تجربة المغرب في الحفاظ علي الاتساق المدهش بين القديم والجديد، بين الاصالة والمعاصرة، تستحق التوقف عندها، ولا شيء يجسدها مثل هذا الكتاب الرائع.. اليوم الاربعاء يحتفل الشعب المغربي بعيد جلوس الملك محمد السادس، وغدا الخميس تتم طقوس البيعة، حيث تفد طوائف الشعب من أقصاه إلي أدناه لتجديد البيعة إلي الملك، وفي تسعينات القرن الماضي حضرت البيعة لجلالة الملك الحسن الثاني، في مدينة مراكش، كتبت تفاصيلها في يوميات الأخبار، ومما أعتز به أن الاستاذ مصطفي أمين قال لي: لقد رأيت البيعة في التليفزيون لكنني رأيتها أكثر فيما كتبته، زرت المغرب لأول مرة عام 1979، وبهرت بالحضور الثقافي العميق للميراث العربي، الامازيغي، خاصة الاندلسي منه بكل مراحله، هذه العناصر جزء من حياة المغاربة اليومية وليست عروضا تراثية منفصلة، العمارة التقليدية ماتزال، المدن القديمة لم تمس، حوفظ عليها وعلي مسافة منها اقيمت المناطق الحديثة مع وجود عناصر تربط العتيق بالجديد، اللون الاحمر الوردي مثلا في مراكش يوجد المدينة بكافة اجزائها، في السبعينات أقتنيت كتابا ضخما يتكون من جزءين لمهندس فرنسي اسمه اندريه باكار، دعاه الملك الحسن وفتح له قصور المغرب وهي من كنوز الانسانية اضافة إلي دلالاتها السياسية والثقافية، وقد رأيت قصر الباهية بمراكش، غيرأن هذا الكتاب يسجل تفاصيل مايقوم به الفنانون المغاربة في الزخرفة، الخط، صناعة الخشب، الألوان، كان ثمنه مرتفعا بمقاييس الوقت، أربعمائة جنيه، والآن أصبح من النفائس إذ لم يطبع مرة أخري، وقد علمت من مدير مكتبة الهيئة العامة للكتاب صديقي حامد سعيد، أن ما وصل منه نسختان، واحدة اقتناها الدكتور ثروت عكاشة، والأخري تستقر في مكتبتي، لا يمر اسبوع إلا واتأمل زخارف العمارة، وجماليات الخط، وكلما شعرت باجهاد بصري أرحل عبر صفحاته وزخارفه، فأريح عيني بالجمال، وفي نفس الوقت احاول النفاذ إلي ما يميز هذا الفن، تجربة المغرب في الحفاظ علي المدن القديمة درس لكل الدول ذات العراقة، لم أعرف ما يشبهها الا في صنعاء القديمة، المدينة الفريدة، أعود إلي اوراقي، حيث اعتدت أن اسجل ملاحظاتي علي ما يهمني من كتب وما أتعلق به من صفحات. تتجسد عبقرية المغرب في الفن، خاصة العمارة وما يتصل بها، تنطلق التقاليد من الفن الاسلامي ورؤيته للكون، انه فن يرتقي بالانسان إلي عالم الشفافية، نجد ذلك في العمارة الدينية أو المدنية وحتي زخرفة ابسط الأدوات، شهادة انسانية علي وحدانية الله ودوامه، ان فكرة الجمال ترتبط عند المسلمين بالتسبيح والعبادة، بذكره تعالي، أغاريد الطيور تسبيح، الزهرة اليانعة تسبيح، اما الجمال الانساني فهو قمة التناسق وما الفن الاسلامي الا تسبيح عميق تتعدد مظاهره وتملأ الكون، والمرحلة الاندلسية المغربية ذروة في الشعور الديني بعظمة الله وذكره، في قصر الحمراء بالاندلس نري قمة النضرة حيث تتجزأ المادة إلي أقصي ما يكون التجزؤ وتبدو في شكل تخاريم وسبائك دقيقة حتي لكأنها تفقد قوامها ووزنها فتبدو كهاجس في الخاطر . واذاكانت منمنمات وزخارف الحمراء تمت إلي الماضي، فان هذا الفن الرائع لايزال حيا في المغرب العربي، لايزال جزءا من حياة الشعب اليومية، وخلال السنوات الاخيرة شهد هذا الفن دفقا جديدا من الاستمرارية كان المغرب هو البلد العربي