خرج المصريين من موسم شهر رمضان وعيد الفطر والجيوب فارغة خاوية علي عروشها حيث قسوة أسعار الياميش والملابس والسلع الغذائية للمائدة المصرية؛ ومرت أيام قليلة ليجد المواطن نفسه في مواجهة صادمة مع الموسم الدراسي الجديد حيث الملابس والأدوات المكتبية إضافة إلي الاستعدادات لعيد الأضحي المبارك، فالأضحية "واجبة" وشراء اللحوم "قانون" في هذه الأيام.. "الأخبار" قامت بجولتين في سوق الساحل بالقاهرة وسوق "العمارنة" بالوراق، رصدت حركة بيع وشراء محدودة في السوقين علي كل السلع الغذائية وغيرها، وشكاوي المواطنين من ارتفاع اسعار السلع .. والتجار من ركود بضاعتهم ووقف حالهم. شهدت أسعار الخضروات ثباتا وانخفاضا نسبيا باستثناء الطماطم التي ارتفعت قليلا وكذلك الأمر ينطبق علي الفاكهة، فيما لم تهدأ أسعار الدواجن، فبعد ارتفاع جنوني ملحوظ خلال الموجة الحارة حدث التراجع ثم عاودت الارتفاع بين جنيهين وثلاثة جنيهات، حتي باعة "الطشت" طالهم الركود؛ وهم باعة السلعة الواحدة- جبنة قريش، ملوخية، سمك نيلي، قشدة وبيض-، وكذلك باعة "المشنة"،- الليمون، البامية، الفاصوليا الخضراء، الفجل، الجرجير، الشبت والبقدونس".. وكذلك ارتفاع طفيف في الأدوات المكتبية وجنون في أسعار الأضحية والملابس.. حالة «فلس» وعلي مدخل سوق الساحل، انتفض إسلام فتحي بائع أسماك، وبابتسامة راقية استقبلنا، وقال إن "الأسعار ارتفعت بشكل كبير خلال الأيام القليلة الماضية حيث ارتفع سعر كرتونة السمك المكرونة المجمد إلي الضعف لتصل إلي220 جنيها، فيما وصل سعر البوري إلي 40 جنيها للكيلو، وظل سعر البلطي ثابتا عند 15 جنيها، وارتفع سعر الجمبري الأرجنتيني الجامبو ل110 جنيهات والإكوادوري ل 85 جنيها، مشيرا إلي أن الجمبري البلدي لا يوجد الا في فصل الشتاء ويتراوح سعره ما بين 90 إلي 100 جنيه، وعن حركة البيع قال فتحي إنها ضعيفة جدا- ملامح غضب شديد علي وجهه- مرجعا السبب إلي حالة "الفلس" التي تضرب المواطن خاصة في نهاية الشهر. وعلي إحدي جنبات السوق، تجلس أم مصطفي، مفترشة مساحة متر مربع من الأرض دون واق من حرارة الشمس الحارقة لتبيع عددا من أصناف البقالة لا تتعدي أصابع اليد الواحدة حتي تأتي بقوت يومها، قالت إن "سوء الأحوال أصاب حركة البيع بالشلل"، مضيفة أنها قد تجلس طوال اليوم دون أن تبيع بجنيه واحد ولا تعرف ماذا تفعل حتي تحصل علي ما يسد احتياجاتها وأولادها.. كانت كلماتها موجعة تثير الحزن في نفس كل من يسمعها، وتبدلت ملامح وجهها إلي حالة من الفرحة وعودة الأمل عندما أقبل عليها "زبون" ليشتري "كيلو فريك". عين تترقبنا منذ أن وطأت أقدامنا سوق الساحل، تمشي خلفنا دون أن تنطق ولو بكلمة لفتت إنتباهنا توجهنا إليها، إنها أم مصطفي، ربة منزل، بادرتنا بالقول إلي "معاش زوجي 1500 جنيه ونحن أسرة مكونة من عشرة أفراد، ولم