محمود غنيم مذكرات تشرشل الرائعة عن الحربين العالميتين تكشف عن مواهب اخري بالاضافة الي انه سياسي داهية تفيد البشر في حياتهم العملية القارئ لمذكرات »ونستون سبنسر وتشرشل« رئيس وزراء انجلترا الاسبق الذي ترك في عالم السياسة والحرب بصمات قوية مؤثرة، احتفظت بتأثيرها في اقدار تلك الدولة العظمي، والاعتقاد انها ستظل مؤثرة لازمان طويلة خاصة ان تشرشل دعمها بمذكراته القوية الفعالة.. التي اقبل عليها الكثيرون يقرأونها بشغف ومنهم لما اشتملت عليه من اسرار ومفاجآت ومباديء تصلح للسلم وللحرب علي مدي الزمان.. سيكون لها نصيب من الاهتمام لمن يخوضون الحروب طمعا او اضطرارا ولمن يتعلقون بحبال السياسة ويودون ان تكون لهم بصمة تنسب اليهم داخل بلادهم وخارجها .. كان تشرشل علامة بارزة في التاريخ الذي عاصره ونالقادم بعده.. تكشف في وضوح انه كان فيلسوفا حين يتكلم مثلا عن شعار العمل بقوله: انه التصميم في الحرب والتحدي في الهزيمة، والشهامة في النصر، والنية الطيبة في السلام كما تجسد فيه التواضع في قوله »ليس لي ان اسمي ما اكتبه في هذه المذكرات تاريخا فهذا امر في اهتمامات الاجيال القادمة، لكني لا اتجاوز الحقيقة حين اقول انني اسهمت في التاريخ بنصيب قد يكون له في المستقبل نفع كبير.. ان هذه السنوات الطويلة من العمل الشاق التي جندت لها جهد حياتي يسعدني ان تكون النبراس الذي علي ضوئه يحكم الناس لي او علي.. تتأصل الحكمة في قوله: »خطتي في مذكراتي الا اوجه نقدا الي عمل عسكري او سياسي بعد حدوثه ما لم اكن عارضته قبل وقوعه، وحذرت من عواقبه غير السارة.. لمحة ذكاء في قوله: »ربطت بين تاريخ الاحداث العسكرية والسياسية العظمي وبين تجارب الانسان الشخصية ولعلي انا الوحيد الذي اتيح له ان يشهد الكارثتين العظميين اللتين سجلهما التاريخ الحديث وهما الحربان العالميتتان وهو في منصب كبير مسئول فاذا كنت في الاولي اتولي من المناصب ذات المسئولية التابعة فقد اصبحت في العالمية الثانية مع المانيا التي اشتعلت نيرانها خمس سنوات رئيسا للوزراء. يمزح تشرشل الفلسفة بالحكمة حين يقول: »كان طبيعيا ان اخفف من الحدة في كثير من المناقشات الدائرة في حينها ويحز في نفسي ويؤلمني ان اعرض لهذه المناقشات واسجل حدة الخلافات فيها بيني وبين كثير من الذين اقدرهم، فقد كان من الخطأ ألا نتعرض لدروس الماضي، لتكون عبرة للمستقبل، اننا يجب الا نحكم علي هؤلاء الرجال المحترمين ذوي النيات الطيبة دون ان نضع في حساباتنا ما يمليه علينا الواجب ونطبق دروس الماضي علي المستقبل.. انني لا انتظر ان يوافقني الجميع علي كل ما اقول، ولا اكتب لارضي كل اذواق الجماهير لكنني ادلي بما يفيد في ضوء تجاربي مع حذري الشديد للتأكد من صحة جميع الوقائع وان كانت هناك اشياء سيكشفها المستقبل لانها مازالت في طي الكتمان تغلفها اقصي درجات السرية« ويضرب مثلا بالحكمة التي كانت تغلف تصرفاته واقواله بقوله: »سألني الرئيس روزفلت عن اسم يصح ان نسمي به هذه الحرب الثانية فبادرته قائلا: انها الحرب التي لا مبرر لها، فلم يكن اهون ولا اسهل من منع هذه الحرب التي قضت بالهلاك والدمار علي ما نتج عن الحرب الاولي.. ومما يضاعف اسفنا ان جهود مئات الملايين والانتصارات الكثيرة التي حققتها البشرية لقضية العدالة لم توصلنا الي السلام، ومازلنا مهددين بأخطار اشد هولا وسوءا .. انني امل ان يهدينا التفكير في الماضي الي ما يجب عمله في المستقبل وان تتمكن الاجيال القادمة من اصلاح اخطاء السنين الماضية وان نتحكم فيما يخفيه الغيب عنا من سيئات مازالت في طيات الخفاء وذلك في ضوء حاجات البشرية وعظمتها.. حاربت المانيا العالم بأسره وحدها، وكانت قاب قوسين او ادني من الانتصار.. لكن الاحداث العارضة والحظوظ الطارئة رجحت الجانب الاخر وتضمنت بنود المعاهدة الاقتصادية التي كانت سيئة بقدر كبير فرض مبالغ خيالية بصفة تعويضات علي المانيا، وصادر الحلفاء ما قيمته مليار جنيه من ممتلكات الالمان، ورغم ذلك اقرض الحلفاء وفي مقدمتهم بريطانياوامريكاالمانيا الفا وخمسمائة مليون جنيه كي تصلح ما خربته الحرب.. وكان لهذا القرض جناحان: ان المانيا لم تظهر مجرد الاعترف بالجميل، والثاني ان التاريخ ينظر الي هذا