الوحيد الذي لم يسيطر عليه العثمانيون الذين هيمنوا علي البلدان الاسلامية الأخري، وتلك نقطة هامة في تأكيد الذاتية الصادقة للفن المغربي، هذا الفن هو محور هذا الكتاب الضخم الذي صدر أخيرا في فرنسا بثلاث لغات، الفرنسية، والانجليزية، والعربية، المؤلف مهندس فرنسي، اندريه باكاره مهندس زخرفة منذ عام 1954، ومنذ عام 1970، كرس كل جهوده للعمل في المغرب في مجال العمارة، سواء ترميم القصور والمباني القديمة أو انشاء العمارات الحديثة، الدينية والمدنية، والتي تستند إلي التراث المعماري المغربي، وتنهل منه، استهدف المؤلف غرضين أساسيين. تقديم وثائق مصورة لم يسبق نشرها لكشف بعض الجوانب التي لم تعرف بعد عن الفن المغربي التقليدي، وقد اتيحت له فرصة نادرة، عندما أمر جلالة الملك الحسن الثاني بفتح ابواب القصور الملكية لعدسة المصور لأول مرة في التاريخ. الهدف الثاني: نقل شهادة المعلمين المغاربة، اساتذة الحرف التقليدية في العمارة. باختصار يكشف هذا الكتاب الذي يقع في مجلدين ضخمين اسرار فن العمارة المغربي، ويقدم ما يشبه قاموسا فنيا مصورا لمفرداته، ومن قبل ذلك البشر الذين يبدعون هذا الفن العظيم. المسجد هو القلب في العمارة المغربية أربعة مفاهيم اساسية، أماكن الصلاة، والمساكن، والتخطيطات الناظمة، والخط العربي، يقول المثل المغربي، الدار أول ما يجب ان نملك، وهي آخر ما يجب أن نبيع، اذ هي قبرنا في الحياة الدنيا، وفي عام 1914 قال محمد ابن الراعي البناء الفاسي، ان قواعد حسن الجوار تنطلق من عاملين اساسيين، أولا: لاتمنع جارك من تثبيت خشبة سقفه في جدار دارك الخارجي. ثانيا: لا تبن دارك بحيث تكشف فناءجارك. وكل من زار المغرب بلاشك يذكر الدور المغربية، حيث تطل علي الشارع بجدران وأسوار أشبه بالحصون، وينفذ الانسان من المدخل إذا به يفاجأ بالحديقة الفسيحة، والفناء الواسع، فكأنه اليسر بعد العسر، اليسر في مأوي الانسان، بيته، تتركب الدارالمغربية من وسط الدارة فناء مربع الشكل، مبلط بقطع الزليج «السيراميك»، يتوسطه عادة حوض ماء من الرخام وتحليه شجرة برتقال أو ليمون، وتقام الحجرات علي ثلاثة أو اربعة أوجه من الفناء في طابقين أو ثلاثة أحيانا، وتحمل الأعمدة سقف هذه البيوت، وسواء كان البيت المغربي عظيما أو متواضعا فانه يقام حول فناء فسيح يسمي وسط الدار ولابد أن تبدو عليه المسحة الجمالية، وعند مدخل الدار يقع مدرج يؤدي إلي قاعة فسيحة تقام فيها المآدب والاستقبالات ويوضح لنا هذا التنظيم حرص المغربي علي أن يفصل بحياد بين الحياة العائلية والحياة الاجتماعية وقد تحددت معالم المسكن المغربي علي هذا النحو في القرن الرابع عشر الميلادي اثناء حكم المرينيين. والمسكن المغربي هو الوحدة الاساسية التي تتشكل منها المدن المغربية، غير الرياض أن المسجد هو القلب والمركز، سواء المسجد الجامع الرئيسي أو مساجد الاحياء المختلفة، والي جانب ذلك الحمامات العامة، ويقضي تقليد أندلسي بأن يكون السوق قريبا من المسجد الجامع، والسوق تتكون من مجموعة من الازقة المظللة، يحف بكل زقاق من الجانبين حوانيت أو مشاغل الطوائف، العطارين والحدادين والنساجين والنجارين والنحاسين، وتغلق الاسواق اثناء الليل، وتفرض الحراسة علي بعض الاقسام خاصة سوق الذهب، وتقام الفنادق عادة عند مداخل المدن، وفي