يدخل أحد منهم التعليم نظرا لضيق ذات اليد"، رغم ذلك تدعي للحكومة وتأمل أن تنجلي الغمة عن بلادنا وأن يعم الخير علي المواطنين الفقراء. وبتردد استقبلنا عماد الدين خالد، صاحب محل دواجن، وقال حركة البيع "نايمة" بسبب ارتفاع الأسعار والقلق الأمني هو ما أصاب المواطنين بحالة من الخوف من المستقبل وعزز لدي البعض الرغبة في الادخار، وقال أن "سعر كيلو الوراك ارتفع من 16 إلي 19 جنيه، البانيه 44 جنيها، الفراخ الحية 17 جنيها، الهياكل 5 جنيهات، الأرانب 27 جنيها، البط 30 جنيها، الفراخ البلدي20 جنيها للكيلو. اضاحي العيد وخلال الجولة، التقينا أحمدشعراوي، تاجر مواشي، وقال إن حركة بيع اضاحي العيد ضعيفة إلي حد ما، متوقعا أن تشهد إقبالا خلال الأيام القليلة المقبلة، موضحا أن سعر الكيلو الحي "خراف وماعز" 40 جنيها. نفس الوضع ينطبق علي سوق "العمارنة" بالوراق، استقرار في أسعار الخضروات وارتفاع طفيف في بعض أنواع الأسماك وكذلك الفاكهة، وارتفاع في اللحوم حيث تراوحت أسعارها ما بين 75 إلي 90 جنيها.. يقول محمد أحمد بائع خضروات، إنه رغم الثبات في الأسعار إلا أن حركة البيع ضعيفة جدا، مرجعا السبب إلا استعدادات الأسر المصرية لموسم المدارس والعيد، موضحا أن سعر كيلو الطماطم يتراوح ما بين 2 إلي 3 جنيهات، الباذنجان 3 جنيهات، البصل من 2 إلي 3 جنيهات، البطاطس من 2 إلي 3جنيهات، الفلفل 4 جنيهات رومي وحار، الكوسة 5 جنيهات، الملوخية 4 جنيهات، الليمون من 4 إلي 5 جنيهات. محمد الفكهاني، يضيف إلي حركة البيع ضعيفة إلي حد ما بسبب المواسم والموجة الحارة، موضحا أن الأسعار تتفاوت ما بين الارتفاع والهبوط حسب بداية الموسم والإقبال علي الشراء، مشيرا إلي أن سعر البطيخ من 5 إلي 25 جنيها، المانجو 8.5 إلي 15 جنيها، الجوافة من 6.5 إلي 10 جنيهات، العنب من 5 إلي 10جنيهات، كنتالوب 3 جنيهات، التفاح من 8 إلي 15 جنيها، التين من 5 إلي 8 جنيهات، الموز من 5 إلي 8 جنيهات. المرتبات لا تكفي فيما شهدت أسواق الملابس حركة بيع متوسطة مع قرب الموسم الدراسي الجديد وعيد الأضحي المبارك، وارتفعت أسعار الملابس وخاصة الأطفال وفي سن المرحلة الإبتدائية، حيث وصل سعر البنطلون لطفل عمره عاما واحد من 70 إلي 90 جنيها، تقول حنان السعيد إلي "مرتباتنا لا تكفي والأسعار مرتفعة جدا وخاصة ملابس الأطفال التي تخطت حاجز المعقول، ولا نجد بديلا سوي في سوق الوكالة حيث الأسعار في متناول يد الجميع من 5 جنيهات وحتي 75 جنيها"، مشيرة إلي أنها تستعد لموسم المدارس وعيد الأضحي منذ فترة بالاشتراك في "الجمعيات" للوفاء بمتطلبات بيتها وأطفالها". من جهته، أكد د. رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، رئيس المنتدي المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، أن زيادة الدخل وحدها ليست حلا