«تنسيق الجامعات 2025».. ننشر شروط تقليل الاغتراب للمرحلتين الأولى والثانية    رئيسة القومي للطفولة تزور الوادي الجديد لمتابعة الأنشطة المقدمة للأطفال    وزيرة التنمية المحلية تعتمد حركة محلية محدودة تتضمن 12 سكرتير عام وسكرتير مساعد فى 10 محافظات    وزير قطاع الأعمال يتفقد مشروع إنشاء مجمع مدارس فيصل    إي إف جي القابضة تواصل مسيرة النمو الاستثنائية بأداء قوي خلال الربع الثاني من عام 2025    إجراء 3 قرعات علنية لتسكين المواطنين بأراضي توفيق الأوضاع بالعبور الجديدة 18 و19 الجاري    علي الغمراوي يبحث مع سفير ناميبيا التعاون في قطاع الدواء    «محافظة القدس»: مشروعات استيطانية جديدة لفصل شمال الضفة عن جنوبها    إنريكي: لا أعتقد أننا نستحق الفوز أمام توتنام.. وتحقيق لقب السوبر الأوروبي معجزة    موعد مباراة ليفربول وبورنموث في الدوري الإنجليزي    كرة سلة - إيهاب أمين: تماسكنا أمام مالي ونجحنا في الفوز.. ومواجهة السنغال صعبة لتحديد المتصدر    ريبيرو يراجع خطة مواجهة فاركو في المران الختامي للأهلي    الداخلية تضبط عناصر إجرامية بحوزتهم أسلحة ومخدرات ب 116 مليون جنيه    محافظ الغربية يُحذر المواطنين من التعرض لأشعة الشمس | صور    ضبط سيدة بالجيزة تدير شركة وهمية للنصب على راغبي العمل بالخارج    ضبط عددا من متجري المخدرات والأسلحة النارية في حملات بالمحافظات    ضبط (25) طن دقيق مدعم قبل بيعها بالسوق السوداء    المشدد ما بين 3-6 سنوات ل 4 أشخاص لحيازتهم المخدرات في المنيا    «درويش» يزيح «روكي الغلابة» من الصدارة في أول أيام عرضه    يحييه خالد سليم وسعيد الأرتيست.. تفاصيل ثاني سهرات مهرجان القلعة 2025    الرئيس السيسى يوجه بالمضى قدماً فى إعداد الموقع العالمى لإذاعة القرآن الكريم    وزير الصحة يبحث توطين صناعة مشتقات البلازما    «تعليم مطروح» تعلن الانتهاء من تجهيزات امتحان الدور الثاني للثانوية العامة    «العمل»: عودة عجلات الإنتاج لشركة العامرية بعد نجاح مفاوضة جماعية    لتعويض غياب ميندي.. الأهلي السعودي يتحرك للتعاقد مع حارس جديد    أسعار الفراخ البيضاء اليوم الخميس في أسواق مطروح    بعروض فنية.. انطلاق فعاليات المسرح المتنقل ل «قصور الثقافة» (صور)    مع اقتراب موعد المولد النبوي 2025.. رسائل وصور تهنئة مميزة ب«المناسبة العطرة»    قرار جمهوري جديد للرئيس السيسي اليوم الخميس 14 أغسطس 2025    موعد مباراة منتخب مصر وإثيوبيا فى تصفيات أفريقيا المؤهلة لمونديال 26    الاحتلال يطرح 6 عطاءات لبناء نحو 4 آلاف وحدة استعمارية في سلفيت والقدس    قانون الإيجار القديم 2025.. إخلاء الوحدات بالتراضى أصبح ممكنًا بشروط    بالفيديو.. "الغرف التجارية" تكشف خطة الحكومة لتخفيض الأسعار    100 منظمة دولية: إسرائيل رفضت طلباتنا لإدخال المساعدات إلى غزة    فيديو.. أحمد سلامة ينتقد تصريحات بدرية طلبة الأخيرة: النقابة بتعرف تاخد أوي حق الممثل والعضو    غدا.. المركز القومي للسينما يعرض أربعة أفلام في احتفاله بوفاء النيل    بعد تعرضها لحادث سير.. ليلى علوي تتصدر تريند "جوجل"    زوجة "بيليه فلسطين" توجه نداءً عاجلاً إلى محمد صلاح    خالد الجندي: حببوا الشباب في صلاة الجمعة وهذه الآية رسالة لكل شيخ وداعية    اليونان تشهد تحسنا طفيفا في حرائق الغابات.. وحريق خيوس لا يزال الخطر الأكبر    تبلغ ذروتها اليوم.. 8 نصائح مهمة من الصحة لتفادي مضاعفات الموجة الحارة    «100 يوم صحة» تُقدم 45 مليونًا و470 ألف خدمة طبية مجانية في 29 يومًا    مواعيد مباريات الخميس 14 أغسطس 2025.. 