قد يبدو هذا السؤال للوهلة الاولي سؤال ساذج وإجابته معروفة ومختصرة جدا وهي اننا نقرأ من أجل أن نعرف. والمعرفة هي التي تعطي لحياتنا معني في حالة واحدة فقط لو استطعنا بهذه المعرفة ان نغير حالنا للأفضل.. هناك ملايين من البشر يقرأون ولا يقدرون قيمة القراءة بالفعل الناتج منها عليهم والبعض منهم يكون مقتنع بأهمية القراءة ولكنه لا يمارسهم بحجة أنه ليس لديه وقت لها.. مع ان القراءة اذا اعتدت عليها صارت اسلوب حياة، وجعلت من الحياة معني يسعدك، وأنا في حيرتي الاسبوعية لكتابة مقال يفيد الناس قبل ان يمتعني بشكل شخصي لانني لا أخفي سرا ان الكتابة بالنسبة لي كالقراءة تماما سبب للوجود والحياة. وأناعلي هذه الحالة وقعت عيني علي كتاب عنوانه يبدو مكررا " لماذا نقرأ "كتاب قديم جدا صدر عن دار المعارف في طبعة قديمة أوراقه صفراء لكن مازالت رائحة أوراقه تفوح منه فتثير الشهية علي معرفة مضمونه... الكتاب مساهمة من مجموعة من كبار المفكرين في ذاك الزمان طه حسين والعقاد حسين فوزي السيد مصطفي السعيد السيد ابو النجا عادل الغضبان جمال الدين العطيفي اسماعيل صبري عبدالله حلمي مراد كل منهم ادلي بشهادات في حق القراءة واهميتها، وبالرغم من انني في البداية هيأ لي غروري انني اعرف مقدما ما يدور حوله الكتاب لانني بدأت القراءة مبكرا وصارت اسلوب حياة الا ان الكتاب بكل ما تحمله صفحاته من معلومات يعتبر مرجعا رائعا لأهمية القراءة في كل زمان ومكان وكان من أجمل مالخص أهمية القراءة ما قاله العقاد في سطور الكتاب : لست أهوي القراءة لأكتب، ولا لأزداد عمرًا في تقدير الحساب، إنما أهوي القراءة لأن لي في هذه الدنيا حياة واحدة، وحياة واحدة لا تكفيني، ولا تحرك كل ما في ضميري من بواعث الحركة. القراءة وحدها هي التي تعطي الإنسان الواحد أكثر من حياة واحدة، لأنها تزيد هذه الحياة عمقًا، وإن كانت لا تطيلها بمقدار الحساب؛ فكرتك أنت فكرة واحدة، شعورك أنت شعور واحد، خيالك أنت خيال فرد واحد إذا قصرته عليك، ولكنك إذا لاقيت بفكرتك فكرة أخري، ولاقيت بشعورك شعورًا آخر، ولاقيت بخيالك خيال غيرك، فليس قصاري الأمر أن الفكرة تصبح فكرتين، وأن الشعور يصبح شعورين، وأن الخيال يصبح خيالين.. كلا وإنما تصبح الفكرة اذا التلاقي مئات الافكار في القوة والعمق والامتداد من طرائف طقوس القراءة لكبار المفكرين كان الشاعر الانجليزي شيللي يمزق كل كتاب يقرأه ليصنع منه زوارق صغيرة ثم يطلقها في النهر ويتأملها وهي تبحر بعيداً، أما برناردشو فكان يبدأ في قراءة الكتاب أثناء ارتداء ملابسه فيلبس القميص ويجلس يقرأ قليلاً ثم يلبس البنطلون ثم يعود ليقرأ ثم يلبس ربطة العنق ثم يقرأ وهكذا عندما يخلع ملابسه !!. وهكذا تعددت الطرق والأساليب ولا يمكن أن نعتبر أن هنالك طقوساً أو أنماطاً معينة هي الأصلح للقراءة، كما أن هنالك ما يُسمي ب »الساعة الذهبية« للقراءة، وكل شخص لديه ساعة يكون فيها نشيط الذهن متوهج النفس وبذلك تكون الأوقات مختلفة اعتماداً علي ظروف الزمان والمكان.