دخل علينا الصديق مهللا ومكبرا فرحا بحصوله علي تأشيرة الحج لهذا العام، بارك له جميع الأصدقاء اللذين التفوا حوله يتمنون له حجا مبرورا وذنبا مغفورا، واحد فقط كاد أن يضيع لحظة الفرحة التي يعيشها صاحب التأشيرة عندما قال له وهو يمزح أتمني ألا تكون ممن ترد عليه الملائكة لا لبيك ولا سعديك.. تدخل آخر وكأنه يعظه لقد منّ الله عليه بالحج ولو ربنا مش عاوزه يحج لم يكن ليحصل علي التأشيرة بسهولة ودون عناء والتقط طرف رابع من الزملاء خيط الحديث مؤكدا أنه ليس كل من وطئت قدمه الاراضي المقدسة وأدي المناسك علي أكمل وجه يكون حجه مقبولا، البعض يتصور أن ما دام في العمر بقية فليعش كما يحب ويستمر في ظلمه للآخرين سواء أكل أموال الناس بالباطل أو الرشوة ولا يتقي الله في شتي تعاملاته فإن العمرة إلي العمرة والحج إلي الحج يغفر له ما تقدم من ذنبه. واستطرد الصديق يقول هما تأشيرتان ما أيسر الحصول علي الاولي لدخول بلد البيت الحرام وما أصعب نيل الثانية وهي تأشيرة القبول من الله سبحانه.. في الأولي تذهب تأشيرة الدخول إلي الكثيرين ممن يملكون المال أو الجاه. وربما يظل هناك أخرون ممن تفيض قلوبهم إلي زيارة البيت العتيق والمسجد النبوي الشريف والصلاة في الروضة الشريفة، يظل هؤلاء يحلمون باليوم الذي تطأ فيه أقدامهم هذا المكان ربما لا يملكون المال أو المقدرة الجسدية ولكنهم يظلون علي شوقهم هذا، هؤلاء قد ينتهي العمر بأحدهم دون أن يستطيع إلي البيت سبيلا ولكنه يعد من الذين نالوا جزاء الحج المبرور عندما يطلع الله علي نياتهم حيث ينطبق عليهم قول الرسول صلي الله عليه وسلم إنما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوي. واحتدم النقاش وتشبثت مجموعة برأيها في أن من حصل علي تأشيرة الدخول للعمرة أو الحج فهذا دليل علي أن المولي سبحانه وتعالي راض عنه وإلا ما كان ليتيح له تأشيرة الدخول، أما الطرف الثاني فأصر علي رأيه بضرورة التفريق بين تأشيرة الدخول وتأشيرة القبول.. الأولي يحصل عليها أي مسلم والثانية لا يحصل عليها إلا من ترد عليهم الملائكة بأن الله تقبل تلبيتهم لأن حجته بنية خالصة لوجه الله وماله حلال وتزود في رحلته وكان خير زاده التقوي. وكان ختامها مسكا عندما دخل علينا زميل أخر واستعلم عن المناقشة ولخصنا له الموضوع الذي نناقشه.. صمت قليلا ثم قال اسمعوا هذه الحكاية التي قرأتها عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما كان يحج وهو خليفة للمسلمين فمال عليه أحد مرافقيه قائلا الحج كثير هذا العام يا أمير المؤمنين وكان رده : العدد كثير والحج قليل. وتبقي حلاوتها اتفق الاجلاء من علماء هذه الأمة علي أن شهور الحج تبدأ من شهر شوال من منطلق أن الاقدمين كانوا يسافرون علي راحلتهم بالشهور من اجل الحج، وبعضنا يحمد الله علي أنه ولد في عصر الطائرة مقارنة بهؤلاء الذين كانوا يتكبدون المشاق من أجل الحج الذي قد يمضي في رحلته شهورا حتي يصل لمبتغاه. ورغم السهولة واليسر اللذين يتسم بهما حج عصرنا الحالي إلا أن المشقة تظل كما هي، قد تختلف في جوانبها عن المشقة التي كان يكابدها الاقدمون الا انها تظل مرادفا لرحلة الحج ايا كان الزمان الذي تتم فيه، فكم فاضت أرواح نتيجة التدافع والتزاحم قبل ان يتم حل المشكلة نهائيا بتصميم ممرات الخروج إلي مني ومواقع رمي الجمرات، وكم يشتاق الحاج إلي تقبيل الحجر الأسعد ولا يمتلك القدرة حتي لو تعددت مرات الحج والعمرة، أصبح الزحام الشديد سواء في الطواف حول الكعبة أو الوقوف بعرفة والنفرة إلي المزدلفة أن تبدأها علي قدميك من يوم التروية إلي عصر أول أيام عيد الاضحي المبارك ، وإن لم تعنك صحتك فعليك بالجلوس ساعات طوال في الباص حتي تنفر إلي المزدلفة ومن فجرها إلي مني. تظل المشقة هي المشقة وتعب الترحال إلي الديار المقدسة هو التعب، ولكن تبقي في النهاية حلاوة الرحلة.. كل ما فيها من مكابدة ومعاناة يمحي من الذاكرة وتبقي حلاوة النظر إلي الكعبة والطواف والسعي والوقوف بعرفة علي جبل الرحمة، وهو ما يفسر لنا بكاءالكثيرين الذين حجوا البيت مرة أو مرات ولم تساعدهم الظروف للحج.. يبكون من افتقادهم لحلاوة الزيارة ومتعة الحج. الأمين والمجند خلاصة واقعة الشاب الذي تعرض لاعتداء بشع من أمين شرطة بمحطة مترو دار السلام تقول ان الشاب عندما استنجد بالمجند لانقاذ الفتاة التي كانت معه من واحد متحرش لم يتمكن المجند من الامساك بالمتحرش بل ادعي الشاب أن المجند ساعده علي الهرب.. ولانه مجند غلبان كما ينظر إليه الناس ناله من الشاب تجاوز في القول والفعل وهو ما جعل الأمين يرتكب جريمته في حق الشاب.. وهو أمر لانقره ونقف ضده وليس من حقه ما فعله ولكن اعطوا المجند حقه.. ردوا إليه هيبته ونود أن نراه. كما نري مجند الشرطة في دول شقيقة لا فرق بين زيه وزي وزير الداخلية إلا ما يوضع علي الاكتاف، الأمين غلطان والشاب غلطان والضحية دائما هو هذا المجند الذي لم يعد أحد يهتم به باعتباره امتدادا لهيبة الدولة التي يحاول البعض أن يمرمغها في التراب فيتصدي له من يعرض سمعتها للمرمغة في الوحل.