دواع عديدة للقلق يثيرها المشهد القائم في العراق حاليا، في ظل ما يجري هناك الآن بعد الأحداث الأخيرة، التي تسارعت الأسبوع الماضي وبدايات الأسبوع الحالي، وما تنبيء عنه من تطورات وتداعيات خطرة لن يقتصر أثرها علي العراق وحده، بل سيمتد ليشمل المنطقة العربية والشرق أوسطية بكاملها. ولعلنا لا نبالغ إذا ما قلنا ان ارهاصات الخطر الذي تلوح بوادره في العراق الآن، تكمن في نذر الحرب الطائفية التي تطوف بأجواء العراق الآن، وباتت تهدد بالتحول إلي واقع لا مفر منه، في ظل ما نراه من نداءات وتجهيزات للحشد الطائفي من جانب كل الأطراف. وإذا ما وقع ذلك المحظور، واشتعل إوار الحرب الأهلية في ارجاء العراق، فإن أحدا لن يستطيع السيطرة عليها أو حصرها في نطاق جغرافي محدد، أو منع دخول وتورط أطراف وقوي عدة مجاورة فيها، أو حتي وقف امتدادها إلي الدول المجاورة. وهذا إن حدث، وهو المتوقع بالفعل، في ظل السيناريو السييء والخطر الذي نراه ينفذ حاليا علي الأرض العراقية، ما لم تحدث معجزة، في زمن أصبح بدون معجزات، فإنها ستكون كارثة بكل المقاييس المتعارف عليها انسانيا ودوليا، وذلك نظرا لنهر الدماء الذي سيجري في بلاد الرافدين، وكمية الخراب والدمار التي ستحدث هناك. ولكن الكارثة الأعظم ستكون هي ما ستسفر عنه هذه الحرب الأهلية المتوقعة والمشئومة من تقسيم للعراق، وتفتت دولته التي نعرفها بجغرافيتها وحدودها ووحدة أراضيها المعروفة والمبينة علي الخرائط السياسية منذ قديم الأزل، لتصبح ثلاث دول بدلا من دولة واحدة،...، وهذا خطر لو تعلمون عظيم. ورغم الخطورة في ذلك لو تم، وبالرغم من كونه كارثة وأمرا جللا لو حدث،...، إلا أنه لن يحدث في العراق وحدها، بل سيكون ضربة البداية لحريق شامل يجتاح المنطقة كلها، وسيفتح الباب لتقسيم سوريا التي هي مشتعلة بالفعل الآن، كما أنه سيكون اشارة تحفيز لاشتعال مناطق ودول عربية أخري، وهو ما يؤدي لإغراق المنطقة العربية كلها في خضم الفوضي غير الخلاقة، التي تسقط فيها الدول وتتفكك وتنقسم، تمهيدا لإعادة رسم خريطة جديدة وواقع جديد لشرق أوسط جديد. وعلي من يشك في ذلك ان ينظر حوله، ويدقق فيما يحدث في ليبيا، والسودان، واليمن، ثم سورياوالعراق،...، وعليه أيضا أن يفكر فيما كان يخطط لمصر لولا رحمة الله بنا ويقظة الشعب وشجاعة ووطنية قواته المسلحة.