كان الحوار بين المحاور مفيد فوزي.. والمحاورة ليلي رستم اشبه بمباراة للتنس تكاد تسمع فيها احداث أرتطام الكرة بالضرب الخميس: بلا سابق موعد.. ولا أتفاق. التقيت علي الهواء مباشرة بنجمة نجوم التليفزيون.. في عصره الذهبي.. في ستينيات القرن الماضي.. نجمة الشاشة الصغيرة ليلي رستم. انها الصدفة التي قادتني اليها عملية التقليب بين الفضائيات بحثا عن جديد.. في زمن الملل والتكرار.. والاصوات الصارخة وسيطرة مقام السيكا علي حياتنا.. داخل بيوتنا وخارجها. في فضائية رصينة.. اليوم الخميس.. وجدتني أمام حوار بين اشهر محاور في بلدنا.. واشهر محاورة في زماننا الذي مضي بين الاستاذ مفيد فوزي.. والاستاذة ليلي رستم. حوار بين محاور ومحاورة.. كان اشبه بمباراة للتنس.. تكاد تسمع فيها اصوات اشتباك ارتطام الكرة بالمضرب تك.. تك.. تك.. تك.. مرة هنا.. ومرة هناك.. والكرة حائرة.. بين ضربات المحاور والمحاورة. وليلي رستم. محاورة تليفزيونية.. بديعة وانيقة بلغة العصر.. وذكية.. وخفيفة الدم الي أقصي حد.. ولديها قدرة فائقة علي التفنن في تدبير الاسئلة المفخخة والنقد اللاذع والابتسامة لا تفارق شفتيها. وكان من الطبيعي ان تقع اثناء المباراة «فاولات» حوارية.. تم تداركها بلاضربات جزاء.. وعاد مفيد فوزي بعد الفاول يستأنف الحوار. بروح رياضية. وليلي رستم خريجة الجامعة الامريكية.. وصاحبة الثقافة الرفيعة.. تنتمي لعائلة طبقت عليها قوانين تحديد الملكية الزراعية بعد ثورة 1952 المجيدة وعمها هو الممثل القدير زكي رستم.، وتلمس في عباراتها نبرات الارستقراطية والسلوكيات الراقية.. واخلاق البيوت العريقة، كانت واحدة من كوكبة النجوم التي لمعت في سماء التليفزيون المصري في بداياته الأولي.. الي جانب سلوي حجازي واماني ناشد.. ونجوي ابراهيم. بيد ان ليلي رستم.. كانت المحاورة الاولي في زمانها وسوف يتوقف التاريخ طويلا.. أمام الحوار الذي ادارته بمنزل الراحل العظيم طه حسين.. وشاركت فيه النخبة من المثقفين والادباء من ارباب المقامات العالية.. ورموز هذا الزمن الذي كان يتميز بالثراء.. والقدرة علي فك الطلاسم في قضايا الفكر والادب.. ولا تملك امامهم سوي الاصغاء. والاعتدال في الجلوس امام شاشة التليفزيون. شارك في هذا الحوار التاريخي.. الذي اختفت تسجيلاته من ارشيف ماسبيرو.. كل من نجيب محفوظ ويوسف السباعي ومحمود أمين العالم وأنيس منصور وثروت اباظة ويوسف ادريس وعبدالرحمن صدقي وأمين يوسف غراب وعبدالرحمن الشرقاوي.. وكامل زهيري وعبدالرحمن بدوي. ووسط هذه الباقة الجميلة جلس الدكتور طه حسين.. مبتسما كعادته يجيب علي الاسئلة.. بصدق.. وعمق.. دون ان يجامل احدا أو ان يمسك العصاه من منتصفها وفوق المقعد المجاور له جلست ليلي رستم صاحبة برنامج «نجمك المفضل» تدير الحوار.. وعندما كانت تطلب من الضيف أن يتحدث.. كانت توجه له نظره.. دون ان تنطق بكلمة. النظره.. من عينيها في تلك الايام.. كانت كافية.. في زمن كانت فيه العيون تتكلم. وكانت لكل «عين» طله تميزها.. وتنطق نيابة عنها. في هذه الجلسة التي تعددت فيها الاراء والمواقف.. لم نسمع صرخة واحدة.. مدويه.. تخترق الجدران اطلقتها مقدمة البرنامج.. ولا اصوات التميز والسيطرة والاستبداد أو التي نلاحظها هذه الايام.. وتتشابه