رئيسة الوزراء البريطانية »تريزا ماي» فخورة جدا بدور بريطانيا في اغتصاب أرض فلسطين وطرد أهلها لتكون هذا الكيان الصهيوني الذي مازال يتوسع ويحتل ويمارس أبشع ألوان العنصرية. السيدة الفخورة دعت نتنياهو الي لندن للاحتفال بمرور مائة عام علي إصدار وعد »بلفور» الذي أعطي فيه من لا يملك »بريطانيا» الأرض الفلسطينية لمن لا يستحق »الصهاينة». كما وصف الزعيم الراحل جمال عبدالناصر هذا الوعد البريطاني الذي جسد بداية المأساة الفلسطينية كما جسد بداية مخطط زرع الإرهاب في المنطقة.. علي يد العصابات الصهيونية واستنزاف القدرات العربية في مقاومة أخطار هذا الكيان الذي تم زرعه ليكون قاعدة لتنفيذ كل ما يعطل نهضة العرب. ولست أدري لماذا داهمني خاطر آخر قد يبدو بعيداً عن »بلفور» ووعده وعن »السيدة ماي» وفخرها!!.. سألت نفسي: هل لو كان حكم الإخوان الفاشي قد استمر لا قدر الله.. فمتي كانت بريطانيا ستحتفي به؟ ومتي كانت ستجد الشجاعة لتعترف بدورها في دعم »الإخوان» منذ نشأتهم المشبوهة؟.. ومتي كنا سنسمع مسئولة مثل السيدة »ماي» تعلن فخرها بأن بريطانيا دعمت الإخوان كما دعمت نشأة إسرائيل؟!. لقد سقط حكم الإخوان الفاشي وسقطت معه أقنعة عديدة لتكشف عن حقائق كثيرة عن مخططات دعم الجماعات الإرهابية.. ومع ذلك فالمشهد في لندن يكشف عن حكومة تحتفل بمرور مائة عام علي وعد بلفور الذي بدأ مأساة فلسطين وتعلن فخرها بذلك.. وفي نفس الوقت تبسط حمايتها علي تنظيم »الاخوان» وترفض إدراجه في قائمة الجماعات الإرهابية وتترك له الساحة ليواصل التآمر علي مصر وعلي الشعوب العربية والإسلامية. ترفض بريطانيا الاعتذار عن جريمة، وعد »بلفور» وما تبعها من تآمر علي فلسطين، وتعلن فخرها واعتزازها بما فعلت.. وترفض بريطانيا إدراج »الإخوان» ضمن الجماعات الإرهابية وتتركهم يحولون »لندن» الي مركز لتآمرهم.. وربما تطالبنا نحن بالاعتذار عن إصرارنا حتي اليوم علي حقوق الشعب الفلسطيني، وعلي ما فعلناه حين اسقطنا حكم الإخوان الفاشي، وأنهينا سطوة الجماعة التي دعتها مخابرات بريطانيا منذ نشأتها بالقرب من قيادة جيش الاحتلال بالاسماعيلية، وكشفناعن أن المشروع الذي بدأته بريطانيا استمر معها ومع غيرها من »الرعاة» الذين وجدوا في حكم »الإخوان» استكمالا لمخطط وضع المنطقة تحت حكم الجماعات الدينية وتقسيم دولها علي أسس مذهبية وطائفية لتكون استكمالا لما بدأ مع اسرائيل وتدعيمها لوجودها!! وبعيداً عن حكاية »الاعتذار» الواجب من بريطانيا عن »وعد بلفور» وعن غيره من الجرائم التي ارتكبها الاستعمار البريطاني في حق شعبنا والشعوب العربية.. فإن علينا أن ندرك أن الاعتذار الحقيقي لابد أن تتم ترجمته بالوقوف مع المطالب المشروعة للشعب الفلسطيني. ثم بالتوقف عن أي دعم لجماعة إرهابية مثل »الإخوان» وتوفير الملاذ الآمن لزعمائها بدلا من تسليمهم للعدالة ليحاكموا علي جرائمهم التي ارتكبوها في حماية »رعاة» من القوي الكبري، وفي ظل مخططات تري أن الجماعات التي تتاجر بالدين هي العون الأساسي لكل من يستهدفون ضرب العروبة والإساءة للاسلام ووضع المنطقة كلها تحت هيمنتهم. وبعيداً ايضا عن حكاية »الاعتذار» فقد كنت اتمني لو أن الجامعة العربية »رد الله غيبتها!!» قد أتيح لها أن تنتهر الفرصة فتعقد مؤتمرا عالميا يحضره صفوة من المفكرين العالميين والعرب، نسلط فيه الأضواء علي قضية الشعب الفلسطيني، ونبحث فيه عن أسباب المأساة الفلسطينية، ونركز علي المسئولية العربية فيما حدث، ولماذا استمرت الأخطاء واستمر العجز عن مواجهة مخططات الاعداء لنواجه الآن بوضع تم فيه تدمير قوة العراق ونشر الخراب والفوضي في سوريا وليبيا واليمن، وليكون إنقاذ مصر من براثن »إرهاب الإخوان في 30 يونيو بمثابة المعجزة التي منعت باقي العالم العربي من السقوط في هذه الهاوية؟!» كنت أتمني أن نناقش أخطاءنا وأن نضع »روشتة» علاجها وأن نلزم أنفسنا بخريطة طريق للإصلاح، وبخطة واضحة للانتقال من أسر الماضي لمواجهة تحديات المستقبل، وكنت - في نفس الوقت- أتمني ان يكون الرد علي الموقف البريطاني الفخور بوعد بلفور، والمتمسك برعاية »الإخوان» رداً يتجاوز بيانات الادانة الي قرارات بإلغاء صفقات لشرء اسلحة نجد افضل منها عند آخرين- أو بسحب استثمارات تحتاجها أسواقنا بدلا من ان تدعم خزانة من يفخرون بوعد بلفور- ويحتفلون مع نتنياهو - ويرعون جماعات الإرهاب. كنت- ومازلت- أتمني ان تكون تجربة المائة عام بعد و»عد بلفور» قد أكدت لنا أننا بحاجة الي وعد آخر نقطعه لانفسنا بأن ننحاز للعلم والعمل، وللعدل والحرية، وللدولة المدنية الحديثة، القادرة علي وضع حل لأطماع الآخرين ومخططاتهم. لو فعلنا ذلك لما جرؤت »السيدة ماي» بأن تفخر بجريمة شردت شعبا، ولما وجدت جماعات الإرهاب من يرعي ويوفر الدعم والملاذ الآمن، ولما انشغلنا- كثيرا أو قليلا- بطلب الاعتذار - بدلا من إرغام من أخطأ علي تصحيح الخطأ ورد الحقوق لأصحابها. لكننا لم نفعل. ولهذا يحتفل من »لا يملك» مع من »لا يستحق»!!