حياتنا محطات، تمر السنوات، يسقط فيها البعض، ويظل البعض الآخر نحمله في داخلنا مهما كانت أحوالنا ، ويبقي القليل جدا منهم الذي يظل معنا حتي المحطة الأخيرة ، لا يتغير قدره ومقامه ومحبته ، علي العكس تزداد قيمته مع سقوط كل ورقة من أوراق العمر ، هم الزهور التي تعطر روحنا ، النسيم الذي يسبح في صدورنا ، والحكمة التي نسيرعليها، والمدرسة التي حفرت حروفها، في فصول عقولنا! ما أجمل أن يكون رجلا مثل الأستاذ مصطفي بلال مدير عام تحرير الاخبار في حياتنا مهما ابتعد، فهو أطال الله في عمره - تلك العملة النادرة من الرجال التي وجهها الكفاءة ووجهها الآخر الأخلاق، عجينة نادرة من السلوكيات والمعاملات والأخلاقيات، اسمحوا لي بالحديث عن رجل تعود علي العطاء فلم ينفذ علمه، وتواضع فزاد قدره، من الذين اذا غابوا لحظة افتقده الجميع، وكأن كل ركن وكل خطوة في العمل قد أنست اليه واستراحت بين يديه، طوعها كيف شاء لتخرج في أكمل صورة يمكن أن ينتظرها قاري من صحيفة! اختار الأستاذ مصطفي أن يستريح من المهنة مع وصوله لسن الستين ، وأن يكمل حياته الي جانب زوجته الرائعة زميلتنا الفاضلة الأستاذة مهجة دسوقي ، ويشبع من أسرته التي افتقدته بسبب مهنتنا التي تأكل الأعمار ، حاولنا التأثير عليه ، شاركنا كلنا في اعتصام حب من اجل استمراره ، ولكنه وكما قال ، فقد حان وقت الراحة وجاء يوم العاشر من أكتوبر وأكمل الستين ربيعا وفعل ما أختاره لنفسه بنفس الرضا الذي عاش وعمل به وعليه ، وكان درسه الأخير لنا : عزة النفس خير وأبقي ! كم من المواقف أحملها لهذا الرجل ، أذكرها له بكل خير واخلاص ، وكم أشعر بحنين ،وأنا أقول له : نحبك جميعا يا أستاذنا الغالي مصطفي بلال ، وستظل الأستاذ والزميل والصديق، فكل ذلك لا يحتاج لمكتب وسكرتارية ، ولكن الي شخص يمتلك مثلك العملة الإنسانية النادرة بوجهيها الكفاءة والأخلاق ! بحبك يا مصطفي ..كلنا بنحبك !