لا يعنيني في شئ ، أن يكون الرئيس الأمريكي أوباما ، هو من سعي إلي إجراء الاتصال الهاتفي ، مع نظيره الإيراني حسن روحاني. أم أن الأخير هو من طلب ذلك . مع الإقرار بأهمية ذلك ، في أي تحليل للخطوة القادمة في العلاقات بين واشنطنوطهران. رغم أن بعض التسريبات تحدثت ، عن أن الطرف الأمريكي كان يلح في عقد لقاء مباشر بين الطرفين ، ولكن روحاني هو من تحفظ . والخطوة استكملت المباحثات تم عقدها وزيري خارجية البلدين. كما نجحت" حملة العلاقات العامة، التي قام بها الرئيس الإيراني، والتي حفلت برسائل، استهدفت اللوبي اليهودي في أمريكا.عندما اعترف بالهولوكوست ، واعتبرها مذبحة قامت به قوات النازي ضد اليهود .وفي مجلس العلاقات الخارجية ،أعرب عن أمله في التوصل إلي اتفاق ،حول البرنامج النووي خلال ثلاثة شهور. واستخدم لفظ إسرائيل، بعد إن كانت إيران الرسمية تستخدم تعبير العدو الصهيوني، وطالب ود أمريكا "الشيطان الأكبر" كما يطلق عليها في الأدبيات الإيرانية . من المؤكد إن هناك أسبابا موضوعية ، دفعت كل طرف إلي الالتقاء في منتصف الطريق، بعد عداء وقطيعة مستمرة بين البلدين ، طوال أكثر من 30 عاما ،ولعل الأزمة الاقتصادية في إيران ، وارتفاع معدلات التضخم ، وزيادة أرقام البطالة ،مع الكلفة المرتفعة للدعم الإيراني لتدخلاتها الخارجية، والأمر مازال يحتاج إلي بعض الوضوح ،حول مدي تأييد التيار المحافظ ، والمؤسسة الدينية والمرشد العام للثورة الإيرانية لمثل هذه الخطوة. ويصبح السؤال الأهم والمطروح، أين المنطقة العربية بصفة عامة والخليج بصفة خاصة؟ من كل ما يحدث . خاصة وان المتابع العادي للشأن السياسي الدولي ، يمكن أن يصل إلي قناعة ، بأنه إذا سارت الأمور بين الطرفين مسارها الطبيعي ، وكان هناك رغبة حقيقية لتطبيع العلاقات" وتصفير المشاكل "بين إيران والغرب ،دون أن يكون ذلك جولة جديدة ، من لعبة استهلاك الوقت، التي تجيدها إيران .فان الصفقة ستكون حتما علي حساب دول الخليج .وأمنها واستقرارها، خاصة وان أول بنود الصفقة ، هو الاعتراف بدور إقليمي لإيران في المنطقة، مما يعني إطلاق يدها ،واحترام مصالحها، في العديد من الملفات ،وكلها بحكم الجغرافيا والتاريخ .عربية سواء نفوذ طهران في العراق، وسوريا ولبنان، وإطلاق يدها في الخليج . ولم يعد خافيا علي احد ، أن الفترة الأخيرة شهدت خلافات في العمق ، بين واشنطن ودول الخليج ،حول ثلاث ملفات أساسية ،جعلت واشنطن تفكر جديا، في السعي إلي تركيز عملها في منطقة جنوب شرق آسيا ،بعيدا عن منطقة الشرق الأوسط ،بعد أن أصابها الإرهاق من كثرة مشاكله المستعصية ،والتي لا يبدو أنها قادرة علي حلها . كما أن ضمان الحصول علي النفط لاتعترضه مشاكل ، ولم يعد هناك في حقيقة الآمر، أي تهديد لأمن إسرائيل علي الأقل في المنظور القريب ،وهذه الملفات هي : الأول : الوضع في مصر، فقد فوجئت الإدارة الأمريكية ،بالدعم الخليجي بقيادة السعودية والإمارات ، للحكومة المصرية بعد 30 يونيه، رغم إن واشنطن مازالت عند حيرتها وترددها ،في صياغة موقف محدد مما حدث ،علي عكس الرياض وأبو ظبي ،اللتين كانتا علي استعداد لخسارة علاقاتهما الإستراتيجية مع واشنطن نتيجة لذلك. الثاني : الملف السوري فقد ظهر التردد الأمريكي واضحا ، بعد التراجع الفج في موقف أوباما ،الذي بدا مستعدا لضرب سوريا، بعد استخدام السلاح الكيماوي ضد المدنيين ،وهو ما حظي بتأييد وتشجيع من دول الخليج المهمة ، ثم تراجع رويدا رويدا ، أمام الدبلوماسية الروسية. الثالث: العديد من الملفات ،التي تمثل تدخلا إيرانيا في الشئون الداخلية لهذه الدول. مثل العراق، وكذلك في البحرين، بدعمها للاحتجاجات الشيعية هناك. رغم إن السعودية مثلا ، تري في استقرار البحرين مطلبا استراتيجيا للأمن القومي السعودي .لاعتبارات تاريخية، ومذهبية وسياسية، والغريب والذي آثار تحفظ دول خليجية ،واحتجاجات بحرينية، وتم استدعاء السفير الأمريكي في المنامة. هو ما قاله أوباما في خطابه أمام الأممالمتحدة ،عندما وضع ما حدث في سوريا ،والعراق والبحرين ، في" سلة واحدة "رغم اختلاف طبيعة الأزمة البحرينية ،عما يحدث في سوريا مثلا ،والذي يشهد نظاما حاكما ، يقتل شعبه يوميا بالعشرات ،بينما الحكومة البحرينية تدعو ليل نهار إلي الحوار الوطني ،وبعض قطاعات الشيعة المحسوبة علي إيران، هي من تعرقل الوصول إلي اتفاق وقد يكون من المبكر ،الحكم علي حقيقة ونوايا كل من الطرفين، ويبقي هناك بعض التساؤلات، حول ردود أفعال دول الخليج ،مع الوضع في الاعتبار، ان مواقفها تجاه إيران ليست متطابقة .مثلا سلطنة عمان ،ظلت كل خطوط الاتصال مفتوحة ولا أستبعد أن تكون طرفا في ترطيب الأجواء بين البلدين، من خلال الزيارة التي قام بها جلالة السلطان قابوس، مؤخرا إلي طهران .وهناك قطر، وعلاقاتها متميزة مع إيران .وليس هناك إجابة عن سؤال ،حول طبيعة الدعوة التي وجهها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، إلي روحاني لأداء مناسك الحج هل تدخل في سياق التهدئة ، وتتوافق مع خطوة عودة الاتصالات بين واشنطنوإيران. أم أنها قرار منفصل، يخضع لاعتبارات سعودية، وظني أن هذه هي فرصة دول الخليج، للإصرار علي مطلبها المشروع، بالمشاركة كطرف أصيل ومهم، في مباحثات منتصف الشهر الحالي، حول الملف النووي الإيراني.فهي الأكثر تأثيرا، من حيث الجغرافيا علي الأقل، بتلك القضية من دولة مثل ألمانيا. المهم ألا يكون الخليج، جزءا من الصفقة بين واشنطنوإيران.وان تباع المنطقة في سوق "النخاسة السياسية الدولية".