في الوقت الذي كان فيه العرب يجتمعون لمناقشة أحوالهم وما آلت إليه أوضاعهم خلال قمتهم رقم 22 في سرت بليبيا كان رئيس العراق »الكردي« جلال طالباني ونائبه »الشيعي«« عادل عبد المهدي في زيارة عمل لايران تلبية لدعوة من الرئيس احمدي نجاد. وبرغم تأكيد كل من »الضيف والمضيف« علي ان الزيارة هي للاحتفال بعيد رأس السنة الفارسية »النوروز« ، الا أن كل الدلائل والتكهنات اشارت الي أن تشكيل الحكومة العراقية الجديدة كان هو الموضوع الاساسي والرئيسي في مباحثات المسئولين العراقيين مع نجاد وزمرته من أركان الجمهورية الإسلامية. والحقيقة إن ما زاد من الشكوك والاقاويل هو تأكيد مصادر عراقية ان وفودا من »الائتلاف الوطني« بزعامة عمار الحكيم و»ائتلاف دولة القانون« بزعامة نوري المالكي سافرت هي الاخري الي طهران قبل أيام للاتفاق علي دمج الائتلافين في كتلة برلمانية واحدة ولقاء مقتدي الصدر زعيم التيار الصدري للتنسيق بشأن تشكيل الحكومة الجديدة.. الامر الذي يعني ان تشكيل حكومة العراق المقبلة أصبح شأنا يتم بحثه وتسويته في ايران ولا عزاء للناخب العراقي الذي ذهب الي صناديق الاقتراع علي امل اختيار من يحكمه فإذا بمن يفترض انهم قادة ومسئولون يذهبون للخارج من أجل الحصول علي الاوامر والتعليمات ولتذهب ارادة العراقيين الي الجحيم! ولعل كلمات اياد علاوي رئيس القائمة العراقية التي فازت بأكبر عدد من الاصوات في الانتخابات تلخص هذه المأساة حيث قال علاوي ان ما تفعله الاحزاب الشيعية الكبري هو »لعب بالنار« وان تهميش كتلته التي تضم طوائف مختلفة قد يعيد العراق إلي أعمال العنف الطائفية. وقال علاوي وهو شيعي علماني أن الاندماج المقترح لتشكيل حكومة بين ائتلاف دولة القانون الذي يقوده المالكي والائتلاف الوطني العراقي الذي يضم الحكيم والصدر هو في واقع الامر عودة الي الحكم الطائفي وسيسبب انتكاسة خطيرة وشديدة للبلاد وسيعيدنا الي نقطة البداية وأضاف »للاسف.. يمكنني ان أري العنف.. وربما العنف الشديد«. ان التهافت علي إيران ومطالبتها بالتدخل في مسألة حسم معضلة رئاسة الوزراء في العراق أصبح واقعا لا يقبل الشك بل ان ما يزيد الطين بلة هو أن هذا التوافد الي إيران جاء في وقت كان فيه العرب يجتمعون ليقرروا اختيار بغداد مكانا لانعقاد قمتهم المقبلة مما يعطي الانطباع بأن ما يجري علي أرض الواقع في بلاد الرافدين شئ وما يتحدث عنه الزعماء والقادة العرب شئ آخر تماما.. فهل يدرك العرب أن العراق بلد عربي يتعرض لمؤامرة تتطلب الدعم والمساندة أم سنكتفي ايضا بالفرجة حتي تنتهي إيران من ابتلاعه؟