سيارة جرفتها مياه السيول خير بين أيدينا مازلنا نراه شراً، الدنيا تنتظره وتدعو لنزوله ونحن نهرب منه.. الأمطار في سيناء تتحول إلي سيول تشبه الأنهار تجوب الأودية والجبال لأكثر من 100 كيلومتر عابرة الطرقات والمدقات الجبلية كالمارد الهائج الذي ينتظر الترويض، تأثيرها وقوتها يدمر كل شيء أمامها، الحكومات المتعاقبة مازالت تتعامل مع السيول انها شر لابد الاتقاء منه ولم تفكر حتي الان بالاستفاده من مياهه التي قدرتها بعض الدراسات ل 200 مليون متر مكعب من المياه سنوياً والتي تتخطي 4 أضعاف المياه التي يتم ضخها من نهر النيل لسد حاجة سيناء من المياه.. ورغم ان الله وصفها في القرآن انها مياه مباركة تحمل الخير « وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ » سورة ق، الا ان إجراءات الدوله اغلبها مقتصرة علي تلافي خطر السيول وحماية الطرق والبيوت منها، مثل «تدبيش» جوانب الطرق بوضع الحجر الجيري حولها منعا لتدفق المياه علي الطرق الرئيسية او تركيب مواسير اسفل الطرق الاسفلتية التي تقع في طريق السيل او حفر ممرات بديله له لتصرف كل هذه المياه في البحر دون الاستفادة منها سوي كمية قليلة.. «الأخبار» قامت بجوله علي بعض ممرات السيولبجنوبسيناء لرصد الظاهرة وكيفية الاستفادة منها، ومما تفعله الحكومة لأتقاء شرها واستخدمات البدو للاستفادة منها. وسط الجبال بوادي اسلا بمدينه الطور بزيه البدوي يملئ كفيه بمياه الوادي ويروي ظمأه، الشيخ موسي ابو حسن قال ان مياه الامطار والسيول يستخدمها البدو لسد حاجاتهم من الشرب والاستخدامات المتعددة لها بسبب عدم وجود مرافق في تجمعاتهم البدوية وعدم كفاية المياه التي تأتي اليهم شهريا عن طريق سيارات نقل المياه، حيث يقوم البدو بحفر خزانات في الارض حتي تمتلئ بالمياه اثناء جريان السيل ويمكن بعد ذلك استخدامها. إلي البحر يقول الشيخ «جمعة» احد اهالي جنوبسيناء انه للأسف ان وديان سيناء تجري فيها أنهار من مياه الأمطار ولكنها غير مستغلة ومعظمها يصرف في البحر رغم انه يمكن استخدامها وتجميعها حتي يصبح مخزونا استراتيجيا للمياه في سيناء يستخدم في الزراعة استصلاح الاراضي عن طريق انشاء سدود وخزانات بدلا من ملايين الجنيهات التي تصرف علي بناء سدود لمواجهة السيول لتلافي خطرها علي الطرق والتجمعات السكنية. وفي منطقة عريج بمجرد أن ذكرنا كلمة السيول ظهرت حالة من التوتر والقلق علي وجوه أهالي القرية خاصة الذين يعيشون وسط الوديان والجبال، ويقول الشيخ حسين فتيحي أن كل يوم يمر علينا في فصل البرد والأمطار تتزايد مخاوفنا من السيول التي قد تدمر منازلنا في دقائق خاصة أن أسقف منازلنا من الخشب والصاج التي لاتتحمل هطول الأمطار الشديدة وتتحول مداخل الوديان الجبلية لفوهات براكين من المياه المنهدرة، فمجرد ساعات من المطر الغزير وينطلق مارد السيول يجوب الأودية والجبال في جنوبسيناء يدمر كل في طريقة والجميع يفر من أمامه. سدود وخزانات أكد اللواء خالد فودة محافظ جنوبسيناء انهم يقومون بمعالجة مشكلة السيول بشكل حاسم حاليا، ففي مدينة طابا تقوم وزارة الري بجهد كبير وخصصت 50 مليون جنيه