ما بين حرب أكتوبر المجيدة وحفر القناة الجديدة 42 عاما تركت أسئلة كثيرة لم تتم الإجابة عنها حتي الآن.. لماذا هذا التردد الطويل لعودة روح أكتوبر؟ متي نخرج من دائرة الفساد والكسل والحقد والغل والتمني بأن تكون لنا أموال ونفوذ قارون مهما كانت سواء بالرشوة أو التقرب من السلطة فيما اصطلح عليه زواج المال بالسلطة! كنا نتغني بانتصاراتنا في أكتوبر الذي تحل ذكراه غداً.. كان منا الشباب والشيوخ والنساء والأطفال.. الكل كان يسارع بأن يقدم شيئا ماديا أو رمزيا من أجل دعم معركة التحرير والعبور وكسر أنف العدو والقضاء علي غطرسته التي ملأت سمع الدنيا وبصرها. جنودنا البواسل كانوا لا يحملون سوي العتاد الذي قدر لهم وفق امكانيات الدولة والعدو كان يملك ترسانة حديثة من الأسلحة ولكن تمت معجزة بدر وأعادت إلي الأذهان كيف كان سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم والنفر الذين كانوا معه وهم ثلث جيش الأعداء تقريبا ولا يملكون سوي بضع من الخيل لا يهابون الموت في سبيل إعلاء كلمة الحق وكانت أفئدتهم وأرواحهم فداء من أجل «لا إله إلا الله محمد رسول الله».. وانتصر الرسول ومن معه واستلهم جيشنا العظيم هذه الروح فكانوا لا يهابون العدو وأسلحته وحققوا معجزة عسكرية من تحطيم الساتر الترابي وعبور القناة. هذه الروح متي تعود إلي كهف الوطن لتشد أزر أبنائه لصنع أمجاد أخري تخرج الناس من ضيق العيش والفقر.. هذه الروح التي دفعت جنودنا في حرب أكتوبر إلي تحطيم أوثان العدو من تجبر وتكبر وإذلال للآخر هي التي نحتاجها منذ هذه الحرب ولكنها غابت في دهاليز الحياة. مصر مرت بفترة من الطموحات بعد حرب أكتوبر من أجل التقدم والازدهار ورفع شأن بلدنا علي المستوي الاقتصادي والاجتماعي ولكنها اصطدمت بميراث متأصل في الأرض الطيبة وهو استغلال التقرب من السلطة لتحقيق مصالح لحفنة من الأفراد علي حساب مصالح الشعب فوقع الناس علي الأرض بعد أن اصطدمت طموحاتهم بفساد بدأ يترعرع من تجارة مخدرات وأسلحة ورشاوي وخلق طبقة تحت مسمي «نبيل» وهي للأسف تعمل من أجل ضرب اقتصاد البلد لتحقيق مكاسب ضخمة من الأموال والنفوذ السياسي. جاءت فترة الركود العقلي لتضخم الفساد من خلال هجرة العقول المستنيرة التي تملك مفاتيح تحقيق التقدم والازدهار وأصبحنا نري صور علمائنا في الخارج وهم يكرمون فيأخذ العالم علمهم ونأخذ نحن الزفة بأن أولادنا حققوا نصراً ومجداً لبلدهم في الخارج لحساب الآخر. إنها مأساة ان يترك أولادنا الأرض التي تحتاج إلي علمهم ونكتفي بأن نزين صفحات جرائدنا بصورهم ولقاءات معهم من خلال الفضائيات. أمتنا تملك الكثير والكثير وللأسف نحن نعلم ذلك والعالم يعلم أيضا لهذا يحطمنا من الداخل بخلق الفتن والصراعات بيننا وإشغالنا في حروب مع جماعات متشددة حتي نضعف ولا نستطيع أن نتقدم خطوة واحدة لبناء أوطاننا. حفر القناة كانت إحدي إرادات المصريين التي ملأت تاريخنا ففي عام واحد حققنا معجزة قائمة علي العلم وتوفير الامكانيات اللازمة للحفر ولكن الأهم الروح والإرادة لتحقيق هذا الأمل وقد كان وشهد العالم بذلك وهنأنا بهذا الإنجاز. إنني أدعو إلي حفر غطاء عقولنا وإزالة التراب من عليها وإطلاق ضميرنا نحو بناء الوطن وتطهيره من الكسل والفساد والأمراض التي تصيب الروح من أجل انطلاقه خاصة أن القيادة السياسية لديها المزيد والمزيد من المشروعات القومية لإعلاء مكانة الوطن والمواطن فهل آن الأوان أن تعود الروح إلي الجسد لينطلق في جو من المحبة بين مواطني الوطن من أجل الوطن.