أمضيت الاسبوع الماضي ثلاثة ايام في اوغندا، احدي الدول ذات الاهمية المائية لمصر، حيث يقع داخل حدودها الجزء الاكبر من بحيرة فيكتوريا. وقد أتت الزيارة في اطار تعزيز العلاقات المصرية الأوغندية في مجال الموارد المائية، والتي تمتد منذ سنوات كمثال ناجح يحتذي به في كافة مجالات التعاون الأخري بين مصر ودول حوض النيل. شهدت الزيارة افتتاح إحدي آبار المياه الجوفية بمنطقة كايونجا كنموذج للخمس والسبعين بئرا التي تقيمها وزارة الموارد المائية والري بجنوب اوغندا وسط اجواء احتفالية شهدت تقدير المواطنين للدور المصري التنموي بأوغندا، كما تم توقيع عقد بين وزارة الموارد المائية والري وشركة أوغندية لميكنة بئري مياه جوفية للعمل بالطاقة الشمسية بأوغندا، فضلاً عن افتتاح تشغيل موقع معدات ثقيلة كمنحة مصرية لإنشاء سدود حصاد مياه الأمطار، كذلك توقيع عقد بين الحكومتين لتطهير مخرات السيول بمقاطعة كاسيس بأوغندا. ورأيت في عين المواطنين دمعة عرفان بالجميل للشعب المصري في رفع المعاناة عنه. كما تم خلال الزيارة توقيع مذكرة تفاهم خاصة لدرء مخاطر الفيضان بمقاطعة كسيسي بغرب أوغندا بقيمة 4.5 مليون دولار. حيث شهدت منطقة كسيسي خلال السنوات الماضية سلسلة من الفيضانات المدمرة تخرج منها المياه من النهر لتغرق القري. كما تم اجراء مباحثات مع وزير الزراعة والثروة الحيوانية والاسماك الاوغندي حول مشروع التعاون الثنائي بين الوزارتين من خلال مشروع مقاومة الحشائش المائية والممتد منذ أكثر من 16 عاماً حيث ساهم المشروع في رفع مستوي المعيشة للمواطن الاوغندي من خلال تطوير القري وإنشاء المراسي النهرية ومن اهمها شاطئ جابا الذي يخدم حوالي 1.2 مليون مواطن، حيث يعتبر المركز الرئيسي للنقل والتجارة بين 6 مقاطعات أوغندية، والتي يبلغ تعداد سكانها 3 ملايين نسمة، وكذلك شاطئ ماسيسي بمدينة جنجا الذي ساعد علي انعاش أعمال الصيد وتجارة الأسماك وتسهيل نقل البضائع والركاب. ويأتي التعاون مع أوغندا في اطار دعم العلاقات مع دول حوض النيل وتفعيلاً للمبادرة المصرية لتنمية دول الحوض بالتنسيق مع وزارة الخارجية، والتي انطلقت عام 2012 لتحقيق التعاون والتنمية المستدامة لصالح الأجيال الحالية والمستقبلية بدول الحوض. وقد ترسخ التعاون الثنائي بين مصر وأوغندا في مجال الموارد المائية من خلال الوجود الدائم للبعثة المصرية لوزارة الموارد المائية والري هناك بغرض التنسيق مع المسئولين الاوغنديين للاشراف علي تنفيذ المشروعات التي تنفذها مصر بأوغندا منذ عام 1999 مثل المشروع المصري الأوغندي لمقاومة الحشائش المائية بالبحيرات العظمي بالتعاون مع وزارة الزراعة والثروة الحيوانية والاسماك، ومشروع التعاون الفني مع وزارة المياه والبيئة والذي بدأ تنفيذه في يناير 2010. وتجدر الإشارة إلي أن مصر تسعي لتحقيق التقارب وإثراء العلاقات التاريخية الطيبة مع الشعب والحكومة الأوغندية، لما لأوغندا من تواجد وصوت مؤثر ومسموع بين دول المنابع بحوض نهر النيل (كدولة مصب ومنبع في ذات الوقت في حوض نهر النيل). ولذلك فنصيب أوغندا من المنح المصرية المقدمة إلي دول الحوض في مجال إدارة وتنمية الموارد كبير وهو 31.4 مليون دولار مقسمة كما يلي (22.4 مليون دولار علي أربع مراحل منذ 1999 مع وزارة الزراعة والثروة الحيوانية والاسماك الاوغندية لتنفيذ المشروع المصري الاوغندي لمقاومة الحشائش المائية بالبحيرات العظمي، 4.5 مليون دولار مع وزارة المياه والبيئة منذ 2010، هذا بالإضافة إلي المنحة الجديدة المقدمة من مصر لدرء مخاطر الفيضانات المدمرة بمنطقة كسيسي بغرب أوغندا بقيمة 4.5 مليون دولار). وترسيخاً لاستمرارعلاقات التعاون الثنائي الفني بين البلدين، فقد قمنا بالتوجيه بقيام بعثة من خبراء الوزارة لدراسة مشروع درء مخاطر الفيضان بمقاطعة كاسيسي بغرب اوغندا، وكنت قد خاطبت وزير المياه والبيئة الأوغندي للاعراب عن استعداد مصر لتقديم المساعدات الفنية لدرء مخاطر الفيضانات التي حدثت في هذه المقاطعة،وتم تجهيز مستندات تنفيذ المشروع وطرحه للتنفيذ، مما كان له أكبر الأثر والتقدير لموقف مصر.وأيضا ارسال بعثة لدراسة التغيرات المناخية. ان سعادتي بالانجازات المصرية التي تقام في قلب القارة الافريقية قد محت كل آثار التعب من الرحلة الشاقة ذهابا وعودة والتي استغرقت قرابة النصف يوم من الثلاثة ايام المخصصة للزيارة وقد اسهم في انجاح الزيارة سفيرنا النشط في كمبالا أحمد عبد العزيز، الذي يمثل نموذجا مشرفا للدبلوماسية المصرية. إن قوة مصر الناعمة تعود وتشرق من جديد للتعاون مع دول حوض النيل وتأكيد وفاء مصر لالتزاماتها تجاه الاشقاء بصورة عملية. حفظ الله مصر وشعبها ونيلها من كل سوء.