فما إن صادف السيد «رئيس مباحث الفشن» الطفل عبدالمسيح(9 سنوات!)- ولن أذكر اسمه كاملا، فكفاه ما ناله من»تجريس»- وقد قبض عليه أحد المارة (من المواطنين الشرفاء بالقطع)حتي بدأ الفيلم (في طبعته الجديدة) في فيلم «الخطايا» لحسن الإمام يصفع الأب «عماد حمدي» الابن «عبد الحليم حافظ» قلما شهيرا في السينما المصرية قائلا: «لأ..أنت مش ابني، أنت لقيط». يغني عبدالحليم في طريق ضبابي: «لست أدري»، ثم يدخل إلي «كباريه» ليسكر، وحين يجيء الحساب لايجد معه نقودا، يصطحبه الجرسون إلي القسم وهناك يلتقي بالضابط الشاب «زين العشماوي»، الذي يدرك، بحدسه، أن الشاب يعاني من أزمة طارئة، يتغاضي عن تحرير محضر له، ويمنحه ما في جيبه من نقود. هذا المشهد قد يؤثر في ضابط شاب هذه الأيام، لكن الناس أذواق، وليس كل الضباط من النوع الذي يتأثر بفيلم «الخطايا»، بل بفيلم آخر هو «جعلوني مجرما»، فما إن صادف السيد «رئيس مباحث الفشن» الطفل عبدالمسيح(9 سنوات!)- ولن أذكر اسمه كاملا، فكفاه ما ناله من»تجريس»- وقد قبض عليه أحد المارة (من المواطنين الشرفاء بالقطع)حتي بدأ الفيلم (في طبعته الجديدة): تقول والدته: «إن أحد المارة أمسك بنجلها وسلمه لمركزشرطة الفشن حيث أحاله رئيس المباحث للنيابة التي أمرت بإحالته لمؤسسة الأحداث لعمل بحث وتحر عنه، وتم تسليمه لنا مع زملائه وفوجئنا بعمل المحضر بسرقة 117 رغيفا وأبلغوني بأنه يجب أن يدافع محام عن ابني وبعد أن مر علي الواقعة سنتان جاءنا إخطار بأن هناك جلسة لمحاكمته. هكذا؟! نعم هكذا، «خبط لزق» كما يقولون! أقوال الطفل– كما نشرتها»المصري اليوم»- توضح أنه ابن سائق حنطور، (في بلد تزدهر فيه السياحة كما تعلمون)، يعول أربعة أبناء، وزوجة، كان «عبدالمسيح» خارجا من المدرسة اشتري «جبنة بيضا»، ووجد الخبز معلقا في كيس، فأخذه (من الجوع)، وجلس يأكل مع أقرانه. الطفل كاذب طبعا، هذا ما يقوله المواطن الشريف، وهو من صدقه السيد رئيس المباحث (بفطنته وخبرته في معرفة عتاة المجرمين)، والأرغفة لم تكن خمسة كما ادعي اللص الكاذب، بل 117 رغيفا -بعد عدها بدقة خشية أن يكون أحد الأرغفة قد التصق بالآخر وهو طالع من الفرن- وبرغم أن «اليوم السابع» قد أكدت، في رواية أخري، أن من قبض عليه هو صاحب المخبز، حيث «يعمل» الطفل! وأن عدد الأرغفة المسروقة 170، وأبرزت صورة الطفل وعائلته بعد فرحتهم بالبراءة من «مستأنف جنح الأحداث»! (بعد حكم إيداعه بالإصلاحية لعام!) فإن صوره المنتشرة في الجرائد، وعلي المواقع ستظل تطارده بقية حياته: «ياحرامي»، وإذا نحينا الطفل جانبا (وهولا قيمة له كماترون)، سنكتشف أن عبارة «حرامي غسيل» التي عادة ما نطلقها سخرية من اللصوص الغلابة، قد أصبحت موضة قديمة، ولدينا الآن، والحمد لله:»حرامي الرغيف المدعم»، وبدلا من أن تؤرقنا سرقة الخبز في «أعوام الرمادة» التي نعيشها، والتي، في مثلها، أبطل عمر بن الخطاب حد السرقة، وبدلا من أن تؤرقنا المليارات المنهوبة من دمائنا، تدافعنا ونشرنا صور»فريد شوقي الجديد» لتجوب العالم، مغفلين ضرورة «التحقيق» مع السيد رئيس المباحث لتكديره الرأي العام بما كان من الضروري أن يتجاوز عنه بالصلح بين الطرفين، ولفت نظره إلي أن يؤدي وظيفته الحقيقية بروح القانون لا بروح العدالة «الانتقامية» التي لا تطال سوي فقراء المحروسة، علي طريقة «تيجي في الهايفه وتتصدر»! ليس لدي ما أضيفه، سوي تمنياتي لكم بمشاهدة ممتعة للفيلم، علي أنغام قصيدة بيرم التونسي (حرامي الرغيف): تسرق رغيف يا حرامي وتتحبس شهرين؟! لوكنت قاضي المدينة لاحبسك سنتين/ لأن ذنبك يا مجرم يعتبر ذنبين/المهنة رخَصتها لما سرقت رغيف/ وسرقت من قبل ما تصبح وجيه وشريف/ لا أنت حرامي تشرفنا ولا أنت وجيه/ ويا ويله ما أتعسه الواقف ما بين بينين/ تهجم علي السرقة ليه يا أجهل الجهال/ رئيس قلم حضرتك؟ ولا مدير أعمال/ السرقة يا ابن الحلال صنعة وعايزة رجال!