الزيارة السريعة التي قام بها الرئيس عبدالفتاح السيسي للرياض ومباحثاته المهمة مع عاهلها خادم الحرمين جلالة الملك سلمان ما هي الا تجسيد وحلقة من التواصل لمسيرة التعاون الأخوي الحميم بين مصر والسعودية. انها تأكيد للعلاقات الممتدة إلي عمق التاريخ بين البلدين الشقيقين اللذين جمع بينهما دوما تواجدهما في قارب واحد. إن تزاملهما المشترك في هذا القارب كان وسيظل صمام الأمان للأمن القومي العربي. هذه الروابط المصرية السعودية الفريدة القائمة علي قوة الأواصر بين الدولتين الشقيقتين تطورت وتعاظمت منذ فتح مصر ودخولها الاسلام استجابة لما بشر به نبينا محمد عليه الصلاة والسلام والذي كان وراء الارتباط المصيري.. المصري العربي . وقد شهدت مدن وقري مصر استوطان الآلاف من ابناء مناطق الدولة السعودية من نجد والحجاز وكذلك اعداد كبيرة من المصريين ذهبوا الي السعودية وارتبطوا بالمصاهرة واقوي العلاقات في كافة المجالات. هذه العلاقة الازلية تعاظمت الي جانب مع تحقق بتنامي التجارة المتبادلة ورحلات حج المصريين إلي الاراضي المقدسة. لاقت هذه العلاقة المزيد من الرسوخ مع تولي الملك عبدالعزيز آل سعود رأس الاسرة السعودية شئون الدولة. تجلي ذلك في وصية ونصيحة هذا العاهل العظيم لأولاده الذين خلفوه بعد ذلك - في تحمل المسئولية - بأن تكون لهم مع مصر أقوي العلاقات.. وهو ما أصبح التزاما ومحورا لتعاملهم مع الدولة المصرية علي مر السنين. زاد من عظمة العلاقات بين البلدين وتطورها الكثير من الاحداث التاريخية التي كانت لها بصماتها علي العلاقات المشتركة مصريا وسعوديا. ان العقود الأخيرة شهدت وقوف السعودية إلي جانب مصر في مواجهة ما تعرضت له من حروب عدوانية. تمثلت قمة هذه المساندة في تطوع امراء الاسرة السعودية وفي مقدمتهم جلالة الملك سلمان نفسه لمشاركة المصريين في الدفاع عن الدولة المصرية. في هذا الاطار ايضا جري الدعم السعودي لمصر بعد حرب 1967 لتصل الي قطع الامدادات البترولية عن دول العالم الغربي خلال حرب 1973 بما كان يمثل ضغطا قويا ساهما في وقف دعمها وتأييدها لاسرائيل. من ناحية أخري وفي مواجهة المغامرة المجنونة لصدام بالاستيلاء علي الكويت وتهديده بالزحف علي السعودية. بادرت القوات المصرية بالتحرك الي منطقة حفر الباطن علي الحدود الكويتية حماية للدولة السعودية لتتحرك بعد ذلك مع القوات السعودية لتحرير الكويت. وفي اطار هذا التواصل المصيري كان لقادة السعودية موقف مساند للشعب المصري في مواجهة محنة سيطرة جماعة الاخوان الارهابية علي مقدرات مصر. ظهر ذلك جليا بعد ثورة 30 يونيو التي نجحت في الاطاحة بحكم هذه الجماعة حيث اعلن الراحل الملك عبدالله شقيق الملك سلمان وقوف السعودية إلي جانب مصر في مواجهة الضغوط والمؤامرات الموتورة لحلفاء الجماعة الارهابية التي تتم اعتبارها تنظيما ارهابيا من جانب السعودية والامارات. لم يقتصر هذا الموقف السعودي الأخوي المشرف علي مجرد هذه المساندة بل تعداه بالمشاركة مع دولتي الاماراتوالكويت في تقديم قدر هائل من الدعم المالي الذي كان له أكبر الأثر في الصمود ومواجهة الاحتياجات المالية والبترولية. ولايمكن الحديث عن هذا التطور الايجابي للعلاقات المصرية السعودية دون الاشارة للدور الفعال والمهم الذي قام ويقوم به حاليا السفير احمد قطان في دعم التواصل بين البلدين الشقيقين وهو ما انعكس علي كل المجالات. من المؤكد ان ما اتسمت وتتسم به العلاقات المصرية السعودية علي مدي التاريخ يعد رصيدا قويا استندت اليه مباحثات السيسي والملك سلمان. في هذا الاطار يحق القول انها تناولت كل القضايا الاستراتيجية التي تهم البلدين وتشغل بال الشعبين سواء كانت ثنائية أو عربية أو إقليمية أو دولية.