حان الوقت لأن يشفي كل من يتصدي للانخراط في مسيرة خدمة هذا الوطن من آفة الكلام الذي لا عائد من ورائه.. إن الشعب المصري كله قد ضاق ذرعا برفع الشعارات الفارغة من كل مضمون بمناسبة حملات الانتخابات الرئاسية. وفقا لما سبق من تجارب فان مثل هذا السلوك لا يقدم للمواطن المصري ما يغنيه من الجوع أو البطالة أو التدني الاقتصادي والاجتماعي ولا الحياة الديمقراطية الحقيقية التي يتطلع إليها. في إطار موجة الشعارات التي عدنا نسمعها يجب ألا ننكر ان معظمها يقوم علي خداع العامة وسوء التقدير والعجز وعدم القدرة علي تحقيق أي من اهدافها. في هذا الشأن لا ننسي فترة الحكم الإخواني التي ابتلينا بها في غفلة من الزمن والتي اعتمدت للتمكن من حكم مصر علي هذه الشعارات الخادعة. كانت وسيلتها إلي ذلك إحتراف التجارة بالدين واستغلال تطلع وتعطش المواطنين المطحونين إلي أمل الحصول علي لقمة عيش شريفة وحياة كريمة مستقرة. الغريب أن يلجأ البعض الآن إلي ترديد نفس الشعارات القديمة التي فات وقتها وزمانها في محاولة لدغدغة المشاعر. مثل هذه الممارسات تؤكد إفتقارهم لملكة الخلق والتجديد والقيادة التي تضع في اعتبارها المتغيرات والمستجدات. هذا القصور يكشف عن عدم القدرة علي التطوير الذي يحقق الآمال ويستجيب إلي التطلعات. لم يعد خافيا أننا وحتي يؤتي التحرك البناء للمرحلة القادمة ثماره وأكله فأننا نحتاج إلي أن يكون طريقنا إلي تحقيق الأحلام قائما علي قدراتنا الذاتية وعلي شحذ الهمم للعمل والانتاج. يجب ان نؤمن بأن لا نهوض ولا تقدم بدون هذين العنصرين يضاف الي ذلك الانضباط وبذل الجهود الحقيقية للإرتفاع بمعدلات الانتاجية اليومية.. وكذلك احترام القوانين التي يجب أن تكون حازمة وعادلة وقائمة علي مبدأ الثواب والعقاب. لقد خرج الشعب يوم 30 يونيو بجموعه التي ضمت عشرات الملايين لتصحيح ما شاب هذه الثورة من انحراف وضياع. ان أمله الآن أن تكون له قيادة تؤمن بالواقع وتتعامل معه بشفافية ومصداقية وصولا إلي إنجاز حقيقي يستشعره كل المواطنين. إن العدالة الاجتماعية التي يتمناها الغالبية الساحقة من ابناء هذا الوطن لا تتحقق بالشعارات والكلام وإنما بتفعيل مبدأ أن من لا يعمل لا يأكل وأن بلوغ الآمال مرهون بتعظيم الانتماء الوطني وإعلاء الانحياز لعزيمة العمل والانتاج.