استقر في الضمير الإنساني أن دفع الضرر مقدم شرعا علي جلب المنفعة، لذلك لابد أن يكون درء الأضرار والانتهاكات التي يتعرض لها أبناؤنا في المدارس، مقدما علي المشروعات والخطط الموجودة علي أجندة د. إبراهيم غنيم وزير التربية والتعليم، فلا جدوي من بناء مدارس جديدة ليعمل فيها بعض أشخاص ينفثون جم إحباطاتهم ومشاكلهم الاجتماعية والاقتصادية في وجه أبنائنا، ولا عائد من تحديث الأجهزة والمعامل إذا كنا قد فتحنا باب الضرب والعنف البدني واللفظي أمام بشر لا تتسع قلوبهم للرحمة، ولاتدرك عقولهم معاني الشفقة والإنسانية، ولافائدة من تطوير المناهج طالما أن بعض من يتولي أمرها في الفصول أناس لديهم أمراض وعقد نفسية وفكرية مستعصية، ونوازع إجرامية متأصلة تدفع بأبنائنا إلي حافة الخطر!! بالله عليكم كيف نقطع بسلامة القوة العقلية والنفسية لمدرس ركل طالبا في الصف الأول الإعدادي بقدمه، وقطع له رباط الركبة الصليبي، عقابا له علي تحدثه مع زميله! أو مدرس أجبر تلاميذ الفصل علي صفع زميلهم علي (قفاه) لأنه يتحدث أثناء الشرح! أو مدرسة قصت شعرطفلة في الابتدائي لإجبارها علي ارتداء الحجاب! أوالتي قصت شعر طفل في الحضانة لأنها تري أنه يتشبه بالنساء!! وكيف يمكن أن ننفي وجود نوازع إجرامية عند مدرس انهال ضربا علي طالب عمره 13 عاما، وقام بسحله وجلده بكابل كهربائي!؟ أو مدرسة عذبت تلميذة عمرها 7 سنوات ومريضة بالقلب، وقامت بإيذائها بدنيا ونفسيا إلي الحد الذي جعلها تتبول لا إراديا أمام زميلاتها، لأنها لم تستطع حفظ القرآن؟! أو مدرس صور له خياله المريض طفلة في الصف الأول الابتدائي علي أنها امرأة كاملة الأنوثة، فتحرش بها جنسيا، ثم "نقحت" عليه ذكورته بعد أيام فلم يتورع عن انتهاك عرضها داخل الفصل الدراسي؟! ولا يمكن - بأي حال من الأحوال- أن نطلق لقب معلمة علي مدرسة انتزعت من قلبها الشفقة والرحمة، وقامت بضرب تلميذة في الابتدائي وكسرت أصابعها لعدم أدائها الواجب! أو تلك التي أجبرت الطالبات علي تنظيف حذائها كنوع من العقوبة المبتكرة!! أو ذاك المدرس الذي استدعي تلاميذ في المرحلة الإبتدائية من فصولهم وأمرهم بردم ماسورة صرف صحي في فناء المدرسة، وعندما فشل الأطفال في هذه المهمة الشاذة والعجيبة، قام بضربهم مستخدما خرطوما بلاستيكيا!! إلي هذه الدرجة وصل سلوك وفكر بعض الذين ينتمون لمهنة من أشرف وأنبل المهن! إلي هذا الحد تمتهن كرامة أطفالنا في المدارس، وتنتهك حقوق أبنائنا علي أيدي مجموعة من الموتورين والمرضي النفسيين وأصحاب النوازع الإجرامية، وفي المقابل يخرج علينا السيد الوزير مدافعا عن حق المدرسين في ضرب التلاميذ! إنني أحيي دار الإفتاء التي أصدرت فتوي - أمس الأول - تحرم ضرب التلاميذ في المدارس، وتعتبر من يفعل ذلك آثما شرعا، في محاولة لمواجهة حالات العنف البدني التي تزايدت بصورة مرعبة في مدارسنا. إن هناك بعض المهن تفرض علي من يشغلها التعرض لكشف طبي للاطمئنان علي سلامة صحته البدنية والنفسية، حفاظا علي حياة الآخرين، فلماذا لا يتم تطبيق ذلك الإجراء علي المعلمين، حتي نحمي أبناءنا من تلك الجرائم؟! فإذا كانت البطالة قد دفعت بعض الأشخاص إلي اللجوء لمهنة لا تتفق ورغباتهم ونوازعهم النفسية والفكرية، فيجب ألا يصبح أبناؤنا كبش الفداء!!