فيها اصوات مقدمات بعض البرامج بأصوات باعة الروبابيكيا. كانت البرامج الحوارية في التليفزيون المصري.. التي تدخل كل البيوت ويراها الملايين من المواطنين.. هي حلقات دراسية في السلوكيات الراقية.. وآداب الحديث وآخر الأزياء في عالم الأناقة.. والنظافة.. وحسن المظهر الذي يعبر عن حسن الجوهر.. ولم يكن التليفزيون المصري يعرف المذيعة التي تطل علي الشاشة بملابس عصور البداوه.. وثقافة الصحراء.. وعلي رأسها طرحة.. ترهب بها الاغنام. الراعية! ظهرت ليلي رستم علي الشاشة في هذا البرنامج.. ترتدي احدث الازياء في عالم الاناقة.. وابسطها.. وفي قدميها حذاء اسود.. صغير للغاية. ولكنه لامع.. وتكاد تلمس نظافته.. ومكانته واتخذت مقعدها بين طه حسين.. وثروت اباظة.. وامامها أريكة فوقها الميكروفون وباقة.. بدت كبيرة من الزهور. وبدأ الحوار عندما قدمت ليلي رستم ضيوف الجلسة للدكتور طه حسين الذي كان يطلق كلمة «أهلا» ومعها ابتسامه بعد سماعه كل أسم. وبعد أن انتهت ليلي رستم من تقديم الضيوف.. اشار اليها نجيب محفوظ بإيماءة بسيطة من رأسه. وقالت ليلي رستم موجهة حديثها الي طه حسين قائلة: الأستاذ نجيب محفوظ عنده سؤال؟ وتكلم نجيب محفوظ.. ليسأل طه حسين عن رأيه في العلاقة بين الفلسفة والادب.. ووجهة نظره في الرواية الفلسفية!! كانت من الواضح أن الهدف من السؤال المشحون بالالغام وكنا في شهر فبراير 1966 هو استطلاع رأي طه حسين في اتجاه الادب العربي نحو استخدام الرموز في الروايات العربية والتي بدت في أولاد حارتنا وثرثرة علي النيل والقاهرة 30 . كما اطلت في اعمال العديد من الادب .. مثل الفرافير ليوسف أدريس.. والعنكبوت والخروج من التابوت لمصطفي محمود.. الخ بما يؤدي الي التجريد والجمود والرقابة والعزلة عن المجتمع. كان الادب العربي في تلك الايام يتجه نحو استخدام «الرموز» والافكار الفلسفية.. تهربا من الإشارة للواقع المشحون بكل الوان الاستبداد.. والتصنيف السياسي.. وما الي ذلك من المرعبات. الطريف في الموضوع ان طه حسين لم يقع في الفخ الذي نصبه نجيب محفوظ.. وقال وعلي وجهه ابتسامة: انني لا أنكر مكانة الفسلفة في الادب.. وان كنت اشفق علي الأدب من غلبة الفلسفة.. بل اكاد اقول ان اكبر الادباء هم في الوقت نفسه فلاسفة كبار.. ومفكرون كبار. ولولا ما في أدبهم في فلسفة وفكر ما بقي ولا خلد منه شيء عبر التاريخ.. ان أدبهم عبارة عن فكرة باقية يخاطبون بها الاجيال المتعاقبة مع عدم انكاري للقيمة الفنية والجمالية للأدب فبغيرها.. لا يكون الادب ادبا.. ولهذا فنحن نفرق عادة بين فلاسفة ادباء.. وأدباء فلاسفة.. أن افلاطون ونيتشة مثلا فيلسوفان كبيران.. وان نكون نشعر في كتابتهما روح الادب، بل روح الشعر خاصة.. ولكننا لا نعدهما من الادباء بالمعني المتخصص للكلمة وانما نعدهما فلاسفة. .............. الكلام عن هذه الثروة يطول.. وليست هذه السطور محل تفاصيل ماجاء فيها، ولكنها قدمت لجمهور المشاهدين النموذج لما ينبغي ان يكون عليه الحوار.. لاسيما عندما اعاد الادباء المقاعد التي يجلسون فوقها الي اماكنها بعد انتهاء التصوير.. وساعدوا عمال التليفزيون في نقل كاميرات التصوير وأجهزة الاضاءة والصوت الي خارج القاعة. كانت الندوة التي جاءت في سلسلة حلقات «نجمك المفضل» مثار