بعد يومين من رد فعل أولّي انتقد خطوة المجلس العسكري المصري الذي أعلن بدء مرحلة انتقالية سياسية جديدة في أعقاب عزل الرئيس محمد مرسي، رصد مراقبون تحوّل الموقف في واشنطن من انتقاد خطوة الجيش الي "الصمت التام" تجاهها. واكتفت وزارة الخارجية الأمريكية في اخر تعليق لها علي الوضع في مصر وصفه مراقبون ب"المحير" - بإدانة أعمال العنف الذي وقعت علي مدار اليومين الأخيرين والتي أسفرت عن سقوط قتلي ومصابين، وكذلك دعت المصريين للهدوء. وجاءت تصريحات "جين بساكي" المتحدثة بإسم الوزارة في حين انتقد ساسة أمريكيون وزير الخارجية "جون كيري" لتجاهله "الإطاحة بمرسي" وقيامه بأجازة في رحلة بقاربه الخاص. لكن موقف كيري لم يكن غريبا حيث ان الرئيس باراك أوباما نفسه توجه امس الأول الي ملاعب الجولف، وسط حالة من التخبط والجدل في واشنطن بشأن كيفية التعامل مع التغيير في مصر. وبعد ان أصدر بيانا أعرب فيه عن القلق العميق بشأن الخطوة التي اتخذها الجيش المصري بعزل مرسي بعد ساعات من بيان القوات المسلحة في القاهرة، اجتمع أوباما مع مستشاريه للأمن القومي، ليغلب "الصمت التام" لاحقا علي أبواق إدارته التي تترقب قوي عديدة في المجتمع الدولي التعرف علي موقفها. وقال تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" ان "الهدوء النسبي الذي يسود واشنطن يعكس اطمئنانها الي ان الجيش المصري سيظل ملتزما بمعاهدة السلام مع اسرائيل بغض النظر عن التغيير السياسي في البلاد. كما ان رد فعل واشنطن يعكس تقييمها لدور مصر في بيئة إقليمية جديدة برزت فيها دول أخري كلاعبين أكثر قوة علي صعيد الحراك الإقليمي. وبعد ان واجه أوباما في البداية أصواتا تدعوه للاعتراف بشرعية التغيير السياسي في مصر وأخري تدعوه لانتقاد عزل "رئيس منتخب ديمقراطيا"، بدا أنه قرر ان يؤثر "الصمت". وقال تقرير الصحيفة ان الإدارة الأمريكية لم تعد تشعر بالارتياح في اتخاذها صف اي من الفرقاء السياسيين. وانعكس الهدوء الأمريكي في بيان عضوين بارزين بلجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي وهما "اد رويس" من كاليفورنيا و"اليوت ال. انجيل" من نيويورك قالا فيه ان "الديمقراطية الحقيقة تتطلب عدم الإقصاء، والتفاوض واحترام حقوق الانسان والأقليات والالتزام بسيادة القانون - وهي أمور لم يطبقها مرسي أعضاء ادارته، بل بدلا من ذلك قاموا بتوطيد سلطتهم وأداروا شئون الحكم بالأوامر". ومن جهتها قال السفير الأسبق لدي مصر "دانييل سي كرتزر" ان مرسي "فشل في كل شئ". ونقل تقرير لأسوشيتد برس عن مراقبين ان إدارة أوباما تتصرف فعليا وكأنها قد قبلت بخطوة الجيش لكن ساستها يفضلون عدم التحدث صراحة في ذلك الإتجاه. وكانت "فرانس برس" نقلت عن مسئولين سابقين ان تجنب أوباما وصف ما حدث ب"انقلاب" يعطي الحكومتين الامريكية والمصرية مهلة لإجراء مشاورات حول نوايا الجيش وخريطة الطريق والبرنامج الزمني للإنتقال الديمقراطي. كما استعرض نفس التقرير صعوبات وقف المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر، اذ عمليا تمول الولاياتالمتحدة عقودا تمتد لسنوات لدي المنتجين الامريكيين لتسليح الجيش المصري.