مها عبدالفتاح كان لزاما أن يبادر احد ويحاول زرع شجرة في ظل هذا الهجير من صراع دائر! هكذا وبكل هدوء وبلا ضجيج،اعد وانعقد هذا الحدث في هيئة مؤتمر، الذي سبقه جهد دءوب طال لنحو عام كامل.. لا عقدته وزارة ولا تولت أمره منظمة عالمية ولا دولية بل بادر به ودعا اليه ومن تولاه تنظيما واستضافة علي مدي يومين هي جامعة مصرية خاصة تعرف اختصارا بالحروف الثلاثة MSA استوحت من المحنة الاقتصادية مبادرة ضمت جميع جامعات مصر قاطبة! مجمع عقول في الاقتصاد والادارة واحتشدت لتساهم في حل مشاكل الاقتصاد المصري.. منذ مارس الماضي والدعوة والاتصال قائم مع جميع الجامعات المتواجدة علي ارض مصر، من حكومية وخاصة، مركزية واقليمية، وجميعهم استجابوا، وهذه ظاهرة في حد ذاتها تستوجب التنويه... تم اختيار 23 ورقة شارك فيها 57 باحثا أكاديميا حاصلين علي درجة PHD بينهم باحثون من جامعات في ألمانيا والمملكة المتحدة واسبانيا. المثير أن تجد جنبا الي جنب المشاركة من الاكاديميين الشباب، تواجد عدد من أبرز العقول الاقتصادية ممن حملوا المسئوليات الرسمية في السابق واللاحق.. بين من شاركوا متحدثين الي المؤتمر كل من د. سلطان أبو علي ود. مصطفي السعيد وزيري الاقتصاد السابقين، كما شارك بالحضور أستاذ الاقتصاديين د. عبد العزيز حجازي رئيس الوزراء الاسبق والمهندس حسب الله الكفراوي. تحدث في الجلسة الافتتاحية كل من وزير الاستثمار د. اسامة صالح، ووزير التخطيط والتعاون الدولي د. أشرف العربي الذي أعلن في كلمته عن نبأ المؤتمر الدولي المزمع اقامته بمصر في شهر أبريل المقبل، ويجمع نخبة من الاقتصاديين وبيوت الخبرة والأكاديميين ليبحثوا معا مرحلة التحول التي تجتازها البلاد، وكيفية التعامل مع التحديات، ويضعوا خريطة طريق واضحة للمستقبل. مؤتمر الأكاديميين هذا، غير أنه يشجع الطلبة وشباب الأكاديميين علي الاجتهاد والبحث العلمي والابتكار في ايجاد حلول، له هدف آخر لا يقل أهمية ومعمول به في الدول المتقدمة، وهو فتح وصلة الاتصال بين دوائر البحث العلمي مع دوائر صنع القرار والقائمين علي التنفيذ سواء في الوزارات والهيئات الحكومية، أو المؤسسات والهيئات التي تتطلب ذلك. يبقي طموح آخر لهذا المؤتمر وهم بسبيل تحقيقه حاليا وهو تجميع جميع ما تم تقديمه في المؤتمر من أبحاث ليضمها "كتاب" بسبيل أن ينشر ليكون بين أيدي أصحاب القرار والتنفيذ، وجميع الجهات المسئولة، وكل من يريد الاطلاع عليه من الاقتصاديين. اليوم الأول للمؤتمر دار معظمه حول ايجاد اجابات عن تساؤلات مهمة: هل المجتمع الذي يتمتع بحكم ديمقراطي يؤدي لنتائج تنمية اقتصادية أكبر؟ ولماذا.. اذن هل الديمقراطية ضرورة لتحقيق الاقتصادي؟ اليوم التالي طرح موضوع "الحوكمة" باستفاضة من خلال الاوراق المطروحة، تناولت التحول الديمقراطي والحوكمة الرشيدة وتأثيرهما علي التنمية الاقتصادية. التركيز أولا علي تحديد المفاهيم الاساسية للديمقراطية.. ثانيا: تفسير العلاقة بين الديمقراطية والحوكمة والتنمية.. ثالثا: تحليل عملية التحول الي الديمقراطية والحوكمة، من حيث المتطلبات، والحدود.. رابعا: واخيرا تفسيرهما من خلال التجارب. السطور التالية تحمل "لمحة" سريعة من سمات اساسية تم تناولها في أوراق البحث العلمي، وتكشفت عن مدي أهمية موضوع الحوكمة والحكم الرشيد.. وقد نالا قسطا كبيرا من اهتمام الباحثين والحضور. تبين أن "الحوكمة" هذه تأثيرها مباشر وفعال، ينضح اما ايجابا أو سلبا علي الأداء الاقتصادي لمؤسسات الدولة، أي دولة، بالخصوص في الدول النامية، ولهذا أصبحت من أولي الضروريات للحد من الفساد الحكومي.. من الرشوة الي المحسوبية والتربح من الوظيفة العامة الي أوجه استغلال النفوذ الخ.. وليكن معلوما أن الفساد هذا قد تبين أنه التحدي الاكبر الذي تواجهه الدول النامية في طريق سعيها الي التنمية. لهذا تكون أول وأهم خطوة تهدف لتنقية جسد أمة استشري فيها الفساد، انما تكمن في اتخاذ الحوكمة والحكم الرشيد مفتاحا لطريقها.. بل ان التوسع في التطبيق هو ما يجتث الفساد الحكومي من جذوره! هنا لابد من وقفة تفسير لهذا التعبير الذي اصبح واسع الانتشار في المحافل الدولية وبين منتديات الفكر الاقتصادي... ما يعرف بال governance أي الحوكمة هذا مفهوم حديث ظهر منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي. أبرز مواصفاته الشفافية، والنزاهة، والمشاركة المجتمعية، التعبير جاء من أدبيات المنظمات الدولية للأمم المتحدة التي تتناول التغيير للأفضل "كيفا" في حكم الدول خصوصا النامية. مفهوم أقرب ما يكون الي عقد اجتماعي جديد ومشترك بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني... تطبيق يجسد ما يعرف بالتعددية، يكفل العدل والانصاف للمواطن، وحق المساءلة العامة للحكم، واحترام القانون وحقوق الانسان من الطرفين. وللعلم المنظمات الكبري والدول المانحة والهيئات الدولية التي تقدم القروض، كلها تشترط حاليا توافر هذه المواصفات لتتعامل مع الحكومات! موضوع آخر نال اهتماما خاصا هو "إدارة المخاطر" وجاء في صلب العنوان الرئيسي لهذا المؤتمر... بين أوراق البحث دراسة عن ضرورة »قيام علاقة متوازنة بين حالة التحول الديمقراطي والأمن القومي للبلاد«.. بمعني آخر: "إدارة مخاطر الدولة" تعتبر من "المتغيرات" أي تحتاج لتطوير مستمر... أخيرا وليس آخرا: هذا الحدث الفريد الذي ضم جميع جامعات مصر مجتمعة، والذي لم يتوقف بانتهاء المؤتمر، بل يبدأ مرحلة جديدة في أعقابه، ممثلة في تحويل توصياته الي خطة عمل تنفيذية في ادارة المخاطر الاقتصادية.. هذا المؤتمر الحدث في حد ذاته وراءه سيدتان مصريتان، وشهادة أخري وكبري عن مدي قدرات المرأة في مصر... الفكر الملهم الذي تجسد في هذه المبادرة جاء من رئيس مجلس الامناء هذه الجامعة الفتية: د. نوال الدجوي ذات السجل العريق في مجال التعليم والمعرفة.. أما الشخصية الاخري التي قامت بعبء الاعداد والتنظيم والتنسيق الي سائر مهام الاتصالات والتنفيذ فهي أ. د. نجوي خشبة وكيل كلية علوم الادارة بهذا الصرح العلمي الحديث علي ارض مصر.