القاعدة هى المستفيد الأكبر من ضرب داعش تدعي امريكا أن الغارات الجوية التي تشنها علي تنظيم «داعش» في العراق والشام هي جزء من استراتيجة تم وضعها لتدمير التنظيم والقضاء عليه نهائيا.و ربما يكون للغارات نتيجة عكسية وهي عودة الجهاديين لحضن التنظيم الأم وهو «القاعدة» ومن ثم منح هذه الجماعة الارهابية التي اسسها أسامه بن لادن فرصة جديدة لتجميع قواها.هذا ما قاله «دافيد جارتنشتاين روس» في مقال نشرته مجلة «فورين بولسي». وأضاف الكاتب أن الجولة الأولي من الغارات الجوية لم يكن الهدف الوحيد لها هو ضرب داعش ،فالولاياتالمتحدةالأمريكية أيضا قصفت مواقع تابعة لجماعة «خراسان» وهي جماعة تابعة للقاعدة تزعم وكالات المخابرات بأنها تخطط لهجوم وشيك في أوروبا أو أمريكا.و قصفت الطائرات الحربية أيضا مواقع تابعة لجبهة النصرة ،فرع القاعدة في سوريا. مخطط خراسان ولكن كل هذه الغارات ربما لا تكون كافية لوقف تنامي قوة تنظيم القاعدة وربما حتي لا يكون هذا هو هدف الولاياتالمتحدة، التي تحاول إقناع نفسها بأنها افشلت مخطط خراسان لضرب امريكا في عقر دارها، ولذلك فهي تعتزم تركيز ضرباتها علي مواقع داعش خلال الفترة القادمة ،و من الواضح أنها لا تدري أن ذلك ربما يكون حافزا لعودة الأفراد والجماعات التابعين للقاعدة داخل داعش إلي التنظيم الأم.و يبدو أن قيادة القاعدة تفهم ذلك:ففي سلسلة من التحركات التي يراقبها المحللون تسعي القاعدة إلي استقطاب أكبر عدد من المقاتلين من صفوف منافسيها بالتزامن مع القصف الجوي المستمر الذي يركز علي مواقع داعش. وأشار الكاتب إلي أن كل المكاسب الكبري التي حققها داعش في سوريا هي نتيجة انتصاره علي الجماعات المتمردة الأخري أكثر منها انتصاراته علي قوات نظام بشار،إلي جانب قيامه بشن هجمات مأساوية في العراق ادت الي سيطرته علي مدن عراقية عديدة.و قاتل تنظيم داعش في معارك كثيرة مع جبهة النصرة ويعتقد أنه المسئول عن التفجير الانتحاري الذي وقع في حلب وأدي إلي مقتل أبو خالد السوري وهو قيادي بارز في تنظيم القاعدة. وفي المقابل قامت جبهة النصرة،فرع القاعدة بسوريا، بتقوية وتطوير علاقاتها مع متمردين سوريين من مختلف الأطياف والسبب في هذا النهج هو الدروس التي استفادتها القاعدة من خبراتها في العراق ما بين عامي 2006 و2009 عندما كانت تعامل سكان المناطق التي سيطرت عليها بوحشية شديدة وفرضت عليهم تطبيق الشريعة الاسلامية بقسوة وهو ما جعلها تتكبد خسائر فادحة علي ايدي المقاومة المحلية مدعومة بالقوات الأمريكية.و لتجنب حدوث ذلك قامت القاعدة بتطوير علاقاتها مع الجماعات الأخري وبالاخص التي تختلف معها في الافكارالعقيدية. وبما أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تنوي تشكيل قوات معتدلة لمواجهة داعش علي الأرض فإن توسيع الضربات الجوية يمكن أن يستهدف مواقع لجبهة النصرة علي المدي الطويل وبذلك تكون السياسة التي تتبعها الولاياتالمتحدة متناقضة فكيف تدرب وتسلح عناصر الجبهة وفي نفس الوقت تضربهم. فجبهة النصرة هي جزء لا يتجزأ من الجماعات التي ستدعمها واشنطن ومن المحتمل ألا يمكن تمييزمواقعها بسهولة لاستثنائها من الضربات الجوية. ويضيف الكاتب أن وضع استراتيجية للتعامل مع الوضع في سوريا صعب ،و لكن اختيار صانعي القرار لتركيز الضربات علي مواقع تنظيم داعش فقط ربما يمكنهم من الانتصار عليه. فصائل المعارضة وتفيد تقارير إعلامية أن تنظيم القاعدة يقوم بمحاولات قوية لعودة جميع الفصائل إلي أحضانه مرة أخري ،حيث قامت جبهة النصرة بشن هجمات علي بلدة عرسال بلبنان بالتعاون مع داعش،و في الوقت نفسه توسطت في دمشق من اجل التوصل الي هدنة بينه وبين باقي فصائل المعارضة. ويقول الكاتب أن احتمال حدوث انشقاقات بين الفصائل السورية ليس سرا بالنسبة لتنظيم داعش او القاعدة الذي جهز نفسه لهذه المرحلة.و يعتبر البيان المشترك الذي أصدرته القاعدة ،في شبة الجزيرة العربية والمغرب الاسلامية للتواصل مع القيادة المركزية، دعوة تؤكد ان توحيد الجهاد في مواجهة التدخل الامريكي المحتمل، يعد مثالا جيدا للاستراتيجية التي تحاول القاعدة تنفيذها. و بدأ البيان بإدانة شديدة للاقتتال الداخلي بين الجهاديين مشيرا إلي أن هذه الديناميكية تخدم الصهاينة والشيعة وانتهي بتقديم «التعازي الخالصة» لمقتل قائد أحرار الشام الذي يعتقد أن يكون تنظيم داعش هو المسئول عن قتله،كما خاطب البيان أعضاء تنظيم داعش حيث وجه الحديث لهم بقوله «اخواننا المجاهدين في العراق والشام علي الرغم من الاختلافات بيننا فنحن نؤمن بوحدة الجهاد» مناشدا إياهم بإنهاء الاقتتال الداخلي بينهم والوقوف كجبهة واحدة ضد التدخل الأمريكي».