المشهد أمامي يزيد من شعوري بالتفاؤل أكثر بكثير مما كنت أشعر به أثناء احتلال مصر الإخواني، المدعوم أمريكيا الممول قطريا. كانت قناعتي الراسخة أن نهايتهم قريبة.. رددت يوميا علي مدي عام كلمة " هانت "،كل الشواهد وحقائق التاريخ، تؤكد سقوطهم الوشيك المدمر لبقائهم..هذه أرض الكنانة ولا تدنس أبدا!... احتلت إسرائيل سيناء في 1967.. بدأت بعدها حرب الاستنزاف، ووضع خطة تحرير سيناء.. توفي الرئيس جمال عبد الناصر وتولي الرئيس أنور السادات.. طفا علي السطح الصراع علي السلطة.. لكن العملاق المصري كان يقول صارخا " حنحارب "!.. وصل الصراخ الي القوات المسلحة التي اعتبرته تكليفا بالعبور.. صراع السلطة انتهي والعملاق كان يهم بالوقوف، فالاستعداد للوثب الي الضفة الشرقية للقناة... فكان نصر أكتوبر 1973... يوما لا ينسي أبدا... ولدت روح أكتوبر.. احتفظت به القوات المسلحة، كبرت والروح فيها، استمرت تنمو قوية.. مرت العقود والشعب صرف الي يم آخر... الي صحراء الفكر، وهزل المعرفة، وانحطاط التعليم، وسطحية التنمية.. تحول المجتمع الي كيان استهلاكي فمُستَهلك... أصبحت مصر فريسة سهلة -هكذا تصور - الطامع في درة الشرق..المصري مجهد طبقته العليا ثرية منعزلة، طبقته المتوسطة ملهية في استهلاكيتها، غاب الفكر عنه فضل الطريق.. لكن الغاشم المتآمر لم يدرك أن عبقرية الشعب المصري لا يضاهيها عبقرية... أحداث يناير وكواليسها، ودفع أمريكي لاستيلاء الإخوان علي الحكم، كانت هدية القدر للعملاق الثابت النائم.. كان حكم الإخوان وخزة نار في جسد العملاق فانتفض مستيقظا ثائرا.. كان يوم 30 يونيو.. وجد في انتظاره عند باب مصر قواته المسلحة تقول له أمرك!.. كانت صرخة الشعب له حرري مصر من مغتصبيها!.. طلب التفويض صباحا ليخرج 40 مليون مساء مفوضا... ولد العملاق المصري.. الشعب والقوات المسلحة والشرطة.. أكانت نزهة الي المجهول ؟.. أبدا!.. روح أكتوبر المتجددة شبابا إنتقلت الي جسد العملاق،صاحب أم الحضارات، فجددت من حيويته وعنفوانه.. ولكن ! حرك الأمريكان والأوروبيون رجالهم في الداخل والخارج.. هددوا وغردوا.. العملاق ثابت في مكانه.. نحن المنتصرون ! صرخة قوية أطلقتها القوات المسلحة يوم 14 اغسطس تنهي هزل رابعة العدوية، توجه قوات لتطهير سيناء، يعلن العملاق تمسكه بخارطة الطريق ويمضي فيها..أتاه التهديد والوعيد بالويل والدمار.. رد بأكثر قوة..يا أهلا بالمعارك!.. اليوم العملاق خطا خطواته، استعاد ثقته في ذاته وقدراته، لابد أنه سيسعي لتصحيح بعض المسارات، وتطهير أخري من لدانة عوائقها.. هذا من طبيعة الأمور، تستدعي النقد والتحذير للعودة الي صحيح المسار وليس الإحباط.. العملاق باستعادة روح أكتوبر منجز وليس مُلطم!.. هذا ما أدركه الإتحاد الأوروبي..حضرت آشتون الي مصر..سبقها تصريح عالي الصوت محذر يقول أنها قادمة من أجل حل الأزمة ! قلت لنفسي أزمة من ؟.. للعملاق هي ليست أزمته!.. هو ماض في طريقه تاركا الأقزام عند نعليه باحثين عن حل أزمة فقدان سبب وجودهم.. أمس كان فصل الختام. قالت للصديق محمد سلماوي كما ذكر في مقاله اليوم "هذه مشكلتهم هم وعليهم حلها مع الرأي العام "... سبب تصريحها الخافت، اليائس، المستسلم، أن الإخوان، العمي الصم البكم، قالوا لها نوقف المظاهرات ونعترف بالمرحلة الإنتقالية مقابل الإعتراف بشرعية مرسي.. أهؤلاء هم من اختارهم الأمريكان لاحتلال مصر والشرق ؟.. أهذا العقم والبلاهة تصلح للحديث معها والتغريد من أجلها؟.. أشتون دفعها الخجل لتصرح بعد لقائها ببطل معركة التفويض الفريق أول عبد الفتاح السيسي.. "الجميع بات يدرك أهمية المضي في خارطة الطريق ولا عودة للوراء..والدستور يعبر عن كل المصريين "... هكذا أسدل الستار بين العملاق المصري وأقزام تعملقوا... فلنمض كعمالقة في طريقنا جادين، متجاهلين تعملق الأقزام وضجيج ثرثرتهم، العبور ينتظرنا... العملاق استعاد روح أكتوبر،وبها جمع عناصر قوته - الشعب والجيش والشرطة - متلحمة في جسده الصلب... بعد 65 يوما من مولده، من الطبيعي أن يرفض أي سلبية و عبث من كائن من كان...سيعبر الي المستقبل رغم سلبيات الحاضر فما هي إلا مخلفات عقود من الترهل، اللامبالاة، الخمول..لكن كفي!... عبرت قواتنا المسلحة في أكتوبر 1973 تحرر كامل أرض سيناء..تعود إليها في عبورها الثاني عام 2013 تطهرها من دنس الإرهاب.. سيشهد يقينا 2014 للعملاق وثبات الي آفاق طال غيابه عنها.. هو جدير بالتربع علي قممها.. كل عام وأنتم بخير ومصر ماضية مستبشرة منجزة الي فجرها الجديد... بالهمة!