بيزنس الطعام الحلال وتوظيف المسلمات المحجبات يشهد انتشارًا بالصين في الوقت الذي تسيطر فيه الكثير من المنتجات الصينية علي السوق السعودي، حتي في مكةوالمدينة، إلا أن هناك صناعة واحدة ظلت بعيدة عن يد الصينيين في السوق السعودي، وهي المنتجات الغذائية، بالرغم من استيراد السعودية ل90% من غذائها من الخارج، حيث تستورد الكثير من تلك المنتجات من أوروبا وماليزيا وتايلاند وغيرها، في حين أن حصة الصين من هذا السوق لا تكاد تذكر. تناول تقرير لمجلة «فورين بوليسي» الأمريكية سعي الصين المتواصل للسيطرة علي سوق الأغذية «الحلال» والذي تستهدف من خلاله الوصول إلي 1.6 مليار مسلم حول العالم، ويناقش التقرير الصعوبات التي تواجه الصين لدخول هذا السوق علي الرغم من انها من بين أكبر مصدري الأغذية عالميًا، كما يتناول أزمة «الثقة» لدي المسلمين تجاه هذا النوع من الأطعمة المنتجة في الصين. تدرك الصين أهمية السوق السعودية بصفة عامة، ومكة بصفة خاصة. ففي تصريح لمدير إحدي شركات الأغذية الصينية المتخصصة في الأطعمة «الحلال»، يقول تشانج هونج يي: «مكة هي مركز العالم الإسلامي، إذا استطعنا دخول السوق في مكة، فسنحصل علي ثقة المسلمين في جميع أنحاء العالم، وسيصبح من السهل دخول أسواق إسلامية أخري». وعلي الرغم من أن الصين تلعب بالأساس للحصول علي الثقة في هذا الأمر، فمازالت مساهمة الصين في سوق الأطعمة الحلال لا تتجاوز 0.1% من هذه الصناعة الكبري التي يبلغ حجمها 650 بليون دولار، ومن المتوقع أن تصل إلي 1.6 تريليون دولار في غضون سنوات قليلة مع تزايد تعداد المسلمين، ومع تزايد معدلات الدخل في بعض الدول ذات الأغلبية المسلمة، وهو ما قد يعني أيضًا زيادة إنتاج تلك الأطعمة في البلاد الإسلامية. وتضيف كاتبة التقرير، أنه في الوقت الذي تعد فيه المنافسة صعبة للغاية في السوق العالمية، تركز صناعة هذا النوع من المواد الغذائية واسعة الانتشار داخل الصين لخدمة المسلمين هناك، إذ يبلغ حجم تلك الصناعة محليًا 20 بليون دولار( عدد المسلمين في الصين 23 مليون نسمة) وفي حال ازدهار تلك الصناعة عالميًا، سيعود هذا الأمر بتأثير مباشر علي منطقة نيجيشيا ذات الأغلبية المسلمة في شمال غربي الصين، وهي المنطقة التي تشمل الكثير من المظاهر الإسلامية كالمساجد والنساء المحجبات، وتتضمن أيضًا الكثير من العلاقات التجارية مع الدول العربية والإسلامية. وعلي الرغم من أن عاصمة المقاطعة «ينتشوان» تعد من المدن الفقيرة والنائية نسبيًا، إلا أنها ستشهد الكثير من التغيرات مع انشاء مطار جديد بها، وعدد من الفنادق لاستقبال رجال الأعمال الوافدين من الدول الإسلامية، كما تدعم الحكومة رحلات أصحاب الأعمال في المدينة إلي دول الخليج لعقد صفقات. ويسعي الرئيس الصيني شي جين بينج وحكومته، إلي تقوية العلاقات مع دول الشرق الأوسط ووسط آسيا من خلال مبادرة «حزام واحد وطريق واحد» لربط الصين بمناطق متعددة من العالم، في الوقت الذي يري فيه عدد من الخبراء أن مدينة «ينتشوان» ذات أهمية استراتيجية بالغة لتحقيق التواصل الدبلوماسي والاقتصادي للدول ذات الأغلبية المسلمة. وتأمل بكين حاليًا في خلق علامات تجارية كبري في مجال الأطعمة الحلال من بين مئات الشركات التي التي يركز أغلبها علي العمل داخل البلاد، الا أن المشكلة الأساسية التي تواجههم هي نقص الشهادات الدولية التي تمنح لمصنعي هذا النوع من الأطعمة، نظرًا لغياب الكثير من المعايير القياسية لهذه الصناعة عن السوق الصيني، في الوقت الذي تحظي فيه دولة كماليزيا بالعلامة الذهبية للجودة في هذا المجال. علي الرغم من قيام الصين بوضع معاييرها الخاصة لهذه الصناعة، إلا أن هذه المعايير لم تساعدها علي تجاوز الحدود الصينية والوصول للعالم، في الوقت الذي حدثت فيه بعض الأزمات والفضائح، مثل اكتشاف كميات كبري من لحوم الخنزير كان سيتم تصنيعها وبيعها علي أنها من الأطعمة الحلال في سبتمبر 2013، وهو ما حدث أيضًا في واقعة مشابهة في مايو 2015، عندما وُجِد خنزير في إحدي شاحنات التوصيل، وهو ما قاد بعض الشركات إلي الاعتراف بمخالفتها القواعد. ويضيف التقرير أنه من غير المعلوم إذا ما كانت تلك القصة معروفة للمسلمين خارج الصين أم لا، إلا أن الأمر الظاهر هو أن المسلمين في الخارج لا يثقون في هذا النوع من الأطعمة الصينية، وذكر التقرير مثالًا علي دعوة كاتب ماليزي شهيرعام 2014 لأبناء شعبه لعدم شراء الأطعمة الحلال القادمة من الصين، وأنه يجب ألا يثق المسلمون بهم حيث لا يقومون بذبح الحيوانات علي الطريقة الإسلامية، في حين تناول أحد منتجي الأطعمة الحلال الصينيين حقيقة أن الحزب الحاكم في الصين قائم علي الفكر الإلحادي بالأساس، وأن هذا الأمر يعيق تطور عملهم علي الرغم من التزام شركته بالمعايير الإسلامية وما ورد في القرآن بشأن هذا الأمر. وتري الكاتبة أيضًا أن بعض رجال الأعمال الصينيين في هذا المجال لا يهمهم في هذا الأمر الا البيزنس، وأكدت أن بعض التجار اتجهوا للعمل في هذا النشاط نظرًا للدعم الذي تقدمه الحكومة الصينية له. وتضيف أنه بإمكان الصين بالفعل بوصفها مصدرًا ضخمًا للأغذية أن تضع قدمها في هذا السوق، بل وتسيطر عليه، إلا أن الأمر يتطلب أولًا سعيًا قويًّا من الشركات لإقناع المسلمين حول العالم بأن منتجاتهم وشركاتهم هي موضع ثقة في الأساس.