علي طول الطريق الدائري حول القاهرة يمكن ملاحظة ما تم تنفيذه من قرار طلاء واجهات العقارات المطلة علي الطريق بلون موحد، ورغم أنه أفضل بالتأكيد من مشهد »الطوب الأحمر» الذي كان مألوفا قبل تنفيذ القرار،إلا أن طريقة التنفيذ تفتقد إلي درجة الإتقان المتوقعة،فهي تترك جوانب العقارات بلا طلاء ليظل التشوه موجودا رغم طلاء الواجهات، وهو نفس ما حدث عند ترميم الطريق الدائري من الحفر والمطبات دون إعادة رصفها بنفس منسوب الطريق، وهو نفس ما يحدث غالبا عند ترميم الطرق والأرصفة، فلا تعود إلي سيرتها الأولي ولا تحمل درجة الجودة والصلاحية المطلوبة، لأن منهج العمل هو الالتزام بالوقت والتكلفة وليس الإتقان في الأداء. وإذا كان كل عمل يمكن أن يتم بدرجات متفاوتة من الاتقان تؤدي إلي نقص أو زيادة درجة الرضا عنه، يصبح مؤكدا أن غياب الإتقان هو السبب الرئيسي في غياب جودة تنفيذ أي عمل، وبالتالي عدم تحقيق الهدف المراد تنفيذه بأفضل صوره،رغم ما يتم بذله من وقت ومال وجهد،فهل العيب في اسلوب الادارة أم في غياب ثقافة الإتقان والتميز في كل عمل عام وغلبة الميل للإهمال والتكاسل والتسرع؟ لو بحثنا وراء كل عمل غير متقن سوف نجد أن هناك أسبابا أدت إلي هذه النتيجة، منها غياب روح الفريق والتركيز علي شخص واحد تنسب إليه كل الجهود وتترك له كل المسئوليات، ومع غياب المحاسبة والمساءلة والرقابة يصبح حرا في تنفيذ أي عمل كما يحلو له دون قواعد محددة ودون سعي للإتقان ويكون طبيعيا أن تحدث الأخطاء التي تتحول أحيانا إلي كوارث، والمشكلة أن كثيرا من المسئولين يرون أن النقد هو انتقاص من عملهم وتقليل من شأنهم. يذكرنا الحديث النبوي الشريف »إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه» بضرورة السعي للإتقان لأنه الطريق نحو التطور والارتقاء، وحين يصبح الإتقان ثقافة يتم تدريسها بالمدارس والجامعات وأماكن العمل سوف يتغير حالنا للأفضل.