حكمة فلاسفة : الشاعر أحمد شوقي: جئني بالنمر العاقل، أجيئك بالمستبد العادل! حكيم ثائر: بعد نجاح الثورات يتكاثر عدد الأبطال! لا أدري لماذا خفت الحديث هذه الايام عن قضية خطيرة، واعني بها قضية إلغاء الحرس الجامعي التابع لوزارة الداخلية الذي صدر به قرار من الرئيس الشهيد السادات عام 1971 وتساءلنا وقتها: ما هو البديل الذي يحفظ للجامعات هيبتها وكرامة اعضاء هيئات التدريس والعاملين والطلاب ويصون مبانيها التي تكلف انشاؤها مئات المليارات من الجنيهات منذ انشاء أول جامعة أهلية في مصر والشرق العربي عام 1908 حتي الان وقامت علي تبرعات المصريين، اغنياء وفقراء وفي مقدمتهم الاميرة فاطمة ابنة اسماعيل خديو مصر. وقد توقعنا أن يكون لقرار الالغاء غير المدروس توابع خطيرة.. نعم كانت هناك تجاوزات من بعض أفراد الحرس، شأن اي فئة فيها الايجابيات والسلبيات، وكان من الممكن تصحيح المسار بدلا من الالغاء، ولكن أسهل شيء في حياة الشعوب النامية، غير المتحضرة الالغاء بدلا من الاصلاح عملا بالقول الشائع: « الباب اللي يجي منه الريح سده واستريح!.».. وبعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو ظهرت مساوئ إلغاء الحرس التابع لوزارة الداخلية، فقد اصبحت الجامعات، ومعاهد العلم مستباحة من شراذم طلابية وبلطجية خارجة علي القانون وعلي القيم الطيبة، حرقوا المنشآت وأهانوا هيئات التدريس وطلاب العلم والعاملين في خدمة رسالة الجامعة.. ورفعت جماعة 9 مارس برئاسة د. محمد ابوالغار الاستاذ بطب قصر العيني دعوي قضائية امام محاكم مجلس الدولة لاستمرار الالغاء، واستجابت المحكمة لصالح هذه الجامعة. وفي نفس الوقت ألزمت الجامعات بانشاء وحدات للامن داخل الكليات والحرم الجامعي، تتبع مباشرة رئيس كل جامعة، وتراخي رؤساء الجامعات في تنفيذ حكم القضاء، واصبح الامر فوضي، ولم يعد يعرف احد هوية الداخلين للجامعة أو الخارجين منها، خاصة ان المترددين علي الجامعة جامعة القاهرة مثلا لا يقلون عن 50 الف طالب وطالبة وعضو هيئة تدريس وعاملين يوميا وجميعهم من بيئات اجتماعية متباينة لا تعرف منهم الصالح من الطالح. وازاء الفوضي والمصائب التي حلت بالجامعات بدأ تكوين وحدات الامن التي تتبع رئيس الجامعة من مجموعة من العاملين الذين كانت الكليات والادارات تطلب الاستغناء عنهم لسبب او لآخر، وبدأ العاملون عملهم الجديد، دون تدريب ولا تسليح، ولكنهم فوجئوا بعواصف من الشك والعداء تحت ظن الاعتقاد بأنهم جهاز سري للشرطة، قصد به التمويه علي انسحاب حرس الداخلية.. وهذا ظن خاطئ، فمن بين الطلاب وهيئة التدريس والعاملين من يقوم بهذه المهمة علي خير وجه وأفضل ما يرام. وطالب المخلصون من ابناء مصر بضرورة إعادة الحرس القديم بعد ان كثرت السرقات في الكليات وتكسير المعامل.. ان حرس الداخلية كان يمثل واجهة حضارية نظامية تبعث علي الاحترام، شأنهم في ذلك شأن رجال الحرس الذين يعملون في مجلسي الشعب والشوري، ولم يطالب احد بالغائه .. الا اذا اعتبر النشطاء الكاذبون الذين لا عمل لهم سوي النصب ان مجلسي الشعب والشوري يضم عملاء للداخلية، عيونهم علي الاعضاء وتصرفاتهم «!!» ان جامعات العالم المتقدم والمتطور لها احترامها ولها حرسها بزي موحد يبعث علي الهيبة والاحترام إلا جامعات مصر.. ان ترك الجامعات بلا حرس وسمه ما شئت، فيه اهدار لكل الاصول الجامعية وما كان لشراذم الطلاب والمستأجرين من البلطجية من جماعة إخوان الارهاب، ما كانوا يجرأون علي الاقتراب من الجامعة، لو كان لديها حرس قوي احسن تدريبه وتسليحه لمواجهة جماعات الشغب.. لانهم جبناء، وهم ليسوا من الكثرة التي تخيف، فالشعب يمقتهم، ولم يعد لهم مكان بيننا بعد جرائم القتل والحرق والتدمير، ومكانهم الطبيعي النفي من الوطن، أو إيداعهم مؤسسات التهذيب والاصلاح ومستشفيات العلاج النفسي.