د. رفعت سىد أحمد بعد الأحكام الصادمة علي الرئيس المخلوع »مبارك« ووزير داخليته، والتي برأت ولديه ومساعدي الوزير الستة، في الوقت الذي أدانت فيه مبارك والعادلي، خرج الإخوان المسلمون بقوة يدعون إلي الثأر لدم الشهداء وللتظاهر المليوني المستمر، حتي موعد جولة الإعادة لانتخابات الرئاسة، مع دعوة الناس وهنا مربط الفرس الإخواني الذكي لانتخاب د. محمد مرسي لأنه مرشح الثورة الذي سيقتص لدم الشهداء »!!«. ولاشك أن الثأر لدم الشهداء هو دعوة حق، ولكن هل اراد بها الإخوان بالفعل، تحقيق العدالة، أم أنهم أرادوا كما أشاع مخالفوهم »الباطل« وهو هنا الانتهازية السياسية وركوب لحظة الغضب الشعبي من الاحكام وتجهيزها لمصلحة مرشحهم للرئاسة؟! وبعد أن يفوز ساعتها لن يلتفت لا إلي دم الشهداء ولا إلي الثورة، فقط سيلتفتون إلي جماعتهم غير المرخصة، وغير الشرعية.. هكذا يقول اعداء الإخوان، ومخالفوهم، فأين الحقيقة؟ وبماذا ننصح الإخوان، ونحن من المحبين لهم، في هذا المنعطف التاريخي الكبير الذي تمر به مصر، وجماعة الإخوان؟. دعونا نسجل الآتي:أولا: اننا ممن يؤمنون يقينا أن الإخوان فصيل وطني مهم، لا تستقيم الحياة السياسية بعد الثورة، من غير مشاركته الرئيسية في صناعة القرار، وتنفيذه، وهو فصيل ضحي بالمال وبالنفس وقدم تضحيات مشهودة في عهد الرئيس السابق سجناً وحصارا بل واستشهادا، ومن هنا نحن نرفض تماما الدعوات المطالبة بإقصائهم، إذا فضلا عن كونها غير واقعية لأننا نتحدث هنا عن فصيل وطني له شعبيته وحضوره، فهي دعوات غير أخلاقية وغير منصفة، وتسيء إلي الثورة التي شارك فيها الجميع، ومن حق هذا الجميع أن يجني ثمارها وفي مقدمته الإخوان بشرط أن يكون هو الآخر علي نفس الدرجة من الوعي والإيثار وحب رفاق الثورة وألا تغلب عليه روح الاستحواذ، كما بدت في العديد من المواقف خلال ال 81 شهرا التالية لثورة يناير. ثانيا: إذا كنا نؤمن بوطنية الإخوان وشعبيتهم واحقيتهم في جني ثمار الثورة مع كافة القوي الوطنية، فإن من واجبنا تجاههم كرفاق معارك وطنية ضد استبداد النظام السابق أن ننصحهم بالآتي: 1- لا داعي لأن يتذاكي الإخوان علي الشعب وقوي الثورة، وأسر الشهداء، بإدعاء أن نزولهم الجديد للميدان هو من أجلهم وليس من أجل الجولة الثانية لانتخابات الرئاسة، فكل الشواهد تؤكد ذلك، وهذا بالمناسبة ليس عيباً، فإستثمار الأحداث الطارئة في معركة انتخابية شرسة مع أحد رموز النظام البائد، أمر جائز، شريطة الصدق في قول ذلك، والوفاء بالعهود، وهو أمر لن يتحقق من غير أن يعتذر الإخوان عن أخطائهم السابقة داخل وخارج مصر، داخلها مع كافة قوي الثورة التي استبعدوها ولم ينسقوا معهم إلا عند الحاجة، وخارج مع أخطائهم بتأييد ثورات ال C.I.A في المنطقة والتي لم يكتفوا بتأييدها المعنوي بل ودعموها رغم علمهم أن الله لم يجعل للمؤمن من قلبين في جوفه، فإما أن تكون ثائرا وإما أن تستقبل جون ماكين وكيري وتدعم ثورات حلف الناتو في ليبيا وسوريا ويخرس ضميرك ولسانك أمام ثورات اليمن والقطيف والبحرين، إن نقد الذات وأخطاءها هو أول طريق التصديق لتصريحات الإخوان بأنهم سيقتصون لدم الشهداء ويحكمون مصر بالعدل والمشاركة وليس المغالبة وركوب موجات الغضب الشعبي كل حين. 2- ثم إن توقيع الإخوان علي ما سمي ب »وثيقة العهد« التي أعدتها القوي الوطنية المصرية ونشرت بنودها مؤخرا، ينبغي أن يسبق الجولة الثانية للانتخابات، فكل تصريحات ومليونيات وألعاب الفهلوة السياسية لن تجدي أمام الشعب، وقوي ثورية لدغت من جحر الإخوان خلال ال 81شهرا »بدءاً بالإعلان الدستوري ومرورا بمجلس الشعب وانتهاء بالدستور«، إن التوقيع علي شروط الحركة الوطنية المصرية مع الدراسة الجادة لفكرة »تشكيل مجلس رئاسي حقيقي«، مستقل من رموز وطنية مصرية مشهود لها بالكفاءة وحب الوطن، لا حب »الفضائيات«، يعد من الأمور المهمة التي علي الإخوان أن يبادروا بالأخذ بها، وألا يتذاكوا علي الناس، ويبيعوا لهم الكلام فقط دون التوقيع الكتابي علي »وثائق«، في ظني، بقدر ما ستطمئن الشعب، ستخدم الإخوان أنفسهم، لأن التركة ثقيلة، ومن الذكاء السياسي اشراك كل القوي الوطنية في حملها مع الإخوان.