حققت القمة العربية الاخيرة في بغداد اهدافها في الانعقاد علي ارض العراق بعد انقطاع وعزلة بين العراق واشقائه من الدول العربية لمدة 22 عاما. واقر القادة والزعماء العرب مع الامين العام لجامعة الدول العربية لاول مرة في تاريخ هذه النوعية من القمم عددا قليلا من القرارت وعددها تسعة قرارات فقط مع اعلان بغداد. وتعهد الرئيس العراقي جلال طلباني ورئيس الوزراء نوري المالكي ووزيرالخارجية هوشيار زيباري بالعمل خلال مدة قيادة العراق للعمل العربي المشترك علي السعي لتنفيذ قرارت القمة والعمل علي ما جاء في اعلان بغداد من مطالب وقيم عربية تحقق مصالح الشعوب العرب وتحل المقبل من مشاكلها والسعي الي صياغة صورة للمستقبل وخاصة الاقتصادي عبر القمة الاقتصادية التنموية العربية والتي تستضيفها الرياض في العام المقبل. وتنظمها الجامعة العربية. ولقد احتل المشهد السوري صدارة اعمال القمة رغم عدم مشاركة سوريا. وخرج من قمة بغداد موقفا عربيا من خلال قرار يتضمن 13 بندا يطالب الحكومة السورية بوقف العنف وحماية المدنيين وحماية المتظاهرين والترحيب بالمبادرة الدولية العربية التي يسعي كوفي عنان الامين العام السابق للامم المتحدة تنفيذها مع السوريين. ولقد حرص العراقيون علي التاكيد علي ان الازمة السورية انتقلت من النطاق العربي الي النطاق الدولي وان مجلس الامن هو صاحب اليد الطولي فيها. واراد العراقيون بهذا المنحي الاتجاه الي الهدوء في التعامل مع الموقف لاعتبارات التاريخ والجغرافيا التي تربط سوريا والعراق بالاضافة الي رغبة القيادة العراقية ورئيس وزرائها الي تفعيل دور اطراف عربية مهمة في الازمة خاصة في ظل الانشغال بتداعيات ثورات الربيع العربي. ويراهن المالكي كرئيس وزراء للعراق علي اهمية تدخل اطراف عربية بجانب الدور الخليجي ايمانا منه بان الشخصية السورية سوف تراعي هذا من خلال معرفته بالواقع السوري حيث كان ضيفا علي دمشق قرابة 14 عاما. الاسلوب الهادئ وتشير مصادر عربية وثيقة الصلة الي ان الرؤية العراقية الي تحاول استخدام اسلوب متوازن وهادئ في التعامل مع الازمة قد تتعارض مع رغبة دول الخليج وخاصة الرياضوالدوحة وخاصة بعد اعلانهما عن الرغبة في تسليح المعارضة السورية. ولم تلق هذه الرغبة ترحيبا دوليا او عربيا. وقد زادت هذه الرغبة الخليجية من توتر العلاقات مع العراق. وتري المصادر العربية ان اشعال ازمة عربية بعد القمة العربية الاخيرة لا يفيد العمل العربي المشترك في ظل ان كوفي عنان الممثل الدولي والعربي والذي اتفق مع النظام السوري علي خطوات لو التزم بها السوريون سوف تساعد علي التحقيق التدريجي للمبادرة العربية التي تبناها كوفي عنان ويسعي لتحقيقها. واللافت للنظر هنا ان المبادرة العربية التي تطالب بان يتخلي الرئيس السوري عن سلطاته ويسلمها لنائبه من اجل السعي للانتخابات والتبادل السلمي للسلطة تدخل في اشكالية فهم بين العراق والجامعة العربية من جانب وبين قطر والسعودية من جانب اخر. حيث يري العراقيون من منطلق اتخاذ المنهج الهاديء انه لا ضرورة الان لتخلي الاسد عن سلطاته وهذا يتفق مع ما يطرحه كوفي عنان خلال رحلاته الي دمشق من خلال مبادرته التي يري العراقيون انها تتفق مع مبادرتهم. وهنا تبرز رؤية الجامعة العربية من خلال مبادرتها والتي تتحمس لها الدوحةوالرياض. وبرز هذا الاختلاف في وجهات النظر خلال المباحثات المغلقة. كما ظهر جليا خلال المؤتمر الصحفي لوزير خارجية العراق والامين العام لجامعة الدول العربية او نائبه السفير احمد بن حلي. . وتري المصادر العربية ان هناك اختلافا في المفاهيم والاوراق بين رؤية دول الخليج وسعيها الي تسليح المعارضة السورية ورؤية اخري يقودها العراق وتسعي الي جعل مجلس الامن يتبني الحل من خلال استخدام الفصل السابع من ميثاق المنظمة والذي يتيح لمجلس الامن ارسال قوات تفصل بين الطرفين علي غرار بعثة الجامعة العربية والتي فشلت في تحقيق اهدافها الرئيسية او استخدام القوة في فض العنف الذي يصر النظام السوري علي نهجه. وتقول المصادر العربية علي ان هذا الاسلوب يهدف الي تغيير النظام بالقوة. وهنا يتم طرح سؤال من سيتحمل فاتورة استخدام القوة الدولية لتغيير النظام في سوريا. ولن تجد القوي الدولية سوي دول الخليج لتتحمل هذه الفاتورة. وتري المصادر العربية ان دول الخليج من خلال الدور الذي تقومه الدوحة سوف تتصدر لهذا المشهد. بل وتؤكد المصادر ان قطر تعد نفسها اما لمواجهة سياسية مع العراق في ظل قيادته للعمل العربي المشترك خلال هذا العام من خلال التصعيد السياسي بجانب تصدرها للمشهد المواجه للعراق من خلال استضافتها لطارق الهاشمي نائب رئيس العراق والمختلف مع النظام الحالي وبينهما قضايا سياسية معقدة. وايضا استعداد الدوحة لمواصلة رفح درجة الحرارة مع بغداد حتي تنتهي مدة رئاستها للقمة.. وصولا الي العام المقبل حيث تتولي الدوحة قيادة العمل العربي المشترك والجامعة العربية بعد ان توصلت مع سلطنة عمان للتنازل عن دورها في القمة المقبلة. وتري المصادر العربية من داخل اروقة القمة ان في هذا اتفاقا او صفقة ظفرت بها الدوحة لتولي القيادة الرسمية للعمل العربي المشترك في ظل ظرف استثنائي عربي. ويطرح المصدر الدبلوماسي العربي ولماذا تتكبد قطر ودول الخليج كل هذه التكلفة والمغامرات التي ربما تنذر بسقوط منظومة العمل العربي المشترك.. ويجيب ايضا انه التخوف الخليجي والغربي من التواجد الايراني في المنطقة وعلاقاته الوطيدة بالنظام في سوريا. ومحاولة الحد من المد الشيعي وينهي المصدر الدبلوماسي العربي رؤيته متمنيا ان يقود العراق منظومة العمل العربي المشترك الي بر الامان بدلا من الوصول بها الي محطات اخري. وايضا ان تتوحد رؤي دول جامعة الدول والمواقف بما يدفع الي اعادة هيكلة منظومة العمل العربي وصياغة عربية جديدة توحد ولا تفرق وتجمع العرب ولا تشتت شملهم. فهل ينجح العراق والجامعة العربية هذا ما سوف يقوله لنا المشهد السوري الملتهب.