لحل مشكلة السيول بها، اما وادي وتير وهو أحد أهم الأودية بمدينة نوبيع تم توفير 255 مليون جنيه لانشاء سدود وخزانات وتطهير المخرات به، وفي مدينة دهب تم توفير 92 مليون جنيه، أما في وادي غرندل وضعت القوات المسلحة علي عاتقها انشاء سدود وخزانات وحل مشكلة السيول بها بتكلفة 160 مليون جنيه، وفي كاترين يتم انشاء مجموعة من السدود والخزانات حتي نستفيد من مياه السيول في الزراعة والري بدلا من إهدارها كلها في مياه البحر ولكن هناك جزء يجب ان يصل إلي البحر لعدم التأثير علي التوازن البيئي. فيما يؤكد فوزي همام رئيس مدينة الطور ان من أخطر السيول موجود بوادي اسلا وقد أدي إلي تدمير الأشجار والنخيل بالوادي من شدة جريانه وقمنا علي الفور بالتأكد من ابتعاد التجمعات البدوية من مجري السيل وتحذيرهم من التواجد في مخراته، كما أننا نقوم بعمل ممرات بديلة للمياه حتي تصل إلي البحر دون ان ينجم عنها اي اثار تدميرية علي الطرق او المدن. وفي مدينة أبو زنيمه أحد أهم المدن التي تحتوي علي مخرات للسيول أخطرها «وادي غرندل» حيث اكد حمدي عبد العليم رئيس المدينة ان الدولة تقوم بمجموعة من الاجراءات لحماية المواطنين والطرق من الاثار المدمرة للسيول بالمنطقة حيث تقوم بعمل صيانة دورية لمخرات السيول وتقوم بوضع «دبش « حول الطرق الاسفلتية التي تقع في مجري السيل حتي تحميه من الانهيار كما تقوم باخلاء التجمعات البدوية من ممراتها حتي لا ينجم عنها اي خسائر بشرية، وقال ان السيول تسير علي سطح الارض لمسافات طويلة قد تصل إلي 100 كيلومتر وهذا دليل علي كثرتها وقوة اندفاعها ومعظم هذه المياه لا يتم الاستفادة منها والاكتفاء بحماية الطرق والمدن من شرها ونحتاج ميزانية كبيرة للاستفادة من مياه السيول. تطهير المخرات من جانب وزارة الري أكد د. حسام المغازي وزير الري ان الوزارة انتهت من الخطة التنفيذية لمواجهة مخاطر السيول في 10 محافظات بالوجه القبلي وشمال وجنوبسيناء هي الاماكن الاكثر عرضة للسيول، وأن هذه الخطة تضمنت أعمال التطهيرات لمخرات السيول، حيث يتم صيانة 142 مخر سيل بإجمالي أطوال يبلغ 341 كم موزعة علي محافظات الجمهورية، بالاضافة لإعمال إزالة الحشائش والتجريف وإزالة العوائق من مجري مخرات السيول بمتوسط تكلفة 6 ملايين جنيه سنويا. 3 بحيرات أضاف د. المغازي أن الوزارة تقوم حاليا بتنفيذ اعمال حماية في نطاق محافظة جنوبسيناء ب 400 مليون للتصدي للسيول تتضمن حماية وادي وتير عن طريق إنشاء 8 سدود و3 بحيرات بتكلفة 255 مليون جنيه، فضلا عن حماية 96 وحدة سكنية بالوادي بتكلفة 5و2 مليون جنيه، كذلك انشاء سدين بوادي زلجة بتكلفة 12 مليون جنيه،، وفي مدينة طابا جار إنشاء سدين وبحيرتين و3 حواجز و5 قنوات صناعية ومعابر بتكلفة بلغت 50 مليون جنيه، كما تم إنشاء بحيرة صناعية بوادي النخيل بتكلفة 7و2 مليون جنيه، فيما يجري إنشاء سد اعاقة وخزان أرضي بوادي النصب بتكلفة 5و2 مليون جنيه.. وكذلك إنشاء أعمال حماية وادي غرندل علي خليج السويس بمبلغ 160 مليون جنيه. وقال إن أجهزة الوزارة رفعت حالة الطوارئ القصوي استعداداً لموسم الأمطار والسيول .