مثاليا للمواطن لمواجهة الأعباء الحياتية، حتي لو تجاوز الدخل حاجز ال 10 آلاف جنيه، فالتنظيم وحدة يحكم المنظومة التي يتبعها المواطن، مشيرا الي أن طموحات المواطن نفسه وتنظيمه لأوجه صرف الدخل تحدد ما يكفيه شهريا لتحقيق رغباته، فكلما زاد المستوي الاجتماعي والوظيفي للفرد مع زيادة دخله تظهر احتياجات أخري قد تلتهم دخله، إذن فزيادة الرواتب وحدها ليست حلا ايضا لمواجهة ارتفاع الأسعار. وأضاف إنه لو افترضنا جدلا أن المواطن أو الموظف لا يستطيع أن يواجه الأعباء الحياتية بأقل من حد أدني 2000 جنيه في الوقت الراهن، فنؤكد ان الدولة لن تستطيع بأي حال من الأحوال رفع الحد الأدني للأجور ل 2000 جنيه، خاصة مع الامكانيات المتاحة ومعدل الانتاج الحالي، مشيرا إلي أن مرتبات العاملين بالدولة تخطت ال 218 مليار جنيه لما يقارب ال ملايين موظف، مع تاكيدات الرئيس بعدم الاقتراب من المرتبات أو الموظفين وهذا يوضح أن الدولة تتحمل أعباء مضاعفة وليست في حاجة لأعباء إضافية تزيد من حدة المشكلة، موضحا ان رفع الاجور يجب ان يرتبط بزيادة معدلات الانتاج وليس العكس. المنحة ياريس وقال يجب ألا نفرح بزيادة المرتب أو لأجر في جميع الأحوال، فعادة ما سمعنا جملة "المنحة ياريس"، تصرف المنحة وبعدها تحدث زيادة 20% في الأسعار، وكأن شيئا لم يكن، وهنا نشير إلي مصطلح "الدائرة الجهنمية"؛ مرتبات لاتكفي يتم زيادتها فتزيد السيولة في الأسواق فترتفع الأسعار، لذلك ينبغي التفرقة بين الأجر الحقيقي والنقدي، فما نتقاضاه من مرتبات بأرقام محددة يختلف تماما وحسب التنظيم عن الاحتياجات الحقيقة والأساسية التي يحتاجها المواطن فعليا. وضرب د. رشاد مثالا بمواطن يتقاضي أجرا قيمته 1000 جنيه يشتري بها 100 وحدة سلعية غذائية وخدمية وغيرها، وتم زيادة هذا الراتب إلي 1500 جنيه ومع مراعاة اعتبارات السوق والسيولة والتضخم وغير ذلك، يجد المواطن نفسه ومع زيادة ال 500 جنيه يشتري 90 وحدة سلعية، لذلك نقول أن زيادة الراتب ليست بمقياس، وهنا تظهر الحاجة إلي أسواق المنافسة الكاملة وأهمية دخول المجمعات الاستهلاكية الحكومية علي الخط لردع جشع التجار والقطاع الخاص لجذب المستهلكين وخلق منافسة قادرة علي أحداث توازن بالسوق وكسر احتكارية بعض السلع الأساسية وغيرها، إضافة إلي تحديد هامش ربح مناسب للمنتجات بالتعاون مع الغرف الصناعية والتجار والموزعين بشكل يرتضيه الجميع، لذلك تكون الرقابة الحكومية عنصرا اساسيا ومكملا للمنظومة لضبط حركة السوق ومواجهة الجشعين والمحتكرين، مع تدشين قائمة سوداء للمخالفين وأصحاب الضمائر "الخربة" ونشرها إعلاميا كنماذج سيئة أضرت بالوطن والمواطن وتجاوزت في حق المستهلك، وللمواطن أقول كفي سلع استفزازية وركز في منتج بلدك وكفانا مستورد، وأقول للمنتج والمصنع المصري إحترم المستهلكين وجود منتجك.