»ما اشبه الليلة بالبارحة» هذه العبارة تنطبق فعليا علي الشركات المصرية المشاركة في معرض هايم تكستايل الدولي للمفروشات المنزلية الذي ينظم في أوائل شهر يناير من كل عام وتستضيفه مدينة فرانكفورت الالمانية.. في نفس الفترة تقريبا من العام الماضي كانت تنادي الشركات العاملة في قطاع المفروشات والمنسوجات والوبريات والبالغ عددها وقتذاك 46 شركة الحكومة بسرعة التدخل لإنقاذهم من المخاطر التي تحوم حول هذه الصناعة وكان أبرزها زيادة دعم المعارض الدولية وفتح اسواق بديلة في القارة الافريقية؛ وازالة القيود التي تفرضها البنوك علي هذه الصناعة المصنفة. في هذا العام وفي الفترة من 9 الي 11 من الشهر الجاري لم يتغير الوضع بل أضيف له بعض المشاكل والتي كان لها الأثر في تقليص عدد الشركات المشاركة في الجناح المصري المتواضع في تصميماته مقارنة بالدول المنافسة وغير المنافسة، حيث خرجت 14شركة من سوق المنافسة وأحجمت عن المشاركة نتيجة عدم قدرتها علي المنافسة الخارجية خاصة فيما يخص الأسعار مع دول الفار ايست وتركيا والبرتغال التي تنطلقان بقوة للاستحواذ علي حصة الشركات المصرية في الاسواق الأوروبية. هذا العام تضاعفت المشاكل والتحديات التي تواجه الصناع، حيث زيادة الأعباء وعدم صرف المساندة التصديرية لأكثر من ثلاثة أعوام متتالية وتقليص دعم المعارض، وارتفاع الفائدة البنكية، وعدم القدرة علي تطوير الآلات المستخدمة في الانتاج وارتفاع أسعار الطاقة، والضريبة العقارية علي المصانع، جعل الكثير هنا من الشركات المصرية تتخذ قرارها بتقليص حجم إنتاجها تمهيدا للخروج من الصناعة التي افنوا عمرهم كاملا فيها. داخل صالتي 9، 12 داخل مدينة معارض فرانكفورت تصطف اجنحة الشركات المصرية العارضة في صفوف متساوية وفي شكل واحد لا يستطيع الزائرين التفرقة بينهم سوي من خلال اسم الشركة التي تتصدر واجهة الجناح. دول عديدة تمثلها شركات تحيط بالجناح المصري الذي يبدو امام الجميع انه يفتقر وبشدة للإبداع في التصميم فعلي سبيل المثال حرصت دول مثل تركيا والبرتغال واليونان وبنجلاديش علي الاستعانة بأشهر الشركات العاملة في مجال تصميم الأجنحة وذلك لمساعدتهم علي إبراز منتجاتهم بطريقة عالمية، والغريب ان احدي الشركات المصرية استعانت بمسامير كوسيلة لعرض منتجاتها. في اليوم الاول من افتتاح المعرض حرص ممثلو اغلب الحكومات المنافسة في هذه الصناعة علي التواجد بصحبة الشركات حيث كان هناك عدد كبير من الوزراء يقومون بجولات في اجنحة شركاتهم المحلية للتعرف علي الصعوبات التي تواجه منتجاتهم في المنافسة العالمية مع نظيرتها من الشركات. داخل الجناح المصري حركة الزائرين بطيئة نوعا ما، فأسعار المنتجات المصرية لا تتماشي مع عارضي الدول الاخري، سألت المهندس وليد الكفراوي صاحب شركة الكفراوي لصناعة الفوط عن الأسباب التي أدت الي ارتفاع تكاليف المنتج المحلي فاجاب : صناعة المنسوجات لا تجد الاهتمام الحقيقي من قبل الحكومة، فزادت مشاكلها وزادت معها تكاليف الانتاج ومن المستحيل ان نصنع منتجا لكي نخسر فيه، لكن ما يحدث الان من توقف صرف المساندة التصديرية وفرض ضريبة عقارية وارتفاع تكاليف الإنتاج وتخلي الحكومة عن مساندة هذه الصناعة مثلما تساند معظم الدول جعل تواجد المنتجات خارجيا اشبه بالمستحيل، فلم نسمع من قبل ان نجحت شركة في منافسة دولة وهذا ما يحدث الان الشركات المصرية تنافس بمفردها دول تدعم وتساند شركاتها المحلية لم يتغير الوضع كثيرا حيث اكد اسامة الشيخ صاحب احدي الشركات العارضة انه قام بعرض مصنعه للبيع نتيجة عدم قدراته علي المنافسة الخارجية، وأشار الي أن 1٫2 مليون عامل يمثلون جزءا كبيرا من عمال القطاع الخاص يعملون في الغزل والنسيج في حين يعمل 58 ألف عامل في شركات الغزل والنسيح التابعة لوزارة قطاع الأعمال العام الذي تبلغ خسائر شركاته نحو 2٫4 مليار جنيه سنويا لافتا الي انه لا بد من مساندة الدولة للقطاع الخاص لزيادة الصادرات ويساهم في جلب العملة الصعبة ولا سيما ان المساندة توجه للمنتجات وليس للمصدرين، معتبرا ان المساندة جزء من تكاليف الانتاج. وقال محمد الفوطي رئيس احدي الشركات المصرية المشاركة في المعرض ان الغرض الرئيسي من مشاركة الشركات المصرية هو التواجد والمنافسة مع الشركات العالمية،لافتا الي ان المنافسة صعبة في قطاع الوبريات علي سبيل المثال مما يتطلب المزيد من الدعم الحكومي. ومن جانبه اكد المهندس سعيد احمد عضو المجلس التصديري للغزل والمنسوجات والملابس الجاهزة والمفروشات المنزلية ان زيادة الأعباء التي تتحملها الصناعة الوطنية ساهمت في تراجعها خلال الآونة الأخيرة، واشاد بالدور الذي يلعبه بنك تنمية الصادرات برئاسة ميرفت سلطان التي حرصت علي إرسال مندوب عنها للتعرف علي احتياجات الصناع المشاركين في المعرض. وقال ان المجلس التصديري بتشكيله الجديد والذي يترأسه المهندس مجدي طلبة سوف يبحث التحديات التي تواجه صادرات القطاع، وإعداد مذكرة بالحلول والمقترحات وسوف يناقشها رئس المجلس مع وزير التجارة والصناعة.