زمان كنت تدخل أي مصلحة حكومية. أو حتي تقف علي باب محل بقالة. فتطالعك لافتة مكتوب عليها »القناعة كنز لا يفني«. وكانت هذه العبارة وغيرها تعكس حالة الرضاء العام. التي كانت من أهم سمات شخصية الإنسان المصري. لكن زمان مضي. والدنيا تغيرت. لكن بدلا من أن نتغير نحو الأفضل. اخترنا أسوأ الطباع وتمسكنا بها. لم نغير جلودنا فقط. وإنما بغباء شديد. انتزعنا من صدورنا أجمل ما فينا.. وألقينا به خلف ظهورنا فقد الجميع. أو غالبية الناس أروع احساس يمكن أن يجعل الحياة حلوة. وهي نعمة الاحساس بالرضا. الكل أصبح ساخطا علي حياته. بسبب وبدون سبب.. الفقير ليس راضيا عن فقره. ويمتلئ بالغيظ والحقد تجاه الأغنياء. الذين يتمتعون وحدهم بمباهج الدنيا والغني ليس راضيا حتي عن غناه. لأن هناك من هم أكثر ثراء منه. ولأن الدولة تطالبه بأن يدفع الضرائب عن ملايينه. ولأن حسد الفقراء وحقدهم يطارده. ويقلق نومه وسعادته الآباء غير راضين عن أبنائهم. لأن الأولاد لا يهتمون بمذاكرتهم ويطالبون بمصروف كبير. بينما كان مصروف الأب في طفولته قرش صاغ. والابن يرفع صوته علي والده. ويجادله ويرفض تنفيذ أوامره ويتجاهل نصائحه. والأبناء غير راضين عن آبائهم. لأن الآباء رجعيون ولا يفهمون لغة العصر الحديث. ويطلبون أن يحقق أولادهم. ما فشلوا هم في تحقيقه في شبابهم والأزواج ناقمون علي زوجاتهم. لأن زوجة اليوم إنسانة تافهة أو لا تعرف كيف تطبخ مثل حماتها. أو »مبهدلة« معظم الوقت. أو لا تتزين إلا إذا أرادت الخروج من البيت. أو سليطة اللسان تناطح زوجها في الكلام. حتي أصبحت رجلا بلا شنب. بل ان بعض الزوجات لهن شنب والزوجات غير راضيات عن أزواجهن. فالزوج مازال الرجل »أبوعين زايغة«. أو مازال رغم تعليمه يري أن الزوجة مجرد جارية. ومخلوقة فقط للمطبخ والفراش. زوج اليوم أصبح خيال مآتة. يشخط وينطر. لكنه عاجز عن تقديم السعادة الحقيقية لزوجته. إلا بالمساعدات الخارجية. زوج اليوم إما بخيل أو فقير. والسعادة هي الفلوس الكل أصبح غير راض.. سائق الاتوبيس غير راض عن الركاب. وسائق الملاكي يلعن سائق الميكروباص. وعسكري المرور يلعن الجميع »خاش أبوه«. التلاميذ غير راضين عن المدرسين. والمدرسون كفروا بوزارة التعليم. سكان العمارة غير راضين عن البواب. والبواب ناقم علي الدنيا. التي حكمت عليه أن يكون خادما لكل هؤلاء الأوباش الدنيا أصبحت صعبة. ونحن نزيد من صعوبتها بكل هذا السخط. في صدورنا وعيوننا وعلي ألسنتنا.ماذا لو رضينا. ألن يرضي علينا الله ساعتها؟ ولا تقولوا أن هذه دعوة للخنوع والاستسلام. الله يرضي عليكم