قضايا الفكر والعقيدة قائمة منذ سنوات طويلة، وموجودة في كل عصر وزمان لكن هناك بعض القضايا اهتز لها الرأي العام بل المجتمع بأثره من علمائه إلي كتابه، وقد وصل النقاش حولها إلي بر السلام وأخري ظلت عالقة في خضم الحياة لحين الوصول إلي حل نهائي. يتناول »كتاب« الشعراوي والحكيم بين صراع الفكر وثوابت العقيدة" للباحث أحمد موسي عبادة عدة قضايا شائكة من اكبر القضايا الفكرية في القرن العشرين بين الدين وثوابته والفكر. رغم أن هذه القضية التي أثارها الكاتب والمفكر الكبير توفيق الحكيم منذ خمسة وعشرين عاما من خلال أربعة مقالات نشرها في جريدة الأهرام تحت عنوان »حديث مع الله« أو »حديث إلي الله« تضمن حوارا فكريا بين الحكيم والله سبحانه وتعالي حول أمور عدة أثارت علماء الدين وعلي رأسهم فضيلة الشيخ متولي الشعراوي. تناول الباحث في كتابه تلك المعركة الفكرية بين الفكر وثوابت العقيدة بالتفصيل الذي يسجل به تاريخا فكريا من وقائع حوارية بين المفكر توفيق الحكيم وعلماء الدين حول ما نشره عن حواراته مع الله سبحانه وتعالي ويقول احمد بهجت في تقديم الكتاب: كان مبرر توفيق الحكيم في حديثه مع الله سبحانه وتعالي هو الحب فهو كما ذكر في أحاديثه يخاطب الحبيب لحبيبه ولا بأس أن يخاطب الإنسان منا الله سبحانه وتعالي مخاطبة الحبيب لحبيب إن الحب لله تعالي مطلوب ولكن التوقير والخشية أمران مطلوبان أيضا إذا تعلق الأمر بالحب الإلهي، ولكن الأمر تعدي في مقالات الكاتب الكبير توفيق الحكيم إلي وصف الأديان السماوية بالنسبة مابين مرحلة الطفولة الممثلة في الديانة اليهودية ثم مرحلة الشباب في رسالة عيسي عليه السلام إلي أن وصلت الدعوة الي مرحلة النضج والرجولة في دعوة سيدنا محمد أفضل الصلوات والسلام عليه وربط العلماء بالدين وبأنهم ممكن أن يدخلوا الجنة بأعمالهم وليس بنطق الشهادة، وربما كما قال الحكيم في رده علي علماء الدين انه لم يكن يضع في حسبانه كل هذه الأمور التي أوقعته في هذا المأزق العقائدي لأنه وجد نفسه وحيدا بعد وفاة ابنه وزوجته ولم يجد في بيته الفارغ غير لوحة مكتوب عليها "يارب "فتوجه إلي الله سبحانه وتعالي الذي وجد في حواره المتخيل معه سبحانه وتعالي هذا النوع من الراحة الذهنية والفكرية ولكنه للأسف نسي أنه يتحدث مع الله سبحانه وتعالي وكان الحوار بين مخلوق وخالقه دون أي خشوع أو وقار وتدخلت أسماء كبيرة في المعركة وعلي رأسها الشيخ الشعراوي رحمة الله عليه والشيخ الغزالي والدكتورة بنت الشاطئ وفضيلة الدكتور محمد المسير واحمد عمر هاشم وغيرهم من كبار علماء الدين. الكتاب الذي صمم غلافه الفنان الكبير سيد عبد الفتاح واستغرق الباحث احمد موسي عبادة في كتابة هذا العمل عشر سنوات يستحق أن يقرؤه جيل الشباب الذين لم يعاصروا هذه القضية ليعرف حجة الشيخ الشعراوي في موهبة البيان وحجة الرأي في الدفاع عن الدعوة الإسلامية دون تشنج أو صراخ ولكن الرد برصانة وفكر وثقافة لا حدود لها في علم الدين.