اهتمام بين العامة والخاصة الي حد ان الناس احتشدوا حول اجهزة التليفزيون في تلك الليلة.. كما يحتشدون في حفلات أم كلثوم.. ثم اصبحوا ولا حديث لهم غيرها لبضعة ايام.. لسبب بسيط هو ان هذه الحلقة كانت أول ظهور جماعي لرموز الادب والابداع علي الشاشة الصغيرة دفعة واحدة.. فجمعت بين نجيب محفوظ وطه حسين.. ويوسف السباعي الخ.. واثاروا قضية.. هي في رأينا اخطر قضايا تلك المرحلة.. وهي استخدام الرموز للتعبير عن افكار وآراء لا يتجاسر اديب في بلدنا علي مجرد التفكير فيها.. داخل غرفة مغلقة داخل منزله. لقد أعاد الحوار الذي اجراه المحاور مفيد فوزي مع المحاورة ليلي رستم ذكريات.. نصف قرن من مياه التليفزيون المصري . تغيرت فيها الجغرافيا الانسانية للشعب العظيم الذي ننتمني اليه وتبدلت.. ونقلنا الحوار الي زمن مضي.. ورحل. لم تكن فيه مذيعة التليفزيون المصري.. شيئا كبيرا ومحترما في مصر فحسب.. وانما في كل الوطن العربي.. من حيث الطلة الوديعة التي لا تعرف الصياح المشحون بكل ألوان التبرم والتأفف ومساحيق الغطرسة والعجرفة. كانت مذيعة التليفزيون تعكس حقيقة الشخصية المصرية التي تتسم بحسن المظهر والجوهر.. وهكذا اعادنا مفيد فوزي.. بحواره الممتع مع ليلي رستم الي زمن مضي.. نستعيده.. ونحن نترحم علي ايام هذا الزمن الجميل. وزير الزراعة في ماسبيرو الجمعة: ثروتنا الوطنية من التراث الغنائي والافلام والتسجيلات النادرة لبرامج التليفزيون.. خرجت من مبني ماسبيرو.ولم تعد. خرجت بقرار من القطاع الاقتصادي. المكلف بتسويق وبيع كل المواد الاعلامية التي يمتلكها التليفزيون وينتجها اتحاد الاذاعة والتليفزيون الي جهة خاصة سواء كانت عربية أو عالمية تريدان تشتريها. ومعني الكلام.. ان هذا التراث الذي يضم اربعة الاف ومائتي فيلم سينمائي علاوة علي حفلات أم كلثوم وحوارات لطه حسين مع ليلي رستم وغيرها.. خرجت من مبني ماسبيرو بطريقة شرعية وبناء علي لوائح وقواعد ومذاهب لا يشوبها اي غبار وهي علي حد التعبير السائد حلال 100٪ ولم نسمع ان تحقيقا قد جري فيما جري.. ولم نسمع كلمة عتاب انطلقت علي اي لسان وضاعت القضية التي تناولتها دموع الكتاب.. لسبب بسيط هو ان هذه الصفقات العجيبة تمت وفقا للقوانين والقواعد.. بعد نبش قليل من الاوراق والسجلات. ولفائف المستندات.. وان الصفقة عقدت مع شركة روتانا التي يملكها الامير الوليد بن طلال الذي اسند اليه حكامنا مشروع توشكي فيما بعد. واتضح بعد صفقات بيع التراث الذي خرج ولم يعد.. انها تمت بناء علي صفقة بين الأمير الوليد.. واليهودي المتعصب ميردوخ في اطار مشروعات الشراكة التي تربط بينهما. ونحن لا نناقش هنا الاسعار المتدنية ولا الشروط المجحفة التي تضمنتها الصفقة العجيبة.. لأن ذلك ليس موضوعنا علي اساس ان تراث اي شعب. لا يقدر بأي اموال ولا يمكن تصور التفريط فيه بأي ثمن.. وبأي شروط. الطريف في الموضوع انه في الوقت الذي باع فيه القطاع الاقتصادي بالتليفزيون الوطني تراثنا في حفلات ام كلثوم.. وعبدالحليم ونجاة الصغيرة وفايزة أحمد وليلي مراد.. كانت الاذاعة المصرية داخل مبني ماسبيرو قد اهدت خطة لبث محطة اذاعية تحمل اسم «كنوز» وتتولي اذاعة حفلات أم كلثوم وأغاني عبدالوهاب وفريد الاطرش وسيد مكاوي وعبدالحليم حافظ وعبده الحامولي.. الخ.. وعندما بدأت المحطة الجديدة تقلب في دفاتر تراثنا الفني.. اكتشفت ان مخازن التلفزيون تخلو من هذه الشرائط النادرة.. وانه قد تم التصرف فيها بالبيع.. كما تباع أقفاص الطماطم في سوق العبور. ولم تجد المحطة الاذاعية الوليده.. ما تخرج به علي اسماع الناس.. فتراجعت عن الفكرة التي كانت تداعب خيال اصحابها.. والتي كانت تتلخص في تحويل اللهجة المصرية الي لغة التخاطب بين الشعوب العربية. وتؤدي لوحدة صفوفها.. والارتقاء بالذوق العام لتصبح الامة العربية.. هي خير أمة اخرجت للناس. علاوة بالطبع علي الدروس المستفادة من حفلات أم كلثوم في خمسينيات القرن الماضي.. عندما كانت جموع المصريين من رجال ونساء وشباب وشيوخ تصطف وتلم شملهم.. ولم تظهر بين الصفوف سيده تضع علي رأسها الطرحة.. وأخري تطلع الي المسرح بعيون متلصصة من وراء فتحات نقاب. كانت قاعة المسرح في حفلات أم كلثوم .. تكشف للعالم.. ربما بشكل غير مسبوق.. عن هوية الشعب المصري.. ومستواه الثقافي والاقتصادي والوطني وكانت كل حفله من حفلات أم كلثوم الشهرية هي بطاقة.. لانضمام الشعب المصري للشعوب الراقية. المشكلة هنا ان ما حدث في ماسبيرو.. من بيع تراثنا الفني يتكرر للأسف الشديد في مؤسساتنا التي تعاني أمراض التشرذم والتضارب في القوانين واللوائح التي تسفر في النهاية عن انتشار جميع ألوان الفساد. ويصبح الفساد الاداري. من السمات المميزة لاجهزة اتخاذ القرار في بلدنا للأسف الشديد. ولذلك نقول ان في ماسبيرو المئات من امثال وزير الزراعة صلاح هلال.. الذين كلما تذكرتهم جاش بي الهم والغم وتملكني الأسف والحزن علي أيام أم كلثوم وعبدالوهاب.. وليلي مراد. النسوان! السبت: يبدو أن الرئيس الامريكي باراك أوباما.. اراد تطبيع علاقات بلاده بفرنسا. بلا وزراء خارجية ولا سفراء ولا قادة من حلف الاطلنطي أو الاسطول السادس.. ومن وراء ظهر دول العملة الاوربية الموحدة.. فسارع دون ان يتمالك اعصابه بوضع قبلة عربية.. بدت ساخنة علي وجه المطربة الفرنسية الشهيرة بيونسيه نولز في احدي المناسبات في البيت الابيض رغم وجود زوجته السمراء ميشيل.. علي بعد خطوات منه ومنها ومن المشهد الذي اثار انتباه الحاضرين.. ونقلته وسائل الاتصال الحديثة لكل ربوع العالم. في الوقت الذي اثار فيه الاعلام الامريكي شائعات عن وجود علاقة عاطفية بين أوباما وبيونسيه بعد انتشار عدة صور له وهو يقبلها بطريقة بدت رومانسية.. مما دفع هذا الاعلام لتلقيبها بمنافسة وغريمة ميشيل. وفي خلال ساعات انطلقت التغريدات القصيرة «تويتر» حول جمال وسحر المطربة الفرنسية بيونسيه وجسدها الموسوعي ومعها التعليقات التي تشبه الالحان في التأليف المسرحي الجبرتي.. وفي الوقت الذي ترددت فيه الشائعات عن ازمة بين أوباما وزوجته.. وشائعات عن انفصالهما.. ومعها العديد من المقطوعات الموسيقية عن علاقة الغيرة من ميشيل علي زوجها أوباما تجاه بيونسيه التي سبق ان فازت اكثر من مرة بلقب المرأة الاكثر جاذبية والاعنف اثارة في عدة استفتاءات! الطريف في الموضوع انه عندما سئلت ميشيل عما كانت تود ان تقوم به لو لم تكن السيدة الاولي للبيت الابيض.. خلال استضافتها في برنامج تليفزيوني مؤخرا اجابت وعلي وجهها ابتسامة: كنت اتمني ان اكون بيونسيه نولز!