نتفهم دوافع الكثيرين ممن يرون ان السيسي هو الشخصية المناسبة لقيادة مصر في المرحلة القادمة بقناعتهم ان تكون الشخصية الحاكمة القادمة يجب تكون قوية وحازمة وقادرة علي السيطرة والقضاء علي الفوضي والانفلات الذي يعاني منه الشارع المصري خاصة بعد الثورة، معللين تزكيتهم له بان الشعب المصري غير مؤهل حتي الآن للتعاطي مع شخصية مدنية تقود البلاد نحو الاستقرار والنهضة والتقدم بالمشاركة مع مختلف فئات الشعب. لكنني لا أتفهم أبدا طريقة البعض خاصة الاعلاميين منهم في قيامهم بالترويج والدفع وبقوة للفريق السيسي للترشح للرئاسة علي اعتبار انه الوحيد القادر والملهم والمنقذ الواعد المبعوث من السماء وهبه الله الي شعب مصر، وكأن مشاكلنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية سوف تنتهي تماما بمجرد ان يترشح السيسي للرئاسة وهذه الفئة التي تروج بهذه الطريقة تبعث علي الشك والريبة في نواياها، ولا ادري هل يفعلون هذا بحكم نشأتهم فاصبحوا رغم قيام ثورة غير قادرين علي التزام الحيادية والمهنية ام هم يفعلون ذلك لكي يتمكنوا بعد ذلك من الحصول علي المصالح والمكاسب التي ألفوا طريقة الوصول اليها. ومع ذلك ورغم الرغبة المحمومة لهؤلاء في ترشح السيسي فإنني أري ان السيسي قد لا يتقدم للسباق الرئاسي القادم لعدة اسباب اهمها طبعا الحصانة التي اكتسبها وزير الدفاع المصري بالدستور الجديد ولمدة ثماني سنوات كاملة سوف تئول الي الشخصية الاخري التي ستتولي وزارة الدفاع من بعده ويصبح مستقبل السيسي القيادي والسياسي متوقفا علي نجاحه في ادارة الفترة الرئاسية الاولي ومدتها اربع سنوات فقط في حالة قدرته علي اتمامها بسلام مع الوضع في الاعتبار حجم المسئولية والاعباء التي سيكون مسئولا عنها كرئيس للبلاد علي عكس كونه وزيرا للدفاع فقط. ثاني الاسباب المهمة التي تحول دون ترشيح السيسي هو ان تصدره لقيادة البلاد بعد قيام الجيش تحت قيادته بالانحياز للاغلبية الشعبية الجارفة التي نزلت يوم 03/6 مطالبة باقصاء مرسي والمرشد والاخوان عن حكم مصر فان نجاحه في الانتخابات- وهو الامر المؤكد في حالة ترشحه- سوف يبقي ويعزز مقولة الانقلاب العسكري علي عكس الامر في حالة عدم ترشحه فان هذه المقولة ستسقط بصفة حاسمة ونهائية بل ومثمنة لما اتخذه الجيش المصري تجاه الشعب يوم 03/6/3102. سبب ثالث مهم هو ان اي رئيس لمصر يأتي غيره سوف يكون لديه القدرة علي القيام بالمصالحة مع التيارات المصرية التي قاطعت الاستفتاء والمعارضين لثورة 03/6 دون اقصاء لاي طرف او فصيل لانه لن يكون لديه حساسية خاصة تجاه اي فصيل مثلما هو الحال مع الفريق السيسي خاصة ان المصالحة ضرورية بل حيوية لاستقرار البلاد سياسيا وامنيا والتمكين لجميع الطوائف والتيارات للمشاركة في بناء الدولة من جديد من اجل جني ثمار الثورة. اما اذا ترشح سيادته واختاره الشعب فإن توفيقه او عدم توفيقه في ادارة البلاد سوف يمس المؤسسة العسكرية التي يعتبر هو مرشحها سواء رضينا أم أبينا.