علي انه نوع من الجنون والحماقة حيث ساعد علي تقوية الروح العسكرية والنزعة الاقتصادية الالمانية.. اما فرنسا فقد فقدت اكثر من مليون ونصف المليون من ارواح ابنائها الذين صمدوا للقتال امام الغزاة الالمان، واخذ الفرنسيون بعد ان اعياهم التعب وفقدوا ضحايا كثيرة ينظرون الي المستقبل في ذهول وعذاب بين الخوف والنكران، استنزفت الحرب فرنسا الي اخر نقطة من دمها ورغم انتصارها بين الحلفاء فقد كلفها ذلك ثمنا غاليا في قوتها وحياتها فأصبحت منهوكة القوي وشبح الخوف المتحكم من المانيا يعكر عليها حياتها. تدهور المارك الالماني بسرعة نتيجة انهيارها المالي والاقتصادي ودفع التعويضات وطبعت كميات هائلة من اوراق النقد مما احدث تضخما ماليا مخيفا واختفت الاموال التي كانت تدخرها الطبقة المتوسطة وتدهورت الصناعة فاضطرت الي الاستعانة بقروض خارجية كبيرة لشعب مفلس، وزاد الطين بلة نزع سلاحها وتدمير مدافعها واغراق اسطولها وتسريح جيشها الجرار. وبإيجاز شديد اذا كانت الحرب العالمية الاولي شهدت مذابح رهيبة لعشرات الالاف من الجنود، وتم تدمير ذخائر ضخمة جمعت الشعوب ثمنها بتعبها وعرقها فإن الحضارة الاوروبية بعد انتهاء هذا الصراع.. وظلت الشعوب رغم العداوات بينها تعترف ببعضها البعض وتحترم قوانين الحرب واصولها، وبقيت اسس محترمة بين القادة العسكريين المتحاربين، لكن في الحرب العالمية الثانية اختفت الروابط الانسانية وارتكب الالمان في ظل الحكم الهتلري جرائم لا نظير لها في شدتها واتساع نطاقها والوحشية التي اتسمت بها لم تشهدها عصور التاريخ المظلمة وفاقت المذابح البشرية التي طالت ستة او سبعة ملايين من الرجال والنساء والاطفال والشيوخ في معسكرات الموت الالمانية.. وفاقت في فظاعتها مذابح جينكيز خان القاسية.. ونصل الي ذروة الدراما في استخدام القنبلة الذرية التي مسحت من الوجود مدينتي هيروشيما وناجازكي. تعليق: هل يستفيد العالم من كل ما حدث في الحربين الاولي والثانية ويأخذ العظة والعبرة، وقد اصبحت اسلحة الدمار والخراب اشد فتكا وابعد اثرا.. ويتجه الي السلام والمحبة من اجل رخاء الشعوب ورفاهيتها.. ويوجه ما ينفقه من مبالغ خيالية لاوجه الدمار لاسعاد الشعوب وتعويضها عما مضي من ألم وعذاب وبالتالي يمكن ان تخف حدة الارهاب الذي يحول حياة الناس الي جحيم؟ بعد ان تأكد الجميع ان الزعيم النازي هتلر انتحر عام 1945 حسب الرواية التاريخية الشهيرة بأن اطلق النار علي نفسه قبل ان يأمر رجاله بإحراق جثته حينما اقتربت قوات الحلفاء من مقر اقامته في برلين.. صدر كتاب في البرازيل اثار ضجة كبري، كشف عما صفه بمفاجأة وهي ان الزعيم الالماني ادولف هتلر لم ينتحر لكنه فر هاربا الي امريكا الجنوبية وتنقل ما بين الارجنتين وباراجواي حتي استقر به المقام في البرازيل حتي عام 1984 حيث وافته المنية عن عمر يناهز الخامسة والتسعين عاما في بلدة صغيرة تسمي فوسا سينهورا الكتاب الذي عنوانه »هتلر هرب الي البرازيل.. حياته موته« الذي الفته »سيموني رينيه جيريرد دياس« نشر صورا لهتلر مع صديقته البرازيلية السوداء التي تعرف عليها هناك، حتي يصرف الانتباه عن خلفيته الفاشية التي كانت تحكم عليه الا يصادق الا من ينتمي الي الجنس الاري الالماني »هتلر اطلق علي نفسه هناك« ادولف لا يبزيج.. ورغم كل تلك المعلومات فإن اساتذة جامعيين برازيليين سخروا من هذه الرواية ومنهم استاذ تاريخ بجامعة ماتو جروسو، لكنه عاد ليقول: ان عشرات الالاف من النازيين سيئي السمعة هربوا الي البرازيل بعد الحرب العالمية الثانية، وتبقت الحقيقة غائبة خاصة بعد ان فشل الباحثون في الحصول علي دليل مادي واحد علي وفاة هتلر بالقرب من مخبئه ولم يتم العثور علي اثر لرفاته المحترق كما فشلت اختبارات الحمض النووي لشظايا الجماجم التي وجدت بالقرب من القبو الذي قيل انه اختبأ فيه في التطابق مع الحمض النووي لهتلر. وبمناسبة الحديث عن هتلر فقد مات »روشوس ميتشن« اخر من بقي حيا من الحراس الشخصيين للزعيم النازي عن عمر يناهز 96 في برلين مات في منزله متأثرا بمضاعفات ازمة قلبية اصيب بها مؤخرا.. الحارس الشخصي لهتلر كان ايضا حامل رسائله كان مثيرا للجدل بحديثه الدائم عن الجانب الانساني من شخصيته.