عشت خمسة أعوام من اسعد أيام حياتي في اليمن حيث كان زوجي المهندس فؤادكامل رحمه الله كبيرا لخبراء الأممالمتحدة هناك وحينما طلبت من استاذي موسي صبري رحمه الله. - أريد أجازة بدون مرتب للسفر إلي اليمن ضحك وقال - بعثة ولا زيارة قلت- إقامة مع زوجي قال- ده حب مش زواج.. اليمن لاتغري بالسفر ولكنهم شعب من أعرق الشعوب العربية. وسافرت وصممت أن تسافر الأسرة كلها وكان زوجي قد استأجر لنا بيتا في منطقة «الصافية» لرجل اسمه الذماري.. وحينما أطللت من ساحة البيت علي الحديقة ورأيت اللون البني لجبل «نقم» قلت في عقلي سعادحسني غنت بمبي بمبي الحياة بأه لونها بمبي.. تري هل أغني لهذا الجبل الحياة بأه لونها بني؟؟ لم تمض أيام وجاءت جارتي اسماء جحيش تزورني واختها سعاد جاءا لمجرد الترحيب بناس من مصروكنا في أجازة الصيف ومعنا الأولاد أمل في الصف الثاني الثانوي ودينا في الاعدادية وأحمد في أولي ابتدائي ومن الطرائف أن سائق سيارة زوجي حينما سأل أحمد ابني عن اسمه قال له. - الاستاذ أحمد وتعجبنا فقال - لأنه ينادي بابا يافؤاد بلا ألقاب فقلت أنا اعرفه أن اسمي هكذا. وكانت هذه معلومة جميلة عن أهل اليمن بالبساطة وعزة النفس وبلا ألقاب ويطول الكلام عن العلاقات الجميلة والأيام الجميلة وكم سعدنابالسكن في العمارة اليمنية حيث الزجاج الملون يطل منه الضوء في أعلي الشبابيك وحيث الناس البسطاء الطيبون وحيث النساء الأميات صاحبات الثقافة العالية من البيئة والتي تعلمت منهن الكثير وحيث الطعام والخبز الخاص بالمنطقة وحيث الثقافة تدخل في كل شيء بلا ادعاء. وتوثقت علاقتي باليمنيين بتعمد مني ومن زوجي حتي لا نكون مثل الذين يغادرون مصر ويبحثون عن مصريين فقد أردت أن أتعرف علي البلد وتقاليده وعاداته من خلال البشر وليس من خلال الرؤية العامة. وكنت سعيدة جدا بحضور «الوبال» أي الخطبة «والعرس» أي الزفاف. لاحظت أن الإنسان اليمني شديد الاعتزاز بنفسه مثقف رجلا كان أو امرأة ثقافة تستطيع ان تعرف منها كل شئ عن المجتمع اليمني. وقدكتبت وأنا في اليمن قصة عن فتاة يمنية طموح صممت أن تدخل الجامعة وكان عنوان القصة «نشتهي أمة الرزاق» وهي كلمة تقال عند خطبة البنت «نشتهي فلانة لفلان» أي نريد فلانة لفلان وكلمة نشتهي كلمة عربية جميلة تستعمل كثيرا من اليمن. والأصالة في اليمن لانقاش فيها ولاتراجع عنها ولا اعتقد ان هناك شعبا من الشعوب العربية يحافظ علي مفردات أصالته مثل هذا الشعب العريق. والذي يحدث في اليمن الآن ليس مصادفة ولمحة تاريخية ولكنه متعمد وبخطة محكمة ولعل العرب جميعا ينتبهون أن أي بلد عربي معرض لما يحدث في اليمن لأن الفرصة إضعاف المنطقة قطعة قطعة وحتي لاتقوم قوة وحدوية هنا وتلاحظون أنها كلما اخمدت النار في مكان اشتعلت في مكان آخر ولكن الذكاء الخارجي اصبح يخطط بحيث يجعل شعلة النار في يد المنطقة العربية ويبدو للعالم أنها تحرق نفسها اليمن سوف يقف ولن يقع ولكن لابد أن تأخذالدول العربية كلها وأؤكد كلها أقول أن تأخذ مكانها في خط الدفاع عن اليمن.. إن اليمن هي البوابة الملكية للمنطقة فاحذروا ان تنكسر البوابة القنبلة الموقوتة التي وضعت بذكاء بين السنة والشيعة ليس لها مكان هنا علي الاطلاق ولم نشعربها طوال خمس سنوات أمضيناها بين أهل اليمن من صنعاء إلي الحديدة إلي مأرب إلي أماكن كثيرة جدا.. هذه بذرة من بذور الشر التي يبذرها الغرب لنا.