هي محاولة تم دفنها في مهدها ، دون أي فرصة، ليكون لها توابع او تأثيرات سلبية، عندما تم طرح فكرة تأجيل القمة العربية، التي تستضيفها الكويت خلال اليومين القادمين، علي خلفية الأزمة غير المسبوقة، في إطار منظومة مجلس التعاون الخليجي، بين قطر من ناحية، وكل من السعودية والإمارات والبحرين، بعد أن قامت باستدعاء سفرائها من الدوحة. صحيح أن أحدا لم يتقدم بطلب رسمي لتأجيل القمة، كما قال الدكتور نبيل العربي، وكان من الممكن طرح الأمر في اجتماعات وزراء الخارجية الأخير، منذ أسبوعين بالقاهرة، أو خلال الفترة الماضية من إحدي الدول الأعضاء في الجامعة، ولكن ذلك كله لم يحدث، وظل الأمر مرتبطا بتقارير إعلامية، في عدد من الدول العربية، تم اعتبارها صدي لما يدور في الكواليس، وحسنا ما فعلته الأمانة العامة، والأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي، عندما تم قطع الطريق علي ذلك، بالتأكيد علي أن القمة في موعدها في الكويت. ومن الطبيعي الإشارة وفقا للسوابق التاريخية، أن قليلا من القمم العربية، هي التي كانت سكتها سالكة، أو لم تعترضها مطبات أو عقبات، ولم تسبقها خلافات، ووصل الامر في إحدي القمم، وكانت في سوريا عام 2008، الي مقاطعة لبنان الدولة الجارة لسوريا لأعمالها، بعد الخلافات الشديدة حول معالجة حرب لبنان، والاعتداء الاسرائيلي عليها في عام 2006، كما لجأت دول عربية أخري ،الي تخفيض مستوي التمثيل، ووصل الامر الي ان يتم تمثيل السعودية بالسفير احمد القطان المندوب الدائم لبلاده في الجامعة العربية، كما ان قمة تونس تم عقدها علي مرتين، خلال اقل من شهرين، بعد إلغاء الأولي، وكان مقررا لها ان تنعقد في مارس، ولم تكتمل، وتم عقدها من جديد في 22 مايو، والأمثلة أكثر من ان تعد أو تحصي، ومن هنا تأتي أهمية عقد القمم، التي تلتئم ليس لأمور بروتوكولية ، بل لأن مثل هذه الاجتماعات التي تعقد علي ذلك المستوي، لايقتصر الامر فيها، علي النظر في جدول الأعمال المتفق عليه، الذي يحوي قضايا وتحديات مطروحة، في محاولة للتوصل الي قواسم مشتركة تجاهها، ولكن المهم أنها توفر فرصة ذهبية، لتواجد قيادات الدول الأعضاء في المنظومة العربية، وعقد لقاءات ثنائية بين الزعماء، تختصر جهد سنوات، وعمل اشهر لبحث قضايا ثنائية. كما أن مجرد التفكير في التأجيل، كان من الممكن أن يضع القمة في مهب الريح، مما ينهي الي الأبد، احد الإنجازات المحدودة، وهي آلية انعقاد القمم العربية، التي تم التوصل لها في قمة القاهرة في العام 2000، بطلب يمني مدفوع من الأمانة العامة للجامعة، خاصة من الدكتور عصمت عبد المجيد؟ والسفير احمد بن حلي نائب الأمين العام، وبدعم من مصر، واقتناع بالفكرة، من وزير الخارجية في ذلك الوقت عمرو موسي، وأقيم لذلك احتفال مهيب، قام خلاله كل رئيس دولة، بالتوقيع علي الاتفاقية، وبالفعل بدأ التنفيذ، واستمرت القمم العربية تعقد سنويا، في احدي العواصم العربية بالتناوب، إلا إذا اعتذرت الدولة عن الاستضافة، لظروف خاصة، وتنازلت عن دورها، مثلما حدث مع الصومال، فطلبت قطر استضافة القمة، وكان ذلك في عام 2009، كما طلبت البحرين عقد قمة 2003، وكانت الدولة المضيفة، في مدينة شرم الشيخ ،نظرا للظروف التي كانت تمر بها منطقة الخليج، وتزايد احتمالات توجيه ضربة جوية لإسقاط نظام صدام حسين، وهو ما تم بالفعل، والقمة العربية الوحيدة التي تأجلت، كانت في بغداد في مارس 2011، وتوافقت مع ثورات الربيع العربي، ودخول عدد من الدول العربية المحورية، في أزمات ومراحل انتقالية، مثل مصر وتونس واليمن وليبيا وسوريا، ولكن حرص الحكومة العراقية وإصرار الأمانة العامة، كانا وراء عقدها في نفس الشهر من العام التالي في 2012، وقد كانت تلك الآلية وراء استضافة دول عديدة للقمة العربية لأول مرة، مثل السعودية في مارس 2007، والكويت في الدورة الأخيرة، ومن هنا فإن الكويت التي اختارت لقمتها، شعار" التضامن معا من أجل مستقبل افضل" موعودة مع عدد من القضايا، فرضت علي الحدث، ان يتحول الي قمة التحديات، خاصة مع تعدد المخاطر، وتنوع الأزمات، التي أحاطت بها قبل انعقادها، ومنها ازمة العلاقات العربية العربية، وفي القلب منها الخليجية، وظني ان حكمة الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت، بكل مالديه من قدرات سياسية، وخبرات دبلوماسية، قادر علي تطويق تلك الأزمات، ومحاصرتها كمرحلة أولي، ومن ثم التعامل معها، وإيجاد السبل الكفيلة بحلها، في مرحلة لاحقة، قد لاتكون في أيام القمة، خاصة وان هناك حدودا للازمات الخليجية، وسقفا لايمكن تجاوزه، فنحن نتحدث عن شعوب وأنظمة متشابهة، وأسر حاكمة مترابطة، تجمعها علاقات النسب والتاريخ، ورغم ان الحديث يدور حول إجراءات عقابية، ومنها فرض حصار جوي، وإغلاق الحدود، ولكنها غير مطروحة في المنظور السياسي الخليجي، لان الشعوب هي من ستدفع الثمن، وهناك أيضاً تحدي القضية الفلسطينية، والطريق المسدود الذي وصلت اليه المفاوضات، نتيجة التعنت الإسرائيلي، ولعل القمة ستمثل شبكة أمان، وحماية للسلطة الوطنية الفلسطينية، من الضغوط الهائلة التي تمارس عليها من واشنطن وتل أبيب، وكذلك الوضع المأساوي في سوريا، ولعل الاهتمام بتحقيق مزيد من التوافق العربي المفقود، باتجاه السعي الي تحقيق تطلعات الشعب السوري، في الحرية والكرامة الإنسانية، ناهيك عن التنسيق باتجاه مكافحة الإرهاب. هذه قراءة سريعة لقمة التحديات، قبل 48 ساعة من انطلاق أعمالها في الكويت.