تعودنا.. كأسرة الأبنودي.. ان نعيش حالة طوارئ يوم الاربعاء من كل أسبوع، فهذا هو الموعد لكتابة يوميات الأخبار ولهذا اليوم سماته وطقوسه وعاداته، سأحاول ان انقل لكم ملامح من هذه الاجواء التي عشتها مع الأبنودي حتي نخرج اليوميات الي النور. يستيقظ الأبنودي مبكرا ليتصفح الجرائد سريعا ولا يحل الكلمات المتقاطعة كما يعتاد في الايام الأخري ثم يتوجه الي الشرفة ليتفقد اشجار المانجو المحيطة بالمنزل والتي يحرص علي متابعتها يوميا ويجلس ليحتسي كوب الشاي الصباحي صامتا علي غير العادة بدون ابداء أي تعليقات ساخرة أو قفشات او التحاور مع اشجار المانجو التي يثني عليها أو يوبخها اذا لم تثمر. هذا الهدوء وهذا الصمت النادر ينتابه فقط في حالة التأهب للكتابة. بعد دقائق قليلة يكون في حجرة المكتبة والتي تكون مفتحة النوافذ حتي يتسني له رؤية الخضرة من كل مكان وهو جالس امام مكتبه الصغير الذي اعتاد الجلوس عليه منذ أكثر من ثلاثين عاما، وشهد كتابة العديد من دواوينه وابداعاته الشعرية والادبية علي مدي مشواره الطويل. بعد حوالي نصف الساعة أدخل له فنجان قهوته السادة واضعه علي المكتب في حذر شديد حتي لا يصدر أي صوت يخرجه من استغراقه في الكتابة ثم أمضي سريعا وعلي أطراف الاصابع خارج المكتبة. يمضي الأبنودي ساعتين او ربما أكثر حتي ينتهي من الكتابة ثم يخرج من المكتبة منفرج الاسارير ويتنفس الصعداء وكأنه كان في حالة آلام المخاض التي تسبق الولادة.. ويقول «الحمد لله خلصت اليوميات» فأبتسم قائلة «حمدا لله علي السلامة». هكذا كان الأبنودي يكتب اليوميات وقد حاولت ان انقل لكم صورة لم تكن معروفة لديكم وأرجو ان أكون قد وفقت وأترككم الآن مع آخر ما كتب الأبنودي من يوميات الأخبار والتي كان حريصا علي كتابتها حتي آخر لحظة.. ولكن للأسف لم تسعفه حالته الصحية علي إتمامها لذا وحرصا مني علي التواصل مع جمهوره الذي أحبه وارتبط به في جريدة الأخبار، وبناء علي طلب الاساتذة الأفاضل في الجريدة برئاسة الاستاذ ياسر رزق، فاني اضع بين أيديكم آخر يوميات كتبها الأبنودي والتي سيتم نشرها في جزءين، وأرجو ان أكون قد أوصلت الأمانة.