الريف تنتشر الرياض وهي حدائق علي الطراز الاندلسي تحيط بأحواض زهورها وأشجارها مسالك مبلطة بالرخام أو الزليج الطون، وتوجد الروضة احيانا في قلب قلعة حربية لتخفف من حدة تركيبها الهندسي الجاف، وجدران الحديقة هي بمثابة سور قلعة العائلة التي تطل علي الداخل ولاتشرف علي الخارج الا من خلال باب صغير وندرة من الشبابيك الضيقة تفتح في الجدران العالية، كما أن الرياض تمثل بصفة رمزية سمة مشتركة في جوانب متعددة للحياة الاسلامية وقد انعكس هذا علي الفنون الزخرفية فنجد ان الابسطة تستلهم اشكالها من غزارة الخطوة، تمثل مجموعة الزخارف المستلهمة أصلا من المصدر ذاته وهو الطبيعة التي تشكل في المجص، ولوحات الزوراق، خاصة التشجير والتوريق، مصدر الهام ايضا لفن زخرفة الاواني الفخارية وبلاطات الخزف، والانسجة والمخطوطات. يقول بعض الاجانب الذين زاروا المغرب: ان كل من تفتح أمامه ابواب هذه المساكن يشعر انه يترك وراءه سعادته او شقاءه ليدخل في هذه الدائرة التي تفقد فيها هذه الاحاسيس دلالتها علي ذلك الواقع المؤثر والغامض في الوقت نفسه. ويخصص أندريه باكار قسما للقصور الملكية المغربية، وكما تحوط المسكن عادة روضة تتوسطه، تتجه أبنية القصر إلي الداخل وتحيط الاجنحة الملكية بالقصر، ولكل قصر مسجده الخاص الذي يكون عادة أقدم ما في القصر، وكقاعدة يشتمل القصر علي أبنية أخري تضم الخدمات اللازمة لتسيير امور الدولة، وكما هو الحال في المساكن فان القصر ينغلق علي «نفسه» غير انه لابد - باعتباره صورة للدولة - أن يكون ذا مظهر خارجي يعكس احترام الأمة واستمراريتها، فاذا كانت التقاليد تقضي بان تحتفظ الاسوار بقشفها، فان بوابات القصور الملكية البديعة الصنع والمزوقة باتقان تشهد علي ما يجب ان يكون عليه الترحيب بزائر كبير، وتغطي سقوف القصر عادة بقراميد خضراء وهو كساء لا يقتصر علي القصور الملكية، انما تختص به مختلف الابنية الملكية مثل المساجد والمدارس، ومن أقدم القصور الملكية في المغرب، قصر الباهية، الذي يعود إلي القرن التاسع عشر، شيده أبواحمد وزير مولاي الحسن الأول، في «الباهية» وضع البناؤون انشودة تتغني بأهم الفنون، ألا وهو فن الحياة، فشيدوا قصراً بالغ الدقة، ولم يتركوا شكلا من اشكال البلاغة المعمارية الا استخدموه في تأليف تلك الاغنية التي تشدو بالسعادة الارضية الكاملة وقصر «الباهية» في مراكش من المعابر التي تقود إلي بيوت «قاعات» ذات سقوف أبدع نقشها وكسيت جدرانها بلوحات الزليج الساطعة، وزينت الابواب بباقات التشجير والتوريق المتعددة الألوان، أما أحدث قصر في المغرب فهو قصر أغادير وفيه تم الحفاظ علي تقاليد العمارة المغربية، وتقرر العودة إلي تقليد كاد يتلاشي وهو يقضي باستشارة المعلمين من مختلف المجالات حتي يلتزم الجميع بالعمل فينتج شكلا من اشكال الابداع الجماعي. الزخرفة المغربية الدار المغربية مغلقة فهي من الخارج ليست دافئةالمظهر وذات سطوح عارية، وجدران صماء لا يتخللها الا باب واحد، غير انك اذ تجتاز هذا الباب تدهشك فتنة خلابة فتكتشف عالما ساكنا متعدد الألوان، ان ارتفاع المباني وعدم الاهتمام كثيرا بالاثاث ينسي اي فكرة للمسافة فيتوه الفكر في استرخاء بين ترددات الاشكال والألوان، تحيط الزخارف سكان الدار فكأنها صندوق الأحلام، ولايوجد في التقاليد