أصحاب الأقلام الحرة في العالم شرعوا في فهم أبعاد حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني. فقد استيقظت ضمائر هؤلاء بعد ان شاهدوا أحياء بكاملها تتحول إلي خراب وأطلال، وبعد ان عرفوا ان أكثر من ثمانين في المائة من الشهداء الفلسطينيين مدنيون عزل بينما 95 في المائة من القتلي الإسرائيليين في معارك غزة من الجنود، كما ان عدد الأطفال الفلسطينيين الشهداء تجاوز 300 شهيد، إلي جانب أكثر من 160 شهيدة من الفتيات والنساء، و 140 ألف فلسطيني أصبحوا مشردين. ولكن ما يلفت النظر هو التحركات السياسية لحركة حماس، فهي تتصرف علي أساس ان قرار الحرب أو التهدئة هو قرارها منفردة.. وإذا توافر النضج السياسي فانه لا ينبغي ان يقتصر الحديث علي ان هناك حربا ضد قطاع غزة بل حرب ضد الشعب الفلسطيني.. ولا ينبغي التورط في موقف ساذج من نوع مطالبة حزب الله اللبناني بفتح جبهة في الشمال للتخفيف عن الفلسطينيين.. وما يلفت النظر أيضا هو تصريحات مسئولين إسرائيليين كبار يؤكدون فيها أن إسرائيل لا تريد الاطاحة بحركة حماس من السلطة في غزة.. بل ان الجيش الإسرائيلي لا يريد القضاء علي كل مخزون حماس من الصواريخ(!) - وفقا لعبارات مسئول إسرائيلي كبير - وان الهدف من عملية «الجرف الصامد» هو الردع وتدمير الأنفاق التي تربط غزة بالأراضي الإسرائيلية!! ويقول هذا المسئول الإسرائيلي ان الهدف الإسرائيلي هو عدم تفكيك كل البنية الأساسية للارهاب. ويزيد مسئول إسرائيلي آخر الأمر إيضاحا.. فيقول ان القضية الرئيسية هي الكيفية التي تحول دون زيادة عدد صواريخ حماس من ثلاثة آلاف إلي ثلاثين ألفا بعد ان تغادر القوات الإسرائيلية أراضي غزة، ولهذا فإن المسألة - في رأيه - تتطلب إيجاد آلية لمراقبة السلع التي تمر عبر الحدود .والمعروف انه في ختام الحملة العدوانية الإسرائيلية المسماة ب«الصلب المعهور» في عامي 2008 و2009 امتنعت القوات الإسرائيلية عن مهاجمة قيادة حماس أو التعرض لها بينما كانت تختفي في «بدروم» مستسفي الشفا في غزة. كذلك فإن العدوان الإسرائيلي علي غزة في عام 2012 انتهي بينما ظلت قيادة حماس سالمة وقائدة! ويزعم «ارون ديفيد ميلر»، المفاوض الأمريكي السابق في الشرق الأوسط والذي يعمل في مركز ويلسون، انه إذا تحطمت حماس، فإن ذلك سيكون أسوأ نتيجة ممكنة بالنسبة لإسرائيل.. لأن حماس هي البديل الأقل سوءا من غيرها، وهذا ما يردده مسئولون إسرائيليون أيضا. ولكن.. ماذا عما أعلنه رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو نفسه في مؤتمر صحفي يوم 22 يوليو الماضي من ان حماس لا تختلف عن «داعش» وعن «القاعدة»؟وهو ما أكده مسئول المخابرات الإسرائيلية في الشهر الماضي أيضا من ان حماس لا تختلف عن داعش والجهاديين المتطرفين الذين يجتاحون سوريا والعراق الآن. مشكلة نتنياهو الحقيقية انه عاجز عن الوصول بالحرب في غزة إلي النتائج التي يتطلع اليها، فهو لن يحصل من حماس علي استسلام، وفي نفس الوقت.. فانه لن يدمر قيادتها. نتنياهو في مأزق لأنه لا يجد اجابة عن السؤال: كيف يقدم للإسرائيليين «النصر الحاسم» الذي يحلم به.. وهو عاجز عن إيجادمخرج للمشكلة. «كلمة السر: الوحدة الفلسطينية»