عندما عين ارسنال المدرب هربرت تشابمان عام 1925 كان اعلان الوظيفة يطلب ممن ينفقون ببذخ ألا يتقدموا لها لكن مشجعي النادي اللندني الذين يشعرون بالغضب من تفوق منافسين أكثر ثراء يطالبون الان المالك الامريكي بالتخلص من هذا التقليد. والملياردير ستان كرونكي صاحب حصة الاغلبية في النادي هو واحد من الجيل الجديد من ملاك الاندية الاجانب الذين جاءوا ليلعبوا دورا في كرة القدم في بريطانيا لكن بينما انفق بعضهم مع التنازل عن تحقيق نتائج في الملعب يتوقع كرونكي أن يتمسك ارسنال بمبادئه المالية الراسخة. ولم يمنع الأمر في التحكم في الانفاق تشابمان من الاندماج مع تقاليد النادي وقاد ارسنال لأول لقب ضمن 13 لقبا أحرزها في الدوري الانجليزي لكرة القدم ليصبح أكثر اندية انجلترا نجاحا بعد مانشستر يونايتد وليفربول لكن خزائن النادي افتقرت للالقاب لعدة سنوات. ونال ارسنال - الذي يطلق عليه لقب "المدفعجية" نسبة لعمال مصنع الذخائر الحربية الذين أسسوا النادي في 1886 - لقب الدوري الانجليزي الممتاز لاخر مرة في 2004 وفاز بكأس الاتحاد الانجليزي عام 2005. ولم يفز ارسنال بأي شيء منذ ذلك الوقت ويرغب المشجعون الذين يملأون استاد الامارات الرائع - الذي أصبح ملعب النادي منذ 2006 - في تحقيق عائد لواحد من أعلى اسعار التذاكر في كرة القدم الانجليزية. وحتى التعويض السنوي الذي يحصل عليه النادي بالتأهل إلى دوري أبطال اوروبا - والذي يدر عائدا يبلغ 30 مليون جنيه استرليني (45 مليون دولار) - قد يفلت من قبضته. ويتأهل أول اربعة فرق في الدوري الممتاز الى البطولة ويحتل ارسنال حاليا المركز الخامس وراء غريمه في شمال لندن توتنهام هوتسبير. ويقول المشجعون المحبطون إن ارسنال ضحية الافتقار للقيادة والاستثمار من قبل كرونكي الذي استحوذ على حصة الاغلبية منذ عامين في صفقة قدرت قيمة النادي عند 731 مليون جنيه استرليني. وينفي هؤلاء الذين يعملون مع كرونكي (65 عاما) - الذي يمتلك فرقا رياضية على جانبي المحيط الاطلسي - مزاعم ابتعاده عن كرة القدم الانجليزية ومشجعيها المتحمسين. وقال ايفان جازيديس الرئيس التنفيذي للنادي في مقابلة "انه يفهم الرياضة جيدا. انه يفهم ارسنال." وتابع "الشخص الذي اعرفه طموح جدا تجاه هذا النادي واعطاه دعمه على كل المستويات" مضيفا أن كرونكي يأتي الى لندن كل شهر. وبينما حاول الامريكيون الذين يسيطرون على ارسنال ومانشستر يونايتد وليفربول ادارة تلك الاندية وفق قواعد الأعمال فان أندية مثل تشيلسي ومانشستر سيتي شقت طريقها الى صفوة الدوري الانجليزي الممتاز خلال العقد الماضي بفضل ملاكها الاثرياء من روسيا وأبوظبي الذين كانوا على استعداد لتقبل خسائرهم المالية. ويعتقد مشجعو ارسنال الذين شاهدوا فريقهم يتراجع وراء تلك الاندية الثرية حديثا أن "ستان الصامت" يجب أن يفعل المزيد. وقال تيم بايتون من مجموعة مشجعي ارسنال التي تمتلك اسهما في النادي "لا يوجد نشاط كاف أو طموح لدفع النادي بقوة للأمام." وأضاف "كرونكي يمتلك النادي لكنه خارج البلاد وأغلب أعضاء مجلس الادارة فوق 70 عاما. هناك شعور بأن الحصول على المركز الرابع هو قمة الطموح وليس أقل ما يجب تحقيقه." ويعتقد جازيديس (48 عاما) أن ارسنال سيستفيد قريبا من اكتمال عملية تحوله المالي التي بدأت بالانتقال الى استاد الامارات الذي يسع 60 الف متفرج من ملعبه السابق هايبري بشمال لندن. وقال من مكتبه في "هايبري هاوس" وهو مبنى يقع في مواجهة الاستادين القديم والجديد "سنمتلك ناديا لكرة القدم سيكون بالتأكيد واحدا من الاندية البارزة من حيث القوة المالية في اوروبا." واشار جازيديس الى صفقة الرعاية الجديدة التي تبلغ 150 مليون جنيه استرليني مع طيران الامارات التي تم توقيعها العام الماضي كما يتم التفاوض على عقد جديد لتزويد