دكتور نور الدين الخادمى الأحداث في مصر وتونس كانت أساس الحوار مع الدكتور نور الدين الخادمي وزير الشئون الدينية بتونس، علي هامش مشاركته في ندوة تطور العلوم الفقهية في العاصمة العمانية مسقط. الوزير تحدث عن دور منتظر للأزهر الشريف ورصد ما تم تحقيقه من مسيرة ثورة الياسمين في تونس، والعقبات التي تواجه تجارب »الربيع العربي«.. حدثنا عن الأحداث الجارية في الدول العربية مثل تونس ومصر وما رأيكم فيما يحدث حاليا؟ هذا الموضوع صعب وواسع ومعقد ومتداخل مع معطيات كثيرة أولا هو يقع في أكثر من دولة في الأمة العربية والإسلامية. ثانيا يقع في مستويات سياسية واجتماعية وفكرية وشعبية.. ولذلك لابد من حسن التشخيص واعتماد الموضوعية في الفهم وفي التحليل والاستنتاج لكن عموما الأمة العربية والإسلامية الآن تمر بمخاض عسير وصعب في استعادة هويتها وحضارتها وفي بناء مؤسساتها وفي تمكين أثرها في المجتمع الإنساني والمجتمع الدولي. والشعوب العربية الآن تؤسس للحرية والكرامة وبناء الدولة الجديدة علي أساس المدنية وعلي أساس المواطنة وحقوق الإنسان وعلي أساس السيادة الوطنية الحقيقية علي أساس الاعتزاز بالهوية العربية والإسلامية والعدل والمساواة والعدالة الاجتماعية، والعدالة الوطنية والعدالة الدولية كل هذا من مشتملات المسار العربي التحرري النهضوي الجديد. هل هناك فئات معينة لها مصالح خاصة ترون انه يجب نبذها من المشهد؟ لا شك انه في الفترات الانتقالية وفترات التحول والإصلاح والتغيير نجد القوي تتنافس وأحيانا تتصادم من أجل زيادة التواجد في هذا التحول أو للتموقع فيه، وعلي عموم القول فإن علي دعاة الإصلاح والتغيير وقوي الثورة وقوي الحرية وقوي المواطنة والعدالة ان ينضوا برسالتهم في ان يحملوا البلد والشعب والمؤسسات نحو مقولات الدولة الجديدة في المدنية والمواطنة والعدالة الاجتماعية والمساواة وبالتأكيد أن هؤلاء لم ولن يسمحوا لمن يريد الرجوع بالبلاد والعباد إلي الوراء. ومما لا شك فيه ان بعض الأطراف وبعض القوي لا تريد لهذا المسار ان يصل إلي شاطئه بسلامة، لأن أهداف المسار الثوري هو أن نصل في آخر المطاف إلي تعزيز حقوق الإنسان علي الوجه الحقيقي كبناء الدولة الجديدة، الدولة المدنية والمواطنة ودولة العدالة التي تكون فيها السياسة بتداول السلطة ويحترم فيها الإنسان العربي وكرامته علي أساس البناء الدستوري والقانوني وبناء الإرادة والعقلية. ماذا تفعل الدولة إزاء هؤلاء الذين يريدون إفشال المسيرة الديمقراطية وبناء الدولة الحديثة علي أساس من الحرية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان؟ في هذه الحالة ان يتمسك أصحاب الثورة بثورتهم في إطار سلمي ودفاع مدني وقانوني ومؤسسي، في كل الأحوال ينبغي ألا نعتمد علي القوة أو العنف الذي يؤدي إلي إرهاب أو غلو أو تطرف أو تخريب المؤسسات أو ازهاق الأرواح أو غير ذلك فالعنف مرفوض تماما والإرهاب أيضا مرفوض شكلا وموضوعا من الناحية الثورية والقانونية والسياسية والاجتماعية ومن كل مناحي مقومات حياة الدولة. فالثورة أساسا سلمية ولابد للثورة من المحافظة علي سلميتها لأن السلمية أقوي من أي أسلوب آخر ولابد ان نصل بعد هذا إلي بناء الدولة علي أساس سليم ويتمكن الجميع أن يعيشوا كمواطنين ويحصلوا علي حقوقهم ويندمجوا في مسار الدولة وما يريده الشعب أي غالبية الشعب ومؤسسات الدولة. وفي مصر علي وجه الخصوص نرجو الوصول بهذه الثورة إلي إصلاح المجتمع وبناء الدولة الجديدة وتحقيق الديمقراطية الحقيقية والتداول السلمي للسلطة وتحقيق العدالة الاجتماعية.
التقدم مستمر كم حققت تونس في ثورتها من خلال التقدم؟ وفي مصر أيضا؟ تونس بحمد الله الآن وصلت إلي أهداف مهمة في مسار الانتقال بنسبة 70٪ تقريبا علي مستوي الاستحقاقات في المرحلة الانتقالية وأول هذا التقدم وضع الدستور وهو شيء مهم جدا في المرحلة الانتقالية ثانيا تكوين الهيئة العليا الخاصة بالانتخابات لضمان النزاهة والشفافية والموضوعية.. أما الانجاز الثالث فهو القانون الانتخابي وبهذا سنكون وصلنا إلي الأهداف التي أعلن عنها لتتوج بعد كل ذلك بمرحلة الانتخابات القادمة. أما مصر فهي حالة أخري ليست مثل حالة تونس التي تسير في مسار واضح من حيث التوافق والتحاور أما في مصر فهو موضوع جدلي خلافي بين وجهتي نظر ولكن ستصل مصر إلي بر الأمان بإذن الله. مؤسسة عريقة ما رأيكم في الأزهر الشريف؟ الأزهر الشريف مؤسسة عريقة وكبيرة وهي مؤسسة يؤمل منها الشيء الكثير ولكنها اصيبت ببعض الأدواء مما جعلها خلاف ما هو معهود منها . والمأمول من الأزهر ان يقوم بريادة إسلامية شرعية معرفية علمية واقعية عصرية وان يكون حاضنا لكل المنتسبين إليه وحاضنا لكل التيارات والانتماءات والمواهب الإسلامية العربية والفكرية.. والأزهر نعتبره قبلة من قبل المسلمين العلمية والمعرفية ولكنه مثل أي مؤسسات أخري في العالم العربي والإسلامي أصيب مما اصيبت به من بعض الوهن والضعف.