4 مواجهات بالدوري ومنتخب السلة واليد    إعلام عبري: الجدول الزمني بشأن خطة العمليات في غزة لا يلبي توقعات نتنياهو    أدعية مستجابة للأحبة وقت الفجر    شقيقة زعيم كوريا الشمالية تنفي إزالة مكبرات الصوت على الحدود وتنتقد آمال سيول باستئناف الحوار    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 14 أغسطس 2025    التايمز: بريطانيا تتخلى عن فكرة نشر قوات عسكرية فى أوكرانيا    طريقة عمل مكرونة بالبشاميل، لسفرة غداء مميزة    الأحزاب السياسية تواصل استعداداتها لانتخابات «النواب» خلال أسابيع    في ميزان حسنات الدكتور علي المصيلحي    الصين تفتتح أول مستشفى بالذكاء الاصطناعي.. هل سينتهي دور الأطباء؟ (جمال شعبان يجيب)    أصيب بغيبوبة سكر.. وفاة شخص أثناء رقصه داخل حفل زفاف عروسين في قنا    كمال درويش: لست الرئيس الأفضل في تاريخ الزمالك.. وكنت أول متخصص يقود النادي    تحذير بسبب إهمال صحتك.. حظ برج الدلو اليوم 14 أغسطس    المركز الإفريقي لخدمات صحة المرأة يحتفل باليوم العالمي للعمل الإنساني تحت شعار "صوت الإنسانية"    تداول طلب منسوب ل برلمانية بقنا بترخيص ملهى ليلي.. والنائبة تنفي    خالد الجندي ل المشايخ والدعاة: لا تعقِّدوا الناس من الدين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما بعد الاستثمارات
نشر في أخبار اليوم يوم 16 - 03 - 2015

لكن الرئيس السيسي وحده كان يتوقع ويحلم بما بدا مستحيلا، حلم الرئيس باستثمارات تفوق المئة مليار دولار للسنوات القليلة المقبلة، وتحقق حلم الرئيس بأكثر مما توقع هو شخصيا
خذل مؤتمر شرم الشيخ توقعات المتشائمين والمتربصين، وحقق نجاحا سياسيا باهرا بمجرد انعقاده بالحشد العربي والدولي غير المسبوق، وحقق نجاحا اقتصاديا كاسحا فاق توقعات أشد المتفائلين، وجلب استثمارات عربية وأجنبية زادت عن المئة مليار دولار، فضلا عن مساعدات وودائع وقروض ميسرة وتسهيلات مالية جديدة وصلت إلي 16 مليار دولار.
ولم يكن كاتب السطور يتوقع سوي تحقيق نجاح اقتصادي متوسط، والحكومة نفسها لم تكن تتوقع استثمارات خارجية بأكثر من 15 مليار دولار، لكن الرئيس السيسي وحده كان يتوقع ويحلم بما بدا مستحيلا، حلم الرئيس باستثمارات تفوق المئة مليار دولار للسنوات القليلة المقبلة، وتحقق حلم الرئيس بأكثر مما توقع هو شخصيا، وتدفقت الاستثمارات كموج البحر، تضيف موارد فياضة لهدف إنهاض وانطلاق الاقتصاد، وتحول مصر إلي قطب جاذب للاستثمارات بأكثر من أي وقت مضي، وتعد بتحقيق معدلات نمو سنوي عالية، تفوق الستة أوالسبعة بالمئة التي يخطط لها الرئيس.
وقد نختلف مع بعض اختيارات الرئيس السيسي في الداخل المصري، وفي مجالات الاقتصاد والسياسة بالذات، قد نستبطئ خطاه في تصفية تحالف البيروقراطية الفاسدة مع مليارديرات المال الحرام، وقد نعجب لتركه ترزية "العك القانوني" يعبثون كما يشاءون، ويشوهون مسارات التقدم إلي ديمقراطية وبرلمان يستحق الوصف، وقد لا تكفي الخطوات المتخذة حتي الآن لتفكيك الاحتقان السياسي، واستمرار احتجاز مئات وآلاف من الشباب غير المتهمين في حوادث عنف وإرهاب مباشر، قد نختلف مع الرئيس في ذلك كله، وفي غيره من إجراءات عنت اقتصادي، تزيد مصاعب الحياة لغالبية المصريين، ولا تراعي اعتبارات العدالة، وتزيد الأعباء علي كاهل الفقراء والطبقات الوسطي، بينما تنجو القلة المترفة، وتتأخر مواعيد تصفية الحساب معها، وتحتفظ بتريليوناتها المنهوبة، ودون استثمار حقيقي جاد، يوسع الطاقة الانتاجية ويخلق فرص العمل، بل تواصل "استحمار" البلد، واستنزاف الثروة الوطنية، واستفزاز الجائعين إلي الكرامة والعدل والحرية.
