عندما تتحدث إسرائيل عن تحقيق العدالة ويتحدث نتنياهو عن حقوق الانسان فاعلم انك تعيش في عالم هزلي لم تعد فيه الكوميديا السوداء مضحكة..الحقيقة الوحيدة هي أن إسرائيل نجحت بعد ضغوط دولية ان تدفع ويليام شاباس رئيس لجنة التحقيق في حرب غزة الاخيرة التي شكلها مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة، إلي الاستقالة بعد أن اتهمته اسرائيل بالتحيز للفلسطينيين لأنه قدم من قبل نصائح قانونية لمنظمة التحرير الفلسطينية عام 2012. وتقدم السفير الإسرائيلي لدي الأممالمتحدة في جنيف إفياتار مانور برسالة إلي يواكيم روكر رئيس مجلس حقوق الإنسان يندد فيها بما وصفه بتضارب صارخ للمصالح وبعلاقة شاباس السابقة بالفلسطينيين. وطلب عزله علي الفور. في حين طلب رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ان يتم إلغاء التحقيق من اساسه متهما منظمة حقوق الانسان بأنها معادية لاسرائيل و"لا صلة لها بحقوق الانسان" علي حد قوله !! في الوقت الذي رفضت فيه اسرائيل من قبل دخول لجنة التحقيق لغزة في نوفمبر الماضي كما رفضت التعاون مع المحققين، بدعوي ان اللجنة تتجاهل "الانتهاكات " التي يرتكبها الفلسطينيون. في الوقت نفسه شكلت لجنة اسرائيلية برئاسة نعوم تيبون للتحقيق في احداث الحرب. وبعد ان أقر ويليام شاباس بأنه قام من قبل بأعمال لصالح منظمة التحرير الفلسطينية وانه حصل علي 1300 دولار مقابل الإدلاء برأي قانوني لمنظمة التحرير الفلسطينية في أكتوبر عام 2012، واضاف انه لا يريد بالتالي أن يؤثر علي مصداقية التحقيق رغم انه لم يرتكب جرما أو مخالفة خاصة انه قام بتقديم العديد من الاستشارات القانونية للكثير من الحكومات والدول من قبل. ورغم استقالة شاباس أكدت اللجنة انها ستواصل عملها وستصدر تقريرها في موعده الشهر القادم رغم استقالة رئيس الفريق وتجاهلت اللجنة بذلك مطلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بالتخلي عن إصدار هذا التقرير التي تشير الاتجاهات انه سيدين الدولة العبرية. وكان مجلس حقوق الانسان قد شكل في يوليو الماضي لجنة للتحقيق في العدوان علي غزة بناء علي طلب من الفلسطينيين. مكونة من ثلاثة محققين هم : شابلس رئيسا وعضوان اخران هما : دودو دين من السنغال وماري مكجوان ديفيز من الولاياتالمتحدة. وسيصدر تقرير اللجنة في وقت حساس للطرفين حيث يخوض نتنياهو الانتخابات البرلمانية في مارس القادم ويسعي لكسب أكبر نسبة من تأييد حزبه اليميني المتطرف كي يشكل حكومة تسير علي هواه وتستمر في سياساتها المتطرفة ببناء المزيد من المستوطنات وعرقلة جهود استئناف عملية السلام، وعلي الجانب الفلسطيني يتعرض محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية لتهديدات أمريكية واسرائيلية كي يعدل عن قراره بتقديم جنرالات اسرائيل للمحاكمة بعد الموافقة علي عضوية فلسطين في محكمة الجنائية الدولية في ابريل القادم. وستجد لجنة التحقيق أمامها الكثير من الحقائق حول الكوارث التي خلفتها الحرب التي استمرت 52 يوما وأدت إلي استشهاد 2189 فلسطينيا، بينهم أكثر من 1486 مدنيا، وفقا لإحصائيات الأممالمتحدة، وأكثر من 13 ألف جريح بينما شردت مئات الآلاف وهدمت اكثر من 17 الف منزل وقتلت عائلات بأكملها وقصفت ابراجا سكنية يقطنها مدنيون فضلا عن المذابح التي ارتكبتها القوات الاسرائيلية في رفح وحي الشجاعية وكلها جرائم حرب لم تكن بعيدة عن مرأي ومسمع العالم الذي كان يشاهد غزة وهي تباد دون ان يدين اسرائيل. حتي عندما استهدفت مدارس الانروا التابعة للأمم المتحدة التي تأوي اللاجئين الفلسطينيين لم يكن هناك غير بيانات التنديد دون توجيه أي اتهام قانوني لاسرائيل.وفي انتظار تقرير اللجنة.