المعمارية المغربية ذلك المفهوم السائد في الغرب في الوقت الحاضر عن العمارة باعتبارها فنا مستقلا لتركيب وربط الاحجام في الفضاء فالمعلمون المغاربة يحتقرون الاسمنت المسلح ويعتبرونه مجرد دعامة لمسطحات يكسونها من الداخل بالزليج أو الجص المنقوش. أو الخشب المقرنصات، فالمعمار المغربي هو الزخرفة، ومهما كانت المادة المستخدمة في تشكيل الزخرفة فإنها تلتصق بالجدران والاعمدة والسقوف كبشرة تكسو المسطحات الداخلية. يقول اندريه باكاران: احترام التصميم هو القاعدة الذهبية، وكل شيء ينفذ علي أساس بعدين اثنين، علاقات المساحات الملونة والاتصال فيما بين الألوان، ويعالج الجص المنقوش حتي اذا كان النقش بالغ العمق بحيث يؤخذ كل مستوي علي حدة، فالاشكال الجصية لا تمثل احجاما وانما علي العكس ينظر اليها علي انها علامة بين الابيض والاسود تنشأ من الظلال الممدودة التي تدور مع الضوء. ان فن المعلمين المغاربة فن حي وحساس تصنعه الايدي الماهرة، وسمو فن هؤلاء المعلمين تصنعه الجهود والابحاث اليدوية. إن الرسام يملأ الفراغات بانتظام فيستخدم عند الحاجة عناصر متكررة كخلايا النحل، ويحدد المؤلف اشكال الزخارف المغربية بأربعة اشكال رئيسية: زخرفة متعددة الاضلاع تقوم علي خطوط مستقيمة. زخرفة زهرية تقوم علي خطوط منحنية، التوريق، والتشجير. عناصر الملا. الخط العربي. ويورد المؤلف الأشكال المستخدمة في تفصيل بديع، المربع، والمثلث، والدائرة، واللولب، والشكل المخمس، والشكل المثمن النجمي، والشبكات، والعقد، والضفائر، ولايكتفي بايراد الشكل انما يبين اصله التاريخي، ثم موضعه في الزخرفة الكلية عندما يصبح متحداً مع بقية العناصر، ويتتبع نشأة الشكل في تطوراته التاريخية المختلفة وهنا يعد الكتاب بحق قاموسا فنيا فريدا من نوعه لعناصر الزخرفة المغربية ويتتبع طرق التنفيذ المختلفة بدءا من تخطيط الزخرفة تخطيطا أوليا علي الورق. وحتي اكتمالها في العمل المعماري نفسه. الخط العربي هناك أربعة أنواع للخطوط بصفة عامة في كتابة المغرب العربي، القيرواني، والاندلسي، والقسنطيني، والمغربي أو الفاسي، في المغرب تسود الكتابة الاندلسية المغربية بتلافيفها الرشيقة وخطوطها الممثلة والممشوقة المنوعة بلانهاية اما الكتابة الفاسية فانها تتميز بالسمك الواضح لخطوطها الرأسية، وبعدم وجود النقط علي الحروف، وقد جرت العادة علي أن يتضمن الزخرف آية قرآنية، أو حديثا شريفا، أو مجرد أبيات شعرية، ومن اكثر الكتابات شيوعا البسملة وهي فاتحة الكتاب المنزل وقد كتبت هذه العبارة بمجموعة فائقة من الخطوط، وينبغي للافريز الذي ينفذه الفنان المغربي المسلم أن ينقل القارئ للتطلع إلي طريق الوحي، ولابد أن يمر كل شيء بالآيات الكريمة ويرجع اليها، كما هو الحال في الكتابات الجارية، التي يمثل فيها كل انحناء عوده، وتغطي هذه الكتابات في المغرب، اكثر من أي مكان آخر سواء أكانت شعرا أو نثرا الحوافي الضيقة وتلف القاعات بالكامل، وهي اما تكون من ملاط الجض أو الخشب أو المرمرة والحروف في الخط الكوفي القديم زاوية وترسم بتأن علي شبكة من الخطوط الافقية والعمودية وتقع صواري الحروف علي المستوي الرأسي وتزداد عرضا في اتجاه القمة وتنتهي بحد مشدوف مقعر وتبدو الكتابة دائما كعنصر تكويني في الاطار الزخرفي العام وتكون إما في