الفريق بالملابس. وقال جازيديس "لدينا رؤية لناد يقف على قدميه.. ويعتمد على موارده. نعتقد أن كرة القدم تتعلق بكل بساطة بمن هو مستعد لأن يفقد أموالا أكثر." وهذا يناسب الطريقة التي يدير بها كرونكي فرقه الأخرى. ولا يلفت اينوس ستانلي كرونكي - الذي سمي على اسم لاعبي بيسبول شهيرين من فريق سانت لويس كاردينالز في اربعينات القرن الماضي - الانظار وهو ما يعطي صورة خاطئة عن اهميته في الرياضة العالمية. وبجانب ارسنال تمتلك مجموعة كرونكي للرياضة والترفيه الخاصة به فريق سانت لويس رامز في دوري كرة القدم الامريكية ودنفر ناجتس في دوري كرة السلة الامريكي للمحترفين وكولورادو رابيدز المنافس في الدوري الامريكي الممتاز. وقال جيم مارتن الرئيس التنفيذي لمجموعة كرونكي "انه يشعر بحماس شديد تجاه ما يحدث على الملعب." واضاف "لكنه يؤمن أيضا بأن هذه الفرق الرياضية تحتاج الى ادارتها بأسلوب صحيح." وفي كرة القدم الاوروبية يتم قياس الطموح في المعتاد بحجم انفاق النادي على اللاعبين وجنى ارسنال من بيع لاعبين أكثر من الذي انفقه على شرائهم في المواسم الماضية. واستمرت هذه القاعدة الصيف الماضي عندما باع النادي المهاجم الهولندي روبن فان بيرسي الى مانشستر يونايتد مقابل 22 مليون جنيه استرليني وفقا لتقارير اعلامية. ويبدو الان يونايتد في طريقه للفوز بالدوري الانجليزي الممتاز مستفيدا من 19 هدفا سجلها فان بيرسي. وادت الصفقة الى انتقادات من الملياردير المولود في اوزبكستان اليشر اوسمانوف الذي يمتلك نحو 30 بالمئة من اسهم ارسنال لكن لا يوجد له مقعد في مجلس الادارة. وهناك مزية عند كرونكي وهي انه لم يقم ابدا ببيع أي من الفرق الرياضية التي يمتلكها ويقول مساعدوه إنه لن يترك ارسنال رغم التعليقات اللاذعة من المشجعين ومالك الاسهم الاخر اوسمانوف. ولم يتأثر كرونكي بتقارير هذا الشهر تحدثت عن عرض اثار سعادة المشجعين من مستثمرين في الشرق الاوسط للاستحواذ على النادي مقابل 1.5 مليار جنيه استرليني وهو ما كان سيسمح له بمضاعفة أمواله. لكن كرونكي - وهو رجل عصامي ومتزوج من ابنة مؤسس سلسلة متاجر وول مارت - لا يحتاج الى أموال. وقال مارتن الرئيس التنفيذي لمجموعة كرونكي في مقابلة عبر الهاتف "اعتقد انه ملتزم تماما بالبقاء مع النادي. على حد علمي فهو لا يرغب اطلاقا في التخلي عن اهتمامه بارسنال." ويستمد النادي قوته من لوائح "اللعب النظيف المالية" التي قدمها الاتحاد الاوروبي لكرة القدم والتي تتفق جيدا مع تقاليده في الاعتماد على موارده. وتعني اللوائح - التي صممت لجعل الانفاق ببذخ في كرة القدم أكثر اتزانا - أن الاندية يجب أن تتحرك باتجاه نقطة التعادل أو تواجه خطر الاستبعاد من بطولات الاندية الاوروبية. ويعتقد ارسنال أن ذلك سيجبر الأندية الثرية على كبح جماح انفاقها. وتظهر اخر حسابات للنادي وجود احتياطي نقدي يبلغ 123 مليون جنيه استرليني وهو ما يزيد من غضب المشجعين بسبب عدم استثمار المزيد من الأموال في الفريق وادى الى قيام البعض بوضع قائمة باللاعبين الذين يرغبون أن يضمهم الفرنسي المخضرم ارسين فينجر مدرب ارسنال. وفينجر (63 عاما) موجود في ارسنال منذ عام 1996 وهي فترة طويلة غير معتادة بالنسبة لمهنة المدرب. وقاد فينجر الفريق لاحراز ثلاثة القاب في الدوري الانجليزي الممتاز وأربعة في كأس الاتحاد الانجليزي بطريقة رائعة منحته وضعا في النادي ينافس تشابمان. لكن بعض المشجعين قالوا إن المدرب اصبح أكثر اهتماما بالمال. وقال بايتون من مجموعة مشجعي ارسنال "بدون شك يتوخى ارسين فينجر الحذر في سوق الانتقالات ويفضل أن يكون مدربا تطويريا بدلا من مدرب ينفق الأموال." وأضاف "لهذا السبب تؤمن مجموعتنا بأن مجلس الادارة يحتاج الى دعمه بأناس يساندونه ليصبح أكثر حسما في سوق الانتقالات."