سمىر عبدالقادر عودتنا محافظة القاهرة كلما هبت من صحوتها ونظمت حملات النظافة والتجميل أن تعتني ببعض أجزاء المدينة وتغمض أعينها عن الأجزاء الاخري التي هي غالباً من المناطق الشعبية المحرومة من الرعاية والعناية.. واذا ما أمطرت السماء قليلاً غرقت في الطين.. واستحال علي أهلها وسكانها مغادرة منازلهم.. وسكان هذه المناطق أضعاف أضعاف سكان الأحياء الراقية ومنطقة وسط العاصمة.. وهم من دافعي الضرائب ولهم حقوق علي الدولة.. ومن المخجل أن يؤدي هؤلاء الفقراء الضرائب لتجميل أحياء آخري لا يعرفونها مثل جاردن سيتي والزمالك!! وفي هذه المناطق المحرومة من عناية الدولة يعيش مئات الألوف علي الأقذار المتراكمة والامراض والاوبئة.. وبعضها دروب يعود عهدها الي مئات السنين لا يدخلها الضوء.. فتجمع فيها الحشرات والقاذورات.. عدا ما يرتكب فيها من الجرائم الخلقية نتيجة لتكدس السكان.. وغيرها من الجرائم التي تشجع الشباب علي الانحراف والادمان والتطرف.. وأحيانا اتساءل وأنا أجوب هذه المناطق.. هل فكر أحد من رجال وزارة الصحة أو وزارة الشئون الاجتماعية أن يتفقد الاحوال الصحية والاجتماعية لسكانها.. ام أنهم يكتفون بالتفتيش علي الأحياء التي يقطنها السفراء والوزراء ومن بيدهم السلطة والنفوذ.. هل فكروا في زيارة الدرب الأحمر مثلاً ابتداء من باب الوزير وسوق السلاح والمغربلين والباطنية ودرب شعلان والدوادية والقربية ودرب سعادة وتحت الربع.. أو باب الشعرية إبتداء من درب النوبي ودرب مصطفي ودرب عجور والصوابي والفاروقية وباب البحر والشنبكي.. أو الموسكي إبتداء من المناصرة والسويقة والكوم والعشماوي ودرب الجنينة.. أو الوايلي ابتداء من المحمدي والدمرداش.. أو بولاق ابتداء من الشيخ علي والزهار والفرنساوي والجلادين والجوابر ودرب نصر.. هذه الأحياء هي مصر الحقيقية.. مصر القديمة الزاخرة بعبق التاريخ والعراقة والآثار الإسلامية.. فلماذا نظلم أهلها بلا ذنب ارتكبوه سوي أن نشأتهم كانت فيها.. إننا نطالب المحافظ بأن تكون هناك أولويات لعمليات التجميل.. فالملاحظ أن بعض الإصلاحات تتم دون الحاجة الملحة اليها.. في حين أن منازل الكباري العلوية ومطالعها تمتلئ بالمياه عند سقوط الأمطار مما يتعذر معه سيولة المرور.. وكان من الأفضل إنشاء بلاعات عند هذه المنازل والمطالع لتصريفها المياه.. وهي من الإصلاحات الضرورية، وأهم بكثير من التجميل!