منذ أيام ودعنا عاما بأحزانه وأفراحه ودعونا الله أن يكون عامنا الجديد خيراً من سلفه؛ وفي لحظات تأمل لكل الأمنيات والتعليقات؛ رأيت الجميع يرفع أكف الضراعة بالدعاء علي العام الماضي وكأنه أتي حاملا أوزاره ومعاصيه وأصبح الكل بريئاً من أفعاله وعاملوه معاملة البشر بإلقاء اللوم عليه؛ ورأيت نفسي أقول هل هم عقلاء أم أصبت أنا بالجنون؟، فكيف لعاقل أن يعاقب زمانا أو يلعنه، فأوزاره صنيعتنا وأفراحه نحن نزينها ونرسم بهجتها، كل ما هنالك أننا نسجل ذلك بالتواريخ حتي ندلل عليها وتصبح لنا ذكري مؤرخة، ومن أعجب البوستات التي قرأتها، صاحبها وكأنه يلخص نهاية عام ويستقبل آخر بقوله (ارجوكي ادخلي برجلك اليمين وكفاية سنة كاملة شمال) قلت هؤلاء في تعليقاتهم عبثوا بالقدر إلا أنني سمعت صوتا يناديني يقول ألم يقل الرسول صلي الله عليه وسلم (استبشروا بالخير تجدوه) وماذا أيضا عن الأشياء القدرية التي لا يستطيع أحد التدخل فيها مهما أوتي من مفاتيح العلم، فعندما يحل قدر الله علي قوم فيصابون بأي وباء فليس بإمكان أحد منعه أو الفرار منه، ولو حاول فربما يصاب بما هو أفظع ولذلك يقال (نفر من قضاء الله إلي قدر الله) وفي الموت حدث ولا حرج فكم من آخذ للحذر ولا محالة لذلك يقول رب العزة (أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة)، ووسط هذا الزهو بقدوم عام جديد، انتظرت دعوة بإخلاص أن يصلح الله فساد قلوبنا وأن يطهرها من الأحقاد والغل والحسد، وأن يصلح ما بيننا وأن يجمعنا علي الخير، فالأعوام صفحات بيضاء ونحن نكتب حلوها ومرها، أرجوكم املأوا صفحات عامكم بأحلي الأشياء، عاهدوا أنفسكم أن تمدوا يدي العون لكل محتاج، اعطوا الأمل للشباب وافتحوا أمامهم النوافذ واجعلوهم يرون شمسها قبل ضبابها، فكثير منهم مبدع يحتاج من يثني علي إبداعه، علموا أطفالكم الصدق فهم كعامكم صفحة بيضاء تحتاج لكتابة أجمل الأشياء كي تجنوا ثمارها، كفانا اتهامات ورمي الناس بالباطل فليس عيبا أن نختلف بل كل العيب أن نمزق أنفسنا حتي نتفق، احترموا العقول ولا تستخفوا بها، كونوا قدوة وانتقضوا الأشياء وسموها بمسمياتها ولا تستغرقوا فيها، مزقتم أوصال الناس وخدشتم حياءهم وانتهكتم أعراضهم. وأخيرا دعائي بأن يكون عاما مليئاً بالخيرات، وكفانا أحزانا وتمزيقا فما أكلت الذئاب من الغنم إلا شريدها، فيا رب اجمعنا علي محبتك واكفنا شر أنفسنا وحقد الحاقدين ومكرهم.