شهر من المتعة والإثارة والأجواء الاحتفالية المبهرة شهدها كأس العالم في روسيا 2018. حظيت البطولة بمتابعة وشغف أكثر من ملياري مشاهد حول العالم، وسوف يظل مونديال روسيا 2018 في ذاكرة الجماهير لفترة طويلة باعتباره نموذجاً في روعة التنظيم ودقة الإدارة. تفوقت روسيا في تقديم صورة ذهنية رائعة عن الدولة تؤكد استعادتها لدورها الريادي عالمياً في كافة المجالات. استقبلت روسيا أكثر من مليون سائح لمتابعة المونديال تدفقوا من كل أرجاء العالم إلي العاصمة موسكو وكافة المدن التي استضافت البطولة دون أن يقع ما يعكر الصفومن أحداث شغب أوإرهاب أوخروج علي النظام العام، وحققت روسيا أكثر من 20 مليار دولار أرباحاً، فضلاً عن تطوير المنشآت والبنية التحتية وجذب السياحة، وتصدير صورة ذهنية رائعة عن الدولة لا تقدر بمال. شهد افتتاح وختام البطولة أجواء احتفالية باهرة، وحاز منتخب فرنسا علي البطولة بعد فوزه في المباراة النهائية علي دولة كرواتيا الفتية بأربعة أهداف مقابل هدفين في لقاء حماسي رائع حبس الأنفاس من بدايته لنهايته. شهد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مراسم الختام بصحبة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، ورئيسة كرواتيا كوليندا كيتاروفيتش،ورئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جياني إنفانتينو، وقاموا يتسليم الميداليات الفضية للمنتخب الكرواتي، والميداليات الذهبية وكأس البطولة للمنتخب الفرنسي. كشف هذا المونديال عن الكثير من الدروس المستفادة، منها التحلي بالإرادة القوية، والتخطيط المحكم، والالتزام التكتيكي وتوزيع الجهد داخل الملعب طوال المباراة، وعدم فقدان التركيز من بداية المباراة حتي صافرة الحكم في نهايتها، وأن العبرة ليست باسم الدولة وتاريخها السابق، وإنما بالعزيمة والسعي لتحقيق الفوز، وتبين أن العمل بروح الفريق يتفوق علي المهارة الفردية مهما علا شأنها. ساهم كل ذلك في إعلاء شأن دولة كرواتيا عالمياً، وهي دولة صغيرة لا يتجاوز عمرها 27 عاماً، ولا يزيد عد سكانها علي أربعة ونصف مليون نسمة بعد أن استقلت عن دولة يوغوسلافيا السابقة، وأصبحت كرواتيا ثاني أصغر دولة في التاريخ تتأهل للمباراة النهائية، كما فاز نجمها الموهوب لوكا مودريتش (32 عاما) بجائزة أفضل لاعب في البطولة بعد أن نجح في قيادة فريقه إلي المباراة النهائية، وكان قادراً علي صناعة الفارق في صفوف فريقه وقراءة المباريات وتغيير مسارها في معظم الأحيان. كان من اللافت الظهور الطاغي للسيدة" كوليندا كيتاروفيتش" رئيسة كرواتيا بحضورها معظم المباريات وتشجيع فريقها كمواطنة عادية بدرجة رئيسة جمهورية، وكانت ترتدي تي شيرت بألوان علم بلدها، وحرصت علي تشجيع اللاعبين ومؤازرتهم حتي مراسم ختام البطولة. لقد وضعت روسيا صعوبة كبيرة أمام أية دولة تفكر في استضافة البطولة مستقبلاً.