محمد أنور السادات شباب لم يجد في وطنه وسيلة للعيش الكريم، اصطدموا بواقع مؤلم تحيط به أحوال سياسية واقتصادية واجتماعية سيئة للغاية ففروا باحثين عن النجاة، حالمين بحياة أفضل حيث فرص العمل الوفيرة والمردود المالي المناسب لكن هذا الحلم سرعان ما يتناثر ويذهب أدراج الرياح، إما علي يد خفر السواحل، أو علي كف الموت حين تأتي موجة عاتية تأخذ بقارب عبورهم إلي المجهول. فرار من واقع بائس ظنه الشباب خلاصا لهم طالما ضاقت بلادهم عليهم ولم يجدوا فيها قوت يومهم، وبعدما سدت سياسة الخصخصة التي اتبعتها الحكومة كل أبواب الامل فيما بين خصخصة القطاع العام وبيعه علي الارصفة في مزادات هزلية واصدار وتطبيق قانون المالك والمستأجر في الارض الزراعية تم تشريد مئات الآلاف من العمال فكان من الطبيعي ان يصبح الشباب بلا عمل وبلا مستقبل. ونتيجة حتمية للسياسات الخاطئة للحكومات المتعاقبة والتي أدت في النهاية إلي طابور من البطالة بطول مصر وعرضها كان لابد ان يظهر سماسرة السوق ومكاتب السفريات غير القانونية ووسطاء الهجرة والفساد الإداري والجماعات الاجرامية المنظمة الذين يتقاضون اموالا من كل شاب مقابل تسفيره، وتمتلئ القوارب القديمة المتهالكة المكدسة بأعداد كبيرة من راغبي الهجرة، وتنتهي رحلة الشباب إما بالموت أو السجن والترحيل. دوافع الشباب للهجرة غير الشرعية كثيرة ولا يلامون علي هذا فالظروف الاجتماعية الصعبة تكون اقوي بكثير من صوت العقل، وعليه فإنني اطالب الحكومة وبالتحديد وزارة القوي العاملة والهجرة بإعداد خطة استراتيجية رباعية الابعاد امنية وقانونية واجتماعية واعلامية لملف الهجرة غير الشرعية، تبدأ بصرف إعانات عاجلة لاهالي ضحايا الهجرة غير الشرعية ثم تتولي وزارة التأمينات عمل بحث اجتماعي لهؤلاء المفقودين وصرف معاش استثنائي لكل اسرة مفقود كان هو عائلهم الوحيد ضمانا لتلك الأسر من الضياع والتشرد، ثم تقوم وزارة الخارجية بعمل حصر شامل للمصريين المحتجزين في السجون الإيطالية ومطالبة السلطات الإيطالية بالافراج فورا عن كل المحتجزين وإرسال وفد مصري يضم العديد من اهالي المفقودين للمرور علي تلك السجون والتعرف علي ابنائهم وان يتم السماح للمسجونين بالاتصال الدوري بذويهم كحل سريع لطمأنة الاهل بأن الابناء مازالوا علي قيد الحياة. ثم تتولي وزارة القوي العاملة والهجرة بالتنسيق مع الوزارات والهيئات المعنية اعداد العمالة المطلوبة والمناسبة لسوق العمل الاوروبي من خلال معرفة متطلبات الدول الاوروبية من الخبرات اللازمة لسد النقص في الكفاءات والقطاعات المطلوب عمالة لها. ويتم تفعيل ما تم الاتفاق عليه في برنامج دول الاتحاد الأوروبي المتفق عليه مع مصر والخاص بتنظيم وتأهيل الشباب المصري للعمل بالخارج، وتعديل اوضاع المصريين المهاجرين هجرة غير شرعية بقدر ما تسمح به ظروف الدول المستقبلة من خلال آليات تعاون فني وامني وقضائي وتشريعي، وفي اطار الاحترام الكامل لحقوق المهاجرين. والآن يبقي علي حكومتنا ان تعمل بكامل طاقتها كي نحافظ علي البقية الباقية لنا من شبابنا المصري الذين لم يراودهم التفكير في الهجرة غير الشرعية قبل ان تحيط بهم ظروف اقتصادية قد تجعل منهم وجبة ثمينة لأسماك وحيتان البحار.