني كنت من أنصار الدستور أولاً .. ولكن عقب اعلان النتيجة واكتشفنا أن ارادة المواطنين قالت (نعم) بأغلبية كاسحة وهذا يعني طبقاً لما تم التصويت عليه أن الشعب يريد الانتخابات البرلمانية أولاً ثم الرئاسية ثم الجمعية التأسيسية ثم دستور جديد .. ومن صبيحة اليوم التالي للاستفتاء قلت لابد ان نحترم الممارسة الديمقراطية مؤسسة وطنية هل كان يمكن ل »ثورة يناير« أن تنجح دون مساندة الجيش؟ أن الثورة عندما قامت وجدنا أن المؤسسة العسكرية بوصفها مؤسسة وطنية كعهدنا بها دائماً، عندما خيرت بين الحفاظ علي الرئيس السابق ، وبين الانتصار للشعب والحفاظ علي الدولة اختارت وبصورة واضحة منذ 28 يناير أن تصطف وتصطف مع الحفاظ علي الدولة المصرية، وأن تصطف مع المطالب المشروعة للشعب وجميعنا يتذكر البيانات الأولي قبل رحيل الرئيس السابق، وهذا يؤكد أنها مؤسسة عسكرية وطنية ونحن نرفض المزايدة عليها.. ولكن لكي نجيب عل السؤال السابق فيكفي أن ننظر ناحية الغرب وما يحدث في ليبيا ، أوننظر لما يحدث في اليمن لنعلم ونتأكد ان المؤسسة العسكرية المصرية أرقي من هذا بكثير ، ويكفي منذ نشأتها أنها لم تطلق رصاصة واحدة علي مواطن مصري فهذه المؤسسة تثبت من جديد أن المؤسسة العسكرية مدرسة في الوطنية المصرية ، قد أختلف مع المجلس الأعلي للقوات المسلحة سياسياً، ودعونا المجلس علي سبيل المثال - واستجاب - لعمل تشاركي بدلاً من الانفرادية حول قانون الانتخابات ، كما رفضت عرض المدنيين علي محاكمات عسكرية ، وهذه كلها اختلافات سياسية لا تقلل من الدور الوطني المسئول للمجلس الاعلي للقوات المسلحة ، ولا تقلل علي الاطلاق من احترامي لما يقومون به، وتفاعلي معهم ولقاءاتي مستمرة معهم وأتحدث بذات اللغة الصريحة ولايعني ذلك الخلط بين الدور السياسي للمجلس وبين المؤسسة العسكرية وهي بكل أمانة خط أحمر وضمانة لانتقالة حقيقية علي الأرض لتحول ديمقراطي ديمقراطي . الأحزاب الدينية إذا كانت هذه الضمانة موجودة وتقوم بدورها علي أكمل وجه .. فهل تري أن تأسيس مجموعة من الاحزاب السياسية علي أساس ديني أو ذات مرجعية دينية يمكن أن يعوق مرحلة التحول الديمقراطي بشكل عام؟ الاجابة علي هذا السؤال تتطلب شرح جزئيتين وهما أولاً شروط العمل السياسي في النظم الديمقراطية وتتضمن الالتزام بالعمل السلمي .. وهذا يعني باختصار شديد أن كل من يمارس العنف أومن يحرض عليه بأدوات إعلامية أو بأي أدوات أخري فهؤلاء لامكان لهم في الحياة السياسية ، ويحظر نشاطهم تماماً ، مثل الأحزاب النازية وأحزاب اليمين واليسار المتطرف فهي محظورة تماماً في أرقي ديمقراطيات العالم..والعمل السياسي في النظم الديمقراطية يلتزم تماما بالمرجعية الدستورية .. فالدستور هو الوثيقة الأم وهو الوثيقة الاساسية التي ستحدد لنا كيف نمارس السياسة وكيف نحدد علاقة المواطنين بالمجتمع في مصر. والجزئية الثانية وهي الأصعب وتدور حول الأثار والتحديات التي يمكن أن تفرضها مشاركة التيارات ذات المرجعية الاسلامية علي مرحلة التحول الديمقراطي .. وهنا في الحقيقة يوجد نوعان من التحديات من وجهة نظري ، الأول هو حديث النوايا.. وهو حديث مرفوض تماماً .. حيث تجد من يقول لك ان هذه القوي قد لا تلتزم بالديمقراطية.. وهل هم دعاة صندوق انتخاب لمرة واحدة وبعدها يستأثرون بالسلطة؟ .. وهذا الحديث لايعنيني حقيقة.. لأنه لايجب أن أشكك في فصائل وطنية موجودة معنا، خاصة أنني لم أر حتي الآن انقلاباً من التيارات الاسلامية علي قواعد اللعبة الديمقراطية ..، بل علي العكس تماما وللأسف الشديد هناك بعض التيارات وأنا قريب منهم فكرياً لم يلتزموا بقواعد اللعبة الديمقراطية، حيث تحايلوا علي الاستفتاء بتحفظات شكلية علي الاعلان الدستوري، وصنعوا نقاشا من لاشيء. دولة مدنية الدولة المدنية التي تدعو إليها .. ماذا تعني من وجهة نظرك ؟ الدولة المدنية ليست دولة عري وإباحية .. وانما تعني باختصار شديد .. الدولة التي تنظر للمواطنين باعتبارهم مواطنين..!! فلا تفرق بين مواطنيها لا علي أساس الانتماء الديني أو النوع ولا علي اساس الخلفية الاجتماعية أوالهوي السياسي ، ولا تميز ضد أي مواطن وتضمن هذه المساواة في دستورها، الدولة المدنية هي التي تعامل المواطنين بصورة محايدة علي مستوي التعامل اليومي في جميع مؤسساتها فلا تعين مدرساً مساعداً لكونه مسلماً وترفض تعيين آخر لكونه مسيحياً، والدولة المدنية لا تقصي الدين عن السياسة ، ولا تقصي الدين عن المجتمع ، بل تنظم العلاقة بين الديني والسياسي ، بما يشملة من دستور وقانون وممارسات يومية ، وانتخابات واستفتاءات . الامر الثاني أن الدولة المدنيه تنزه دور العبادة عن استخدامها في السياسة باسم الدين.. فغير مقبول أن يقف مثلاً إمام علي منبر ويقول للمصلين في الانتخابات القادمة اذهب أيها المواطن وانتخب فلان لمصلحة الحزب الفلاني.. فهذا غير مقبول.. وهذا الأمر ينطبق علي الكنائس أيضاً، كما لا يحق لأحد أن يعرض برنامجاً انتخابيا ويقول أن هذا هو برنامج الاسلام.. فماذا سيفعل إذا فشل البرنامج .. هل معني هذا أن الاسلام فشل.. وهذا يؤكد أن المرجعية النهائية للدولة المدنية تكون للدستور الملتزم بالمرجعية الدينية كما في حالتنا بمصر..والدولة المدنية تؤسس علي الحرية ولكنها ليست الحرية المنفلته من اي قيد ، ولاتوجد حرية بمعني اباحية ، انما الحرية مرتبطة بالصالح العام الذي يختلف تعريفه من دوله لأخري.. فهناك سلوكيات مقبولة طبقاً للصالح العام في السويد وامريكا تختلف تماماً عما هو مقبول في مصر.. وأنا لا أدعو لهذه الحرية بل أدعو لحرية منضبطة ومرتبطة بالصالح العام سيناريو المستقبل وهل تملك تصوراً للتحول الديمقراطي في مصر ، أم أن سيناريو الديمقراطية ستفرضه اختيارات الشعب وما سيأتي به المستقبل؟ نعم أنا أمتلك تصوراً لما أريد أن يكون عليه الحال ، لكنني في الواقع أتفق مع الجزء الثاني من السؤال وهوان سيناريو التحول الديمقراطي في مصر ستفرضه الأحداث، والدليل علي ذلك ما حدث في الاستفتاء والذي جاء بمسار مخالف تماماً لتوقعاتي، ولكن في واقع الحال فإن عبقرية الديمقراطية أنها لاتخيرك بين شر مطلق أو خير مطلق .. فلم أذهب للاستفتاء وأنا أشعر بأنه إذا لم تتحقق رغبتي فإن مصر ستذهب إلي كارثة بل إلي مسار آخر محترم وله مصداقية ، وفي جميع الأحوال لن تذهب مصر إلي كارثة الفشل وارد وكيف تري مستقبل التجربة المصرية في التحول الديمقراطي وما هي احتمالات النجاح والفشل ؟ أخشي ما أخشاه هوالخلط الذي يمارسه البعض بين هدم مؤسسات النظام القديم كأحد ركائز التحول الديمقراطي بعد الثورة وبين هدم مؤسسات الدولة، أنا أؤمن أن مسار التحول الديمقراطي تدريجي وبه الكثير من الصعوبات ، وأتمني ألا نعود للوراء أو نفشل لأن هذا قد يحدث فهناك بعض الدول عقب ثورات عديدة قامت فيها عادت للوراء وفشلت تماماً في احداث نقلة ديمقراطية مثل الاتحاد السوفييتي السابق أو روسيا الحالية ، فقد شاهدنا بها ثورات أعوام 89 و90 و1991 والنتيجة الآن أسوأ من النظام السابق.. لذلك فإن احتمالات الفشل والنجاح قائمة، وأتمني أن ننفتح في مصر علي ثقافة ديمقراطية حقيقية بها الرأي والرأي الآخر دون اتهامات أو تخوين ودون افتراءات.. ومادمنا جميعا نلتزم بالعمل السلمي العام فسنتجاوز هذه المرحلة بسلام
وأخيراً كيف تري صورة مصر في المستقبل؟ رغم كل ما يحدث فأنا متفائل بأن مصر ستتجاوز هذه المرحلة.. وطبيعي جدا أن تجد خلال هذه المرحلة بعض الحالمين وبعض المتاجرين بمصالح الناس، وستجد أيضا من يريدون بالفعل الخير لمصر.. والحكم في النهاية لصندوق الانتخاب.