لوحات متجمعة أو في شرائط متصلة افقية أو رأسية. وقد أوحي الخط للفنانين باشكال رائعة تندمج تماما في الزخارف المحيطة بها أما بالتشابه أو بالتباين، وقد كان تزيين الكتابة بزخارف زهرية مثالا للابتكار والتوازن علي الدوام، كمايشيع استخدام الرسم الكوفي وهو رسم مشتق من الكتابة الكوفية لكنه فقد وظيفته الكتابية ليتحول إلي عناصر زخرفية محضة، والرسم الكوفي غني بذخيرة لا مثيل لها من الزخارف التي يجمع المسلمون بينها وبين زخارف التوريق والتشجير. واذ ينتهي المؤلف من الأجزاء الخاصة بدراسة عناصر المعمار المغربي، يعود إلي الاصول، إلي المواد الطبيعية التي يتم تشكيل المعمار فيها، ويخصص فصولا مستقلة لهذه المواد، الطين، والحجر، والجص، والخشب، والمعدن، والماء، ويشرح باسهاب تقنيات الاعمال التي تحول كل مادة إلي عنصر من عناصر المعمار المغربي الجميل، كذلك يخصص فصولا مستقلة لشرح صناعة وأنواع اجزاء العمارة نفسها، بدءا من المداخل والابواب حتي السقوف والمقرنصات وعبر المجلدين الضخمين تنتاشر فصول يقدم فيها هؤلاء الفنانين المغاربة العظام الذين يقفون خلف هذا الابداع الرائع. أكبر المعلمين سنا المعلم عبدالكريم، يقول عنه المؤلف انه من أكبر المعلمين المغاربة سنا في الوقت الحاضر، لقد سلك الدرب الذي سار عليه والده، ولد في نهاية القرن الماضي، ثم عمل لمدة اربع وثلاثين سنة وبشكل متواصل كان ذروتها عمل في ضريح الملك محمد الخامس الذي يعد تحفة فنية عالمية بحق، يقول المعلم عبدالكريم انه يختار عماله بعناية ومن يقع عليه الاختيار يرافقه مرافقة تامة، ويساعده في جميع اعماله، حتي يتعلم الصنعة بالممارسة ولايصبح العامل معلما بدوره الا بعد وفاة استاذه، يتحدث عن الجيل الذي سبقه، وخاصة عن معلمه القندوسي الذي عاش في عهد مولاي عبدالعزيز ومولاي محمد حسن الود غيري، لقد كان معلمو الماضي يعيشون حياة أفضل انه يكاد يحسدهم علي مساكنهم الجميلة، يتحدث عنهم باحترام واجلال، خاصة الاموات منهم، يقول ان المغرب هو مصدر جميع المواد الخام التي تستخدم في العمل، الرخام الاحمر والاسود يستخرج من ضواحي بني احمد اهم اعماله هي: - في سنة 1919 بني دار المريض وقصر التازي بالرباط. - في سنة 1921 مسجد مولاي يوسف بدرب السلطان بالدار البيضاء. - في سنة 1922 بني مسجد أهل فاسبالرباط. - في سنة 1923 بني حي الحبوس بالدار البيضاء. - في سنة 1924 قصر أمبابو بفاس. - في سنة 1970 بني اهم اعماله وهو ضريح محمد الخامس - في سنة 1975 اشرف علي تجديد قصر الرباط. والمعلم عبدالكريم يؤمن تماما بأهمية العمل الفني الروحية ويدرك دور المعلم باعتباره دورا حيويا من اجل اضفاء الروح علي كل سكن يبديه، لكنه يقول ان السر يكمن- في النهاية- في الساكن لا المسكن ويقول اكبر معلمي المغرب، والذي يرجع اليه الجميع: « انه يجب ان يغلب الاعتبار الجمالي علي الاعتبار النفعي..» ويتضمن الكتاب نماذج عديدة للمعلمين المغاربة العباقرة، البشر الذين يقفون وراء هذا الجمال كله، وهذا التراث الفني الاصيل، الذي جعل المغرب من اغني دول العالم العربي والاسلامي بتراث الفن البديع النابع من تقاليدنا الخاصة، وروحنا، ومن عناصرهذا الفن صاغ اندريه باكار المهندس الفرنسي هذا العمل الضخم الذي يعد المرجع الاول من نوعه لفن هذا البلد العريق.