قال لي النائب الشاب الذي يعجبني كثيرا لأنه متهور غالبا متزن أحيانا: »- نحن نقع دائما في غلطة كبيرة.. عندما نتصدي لتعريف البلطجة والبلطجي فنقصر التعريف علي رجل يمسك في يده سلاحا.. وينتزع مكاسب من غيره لاحق له فيها.. ولكن الخوف والترويع جعلاها ملك يديه.. ونحن بهذا التعريف القاصر نستبعد أشكالا عدة من البلطجة ونستثني أعدادا من البلطجية لا يمسكون في أيديهم أسلحة.. ولكنهم في النهاية ينتزعون حقوقا من غيرهم لا حق لهم فيها..«. قلت للنائب الشاب: »- أوافقك تماما.. وأزيد علي كلامك اننا حتي استبعدنا المرأة من خانة البلطجة.. مع أن هناك نساء في المجتمع ينطبق عليهن وصف البلطجة.. وإن كانت بلطجة ناعمة ولكنها تصل بنا إلي نفس النتيجة.. فالبلطجة لا تلبس ملابس الرجال فقط.. وليس لها زي خاص.. علي العكس.. كلما تمكن البلطجي من إخفاء سلاحه.. وتنكر في ملابسه.. كلما أوصله إلي النتيجة غير العادلة.. وهي اقتناص مكسب لاحق للبلطجي فيه«. واستطرد النائب الشاب قائلا: »- خذ عندك مثلا: رجل الأعمال الذي يأخذ أموال البنوك ويهرب.. والممول الذي لا يدفع للضرائب.. والتاجر الجشع الذي يغرق زبائنه في أسعاره الفاحشة مستغلا حاجتهم للأشياء الضرورية.. وسائق الميكروباص الذي يخيل إليه انه يسير بمفرده في الشارع.. والنائب الذي يستغل حصانته ليخالف القانون.. والطبيب الذي يلتهم كل ما يملكه مريضه لشفائه من برد خفيف.. أويجري له عملية لا لزوم لها.. والموظف الذي يفتح »الدرج« أمام صاحب الحاجة ليضع »الإكرامية« وإلا فلا إنجاز لشغله.. والنشال الذي يركب الأوتوبيس ليلهف مرتب الموظف الغلبان.. وقائد السيارة الملاكي الذي يسير في الممنوع ويشخط في ضابط المرور قائلا: ماتعرفش انت بتكلم مين؟! كل هؤلاء وغيرهم بلطجية يلبسون أزياء مختلفة.. ولا يمسكون في أيديهم أسلحة.. أو يمسكها بعضهم في السر.. ولا تظهر إلا وقت اللزوم..«. قلت للنائب الشاب: »- نسيت أنواعا أخري من البلطجية.. تجدهم في بعض الشركات والتجمعات يلبسون ملابس فخمة.. ويجلسون في مكاتب مكيفة.. وعملهم اليومي هو كتم أنفاس الشرفاء الذين يعملون معهم.. حتي لا يتكلم أحدهم عن المخالفات التي تجري كل يوم.. وهؤلاء في رأيي هم أخطر البلطجية«. ورد النائب الشاب قائلا: »- لا لم أنس.. ولكني أترك أشياء كثيرة لاشك أنك تعرفها جيدا.. وألخص كل ما قلناه فيما يأتي: عندنا الآن زائرة خطيرة وغير مرغوب فيها.. اسمها البلطجة.. تمر علي المجتمع وتحاول سرقة أمنه وأمانه وحقوقه.. هذه الزائرة المرفوضة وصلت إلي معظم جهات المجتمع.. حتي مناقشات مجلس الشعب.. وينبغي أن ننتبه لها.. ونحاربها حتي نقضي عليها«.