نعم، نختلف مع اختيارات حكم راهنة، ونثق أن الرئيس السيسي لن يتوقف عندها، وسوف يتجاوزها بحسه الوطني والاجتماعي الفريد، ويشفع طريقه إلي الإنجاز بانحياز أوسع لغالبية المصريين المعانين، ويصوغ اختيارات داخلية تعادل في امتيازها سياسته الخارجية المتفوقة، فلا أحد عاقل ينكر نجاح السيسي، والذي استطاع في وقت قياسي تغيير صورة وبيئة مصر، وبناء دوائر دعم دولي وإقليمي وعربي لمصر الجديدة، جعلت "عزلة مصر" شيئا من الماضي البغيض، وأنهت تحكم واشنطن في القرار المصري، ووسعت من خيارات انفتاحنا علي العالم الناهض الفوار بالمتغيرات، وطورت شراكات استراتيجية مؤثرة مع روسيا والصين ودول نافذة في الاتحاد الأوروبي، وقد كان لافتا أن "مؤتمر شرم الشيخ" سبقته زيارة بوتين الناجحة إلي القاهرة، وتعقبه زيارة الرئيس الصيني، وبما يفتح أمام مصر سبلا للتقدم، ظلت مغلقه لعقود، ويعاد فتحها لأول مرة منذ نهاية حرب أكتوبر 1973، وتستأنف بها مصر نهوضها الذي قطعوا طريقه، وتزود جيشها القوي بأحدث الأسلحة في الدنيا كلها، وتكسر احتكار أمريكا لتوريد السلاح، وتطور صناعة سلاح ذاتية مقتدرة، وتبني تكامل صناعاتها الحربية مع صناعاتها المدنية، وتجدد قلاعها الصناعية التي جري تجريفها، وتحيي مشروعها النووي السلمي المعطل منذ أربعين سنة، وتقيم محطات الطاقة النووية، وتولي اهتماما مكثفا بأولوية توفير الطاقة من كافة مصادرها الطبيعية والمتجددة، فلا إمكانية لتصنيع شامل بدون موارد طاقة هائلة، وهو ما يفسر أولوية مشروعات الطاقة في عروض شرم الشيخ، وفي الاستثمارات الكبري التي جري جلبها، وجنبا إلي جنب مع قفزات البنية التحتية وشبكات الطرق والمدن المليونية الكبري، وفي وقت واحد مع مشروع قناة السويس الإعجازي وخطط استصلاح أربعة ملايين فدان جديدة، والتي تتم علي مراحل بالقدرات الذاتية والاكتتاب الشعبي العام، وبما يحول مصر إلي ورشة عمل لاتكل ولا تمل، توظف الملايين من قوة عاطلة في مصر تصل إلي 12 مليون مواطن.
والصورة في مجملها توحي باختيار جوهري للسيسي، وبمشروع للنهوض ينسب إلي الرجل، يتصف بقفزات متلاحقة، ويؤسس لثنائية بازغة من نوع مختلف، ثنائية الاستثمارات الأجنبية مع رأسمالية دولة جديدة، فأغلب التعاقدات في مؤتمر شرم الشيخ، كانت الدولة طرفا مباشرا فيها، وأغلب المشروعات الكبري يجري تنفيذها بإشراف هيئات الجيش، وبدور بارز لجهاز الخدمة الوطنية والهيئة الهندسية للقوات المسلحة بالذات، والتي تتجاوب في إيقاع عملها مع إيقاع الرئيس السريع جدا، ومع معادلته الذهبية التي يكرر ذكر عناصرها دائما، وهي الإنجاز في أقصر وقت وبأفضل جودة مع أقل تكلفة، وهو ما بدت علاماته ظاهرة ملهمة في الإنجاز المعجز لمشروع قناة السويس وشبكات الطرق الجديدة، وفي توظيف هيئات الجيش المعنية لألف شركة مدنية ومليون مهندس وفني وعامل مدني، وبما يبرز الدور المتفوق لرأسمالية دولة جديدة، قد يصح أن نسميها "رأسمالية الجيش"، والتي تدفع "رأسمالية المحاسيب" الطفيلية الموروثة إلي الهامش، وتجلب الاستثمارات الأجنبية إلي مشروعات مختارة بعناية، تضيف إلي الطاقة الإنتاجية، ويتوافر لها شريك مصري جاد ومقتدر، وفي إيحاء ظاهر بمثال صيني آخر علي ضفاف النيل، يجمع فوائض الاستثمارات الأجنبية إلي طاقة وتخطيط الدولة ودورها القيادي، وبملامح مصرية تصوغها شخصية الرئيس السيسي، والذي يشبه في دوره حالة فلاديمير بوتين في تجربة النهوض الروسي.
القصة إذن أبعد من مجرد جلب استثمارات خارجية، وحتي لو أمطرت بمئات المليارات من الدولارات، وقد تدفقت علي مصر مئات المليارات بعد حرب أكتوبر 1973، ولم تؤد إلي نهوض، بل إلي انحطاط تاريخي قامت عليه الثورة، وإلي تجريف الأصول وتدمير إنتاجية الاقتصاد، وهو ما قد يصح أن نفعل عكسه بالضبط الآن، أي أن نضيف أصولا وطاقة إنتاج جبارة، وهو ما تأمله مصر الجديدة مع مشروع الرئيس السيسي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.