لعل التساؤل المطروح: هل غيرت أمريكا موقفها حقيقة من مصر بعد الموقف الذي اتخذته منها بعد 30 يونيو؟ وهل تفهمت الادارة الامريكية حقيقة ما حدث علي أنه ثورة شعبية وليس انقلابا عسكريا وأن الجيش المصري قام بواجبه الوطني حينما ساند الثورة ووقف إلي جانب الشعب تنفيذا لإرادته ومشيئته وحرصا علي خريطة الطريق التي بدأت بوضع الدستور الجديد ومضيا إلي انتخابات رئاسية حرة ونزيهة؟ وهل بدأت النظرة الامريكية تجاه الاخوان تتغير بعدما تكشف الكثير من الامور التي كانت خافية عن الفهم الخاطئ والمتسرع لما جري في 30 يونيو وبعدما تكشفت العلاقة بين القاعدة وجماعة الاخوان وعمليات الارهاب أمام امريكا واوربا؟ يخطئ من يعتقد أن الولاياتالمتحدة قد غيرت موقفها تماما من مصر مؤخرا ويستند في ذلك إلي إعلانها عن الافراج عن طائرات الاباتشي التي كانت هناك بعد تجميد تسليمها لفترة وكذا الافراج الجزئي عن المعونة الامريكية التي تقدمها واشنطن إلي مصر سنويا وتنفيذا لاتفاقية كامب ديفيد.. والثابت أن علاقة أمريكا مع مصر تمر بأزمة منذ فترة وبالتحديد بعد 30 يونيو وموقف المساندة لجماعة الاخوان ويظهر ذلك من خلال موقف وزير الخارجية كيري في الكونجرس وكذلك موقف الرئيس أوباما نفسه والمطالبة بإطلاق سراح الرئيس الإخواني المعزول محمد مرسي وكذلك السماح للاخوان الارهابيين ليكونوا شركاء في الحكم، ولا يمكن اعتبار ذلك بأن أمريكا قد غيرت موقفها - كما تصور البعض - وانها غيرت نظرتها كلية لما يحدث في مصر.. ولكن المطلوب هو إصدار بيان رسمي تعلن فيه امريكا بأنها تعترف بأن ما حدث في 30 يونيو - في مصر - هو ثورة إستجابة لها الجيش بدافع وطني وليس انقلابا. وبالنسبة للإفراج عن طائرات الاباتشي العشر الجديدة والطائرة التي كانت تحت الصيانة فقد كان أمرا ضروريا لأن نص البيع أن حجز السلطات الامريكية لها غير منصوص عليه في بنود اتفاقية كامب ديفيد وكذلك نفس الشيء بالنسبة للاستئناف الجزئي للمعونة الامريكية فهو منصوص عليه في بنود الاتفاقية ومعني ذلك أن أمريكا كانت مضطرة إلي ذلك.. بالاضافة إلي إنزعاجها من توجه مصر نحو روسيا وفتح قنوات الاتصال والتعاون العسكري معها - من ناحية التسليح - والسماح لروسيا بالاطلالة علي المياه الدافئة في شرق البحر المتوسط عبر مصر والخروج من البحر الاسود وتجديد الصداقة بين القاهرة وموسكو كما كان الحال في عهد الاتحاد السوفيتي في الستينيات.. ولابد أن نعي أن أمريكا لم تغير موقفها تماما وإنما أخذت فيما تعتزم القيام به من أجل مصالحها في المنطقة.. وكما قال الكولونيل ستيفن دارن المتحدث باسم وزارة الدفاع «البنتاجون» بأن استئناف تزويد مصر بطائرات الأباتشي «المروحية» لمصر يعد مفيدا للطرفين لأننا نعتقد أن هذه المروحيات الاباتشي اداة مفيدة وقوية بالنسبة للمصريين في مكافحة الارهاب خاصة في سيناء «علي الحدود» وأعلن البنتاجون ان إمداد مصر بهذه الطائرات الأباتشي يعد ضرورة مهمة وتحقق مصالح الأمن القومي المشترك بين البلدين، وأن هذه المروحيات مفيدة في مكافحة الارهاب في سيناء.. وعلي حد قوله: إن وزارة الدفاع قامت باستكمال تقييمها والنظرة الشاملة لبرنامج التعاون العسكري مع مصر.. ونحن مستمرون في أن يكون لدينا حوار وثيق يركز علي مكافحة الارهاب. وكانت جنيفر ساكي المتحدثة باسم الخارجية الامريكية قد أعلنت أن الادارة الامريكية ستطلب أيضا من الكونجرس الافراج عن 650 مليون دولار من أصل 1.5 مليون دولار وهي قيمة المعونة العسكرية الامريكية بقسمها الاكبر المتخصص لمصر عام 2014 وستستخدم في برنامج مكافحة الارهاب وضبط أمن الحدود.. وأن بيع 10 طائرات من الاباتشي عودة إلي الطريق الصحيح وأنا أمريكا تأكدت فعلا أن مصر تكافح الارهاب الذي يتهددها!
وقد بدا ذلك التفهم واضحا من خلال مباحثات نبيل فهمي وزير الخارجية في واشنطن مع جون كيري وزير الخارجية الامريكي - علي مدي ساعات - وكما أوضح فهمي أن مصر تمر بمرحلة انتقالية وأن هناك مفاوضات بناءة فيما يتعلق بالعلاقات الثنائية «المصرية الامريكية» ومن جانبه أكد كيري أن الدستور المصري الجديد خطوة إيجابية وأشار إلي أن الاختلافات بين مصر والولاياتالمتحدة موجودة لكن العلاقات تمر بمرحلة طيبة حاليا.. وأكد كيري لفهمي خلال اللقاء التزام واشنطن تجاه علاقاتها طويلة الامد مع مصر. وفي ذات الوقت أشار فهمي إلي خطورة ما تتعرض له مصر حاليا من أعمال الارهاب.. وما تطلبه ذلك من ضرورة عدم الخلط بين مكافحة الارهاب وقضايا الحريات وحقوق الانسان وأن ذلك يتم في إطار القانون والنظام العام، واستشهد في ذلك بالاجراءات التي اتخذتها الولاياتالمتحدة ودول غربية لمواجهة الارهاب دون أن يمثل ذلك أي انتهاك لحقوق الانسان. وفي كلمة أمام مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن حدد فهمي التأكيدات السابقة حول طبيعة العلاقات المصرية - الروسية وما تشهده من تطور في الفترة الاخيرة باهتمام مصر بالحفاظ علي العلاقات الاستراتيجية مع أمريكا مع الحرص علي إضافة شركاءجدد من خلال تنويع البدائل الخارجية.. ورفض وزير الخارجية نبيل فهمي ما أعلنه السناتور باتريك ليهي بمجلس الشيوخ عن رفضه دفع مساعدة مالية «56 مليون دولار» للجيش المصري احتجاجا علي حكم الاعدام علي عدد من أنصار الرئيس المعزول وأكد أن ذلك الرفض يهدد التوازن في المنطقة لتزويدنا بالمساعدة العسكرية اللازمة لاغراض الأمن والاستقرار وخصوصا مكافحة الارهاب وتأمين الحدود من أجل عدم انتهاك معاهدة السلام مع اسرائيل.. وهذا هو ما أكد عليه هاجل وزير الدفاع ورايس مستشارة الأمن القومي: علي التزام أمريكا بمساعدة مصر لمكافحة الارهاب وبعد ما تأكد عن علاقة تنظيم القاعدة بجماعة الاخوان.. وحسب ما أكده فهمي: أن وقف المساعدات العسكرية يهدد التوازن في المنطقة..