** "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه".. حديث شريف قفز إلى ذهنى بعد أن هدأت مشاعر الفرحة بفوز فريق كرة القدم بالنادى الأهلى ببطولة كأس دورى الأبطال الأفريقى، وبينما يجهز الفريق نفسه ويعد العدة للسفر إلى كأس العالم باليابان لتحقيق إنجاز جديد بمحاولة الوصول إلى نهائى هذه البطولة بعد أن كان قد أحرز المركز الثالث فيها من قبل.. هذا الحديث الشريف طبقه بإخلاص وتفان لاعبو الأهلى وجهازه الفنى على امتداد مشوار البطولة، رغم صعوبة ظروف المشاركة فيها هذه المرة بسبب ما مرت وتمر به البلاد من أحداث وتداعيات كثيرة، نتج عنها لعب الفريق لكل مبارياته فى البطولة بدون جمهور، اللهم إلا باستثناء مباراة الذهاب فى النهائى، إذ أن لاعبى الأهلى وجهازه الفنى تحدوا كل هذه الصعاب وتجاوزوا العقبات الواحدة تلو الأخرى، وكان عندهم إصرار شديد على تحقيق إنجاز يهدونه إلى الشهداء من جماهير النادى الذين راحوا ضحايا مذبحة استاد بورسعيد. وإتقان العمل هنا تمثل فى اجتهاد كل الأجهزة المسئولة عن الفريق فى توفير كل الإمكانات والتسهيلات اللازمة للأداء على أفضل وجه.. فعلى امتداد المشوار الأفريقى، كان الجهاز الطبى يسابق الزمن لعلاج المصابين وتأهيلهم أفضل تأهيل حتى ولو لزم الأمر إرسال أى لاعب للعلاج خارج مصر زيادة فى الاطمئنان.. والجهاز الإدارى لم يتأخر عن توفير كل متطلبات الفريق واللاعبين والجهاز الفنى حتى لا ينشغل أحد منهم بأية مشكلات إدارية تخرجهم عن تركيزهم أو تلهيهم عن مهمتهم الأساسية وهى الإعداد والتدريب الفنى والبدنى والنفسى والذهنى. أما الجهاز الفنى فكان حريصا طوال المشوار على بناء جسور الثقة بينه وبين كل اللاعبين، الذين يلعبون والذين لا يلعبون، واجتهد حسام البدرى المدير الفنى ومعاونوه فى اختيار أفضل طريقة يلعب بها الفريق وأفضل تشكيلات وتغييرات من أجل إخراج أفضل ما عند اللاعبين، مع التسليم بوقوع بعض الأخطاء على امتداد المشوار وهو أمر طبيعى لا ينتقص من الجهد المبذول والتفانى فى العمل.. كما احتاج الجهاز الفنى إلى بعض الوقت وتمكن من تطوير الأداء مباراة بعد مباراة إلى أن وصل إلى الذروة فى المباراة الأخيرة باستاد رادس بتونس حيث لعب الفريق مباراة سيسجلها التاريخ كأفضل مباراة خارج حدود الوطن لأفضل جيل فى النادى الأهلى على مر تاريخه. وإذا ما تحدثنا عن اللاعبين فسنجدهم ألقوا جانبا وبمنتهى الرضا وطيب الخاطر مشكلاتهم المادية تقديرا منهم للظروف الصعبة التى يمر بها ناديهم، ولثقتهم بأن ما عند النادى لن يضيع، فالمهم فى المقام الأول هو الإخلاص فى الجهد والبذل فى العمل من أجل تحقيق الإنجاز، وبعدها من الطبيعى أن تأتى المكافأة على الإنجاز. وكان رهان الجميع إدارة النادى واللاعبين والأجهزة الفنية والطبية والإدارية على الثقة والإيمان بأن الله لن يضيع أجر من أحسن عملا، وقد أحسنوا جميعا عملهم وأتقنوه فكانت هذه النتيجة المبهرة. ما حققه النادى الأهلى خلال مشواره الأفريقى يجعلنا نؤكد على مدى أهمية إعلاء قيمة العمل الجاد والتفانى والإخلاص وبذل أقصى الجهد والطاقة وعدم النظر إلى الوراء.. وإذا ما وسعنا نطاق الدائرة ولم نقصرها على النموذج الرياضى وهو "النادى الأهلى"، فسنجد أن الكلام عن العمل وإتقانه ينبغى أن نوجهه إلى كل أبناء هذا الوطن فى كل المجالات.. فلو عمل كل فرد فى موقعه ومكانه بهذا الحديث الشريف لنبينا وعظيمنا محمد صلى الله عليه وسلم، لتحولت مصر أرض الكنانة، المليئة بالخيرات، إلى جنة الله على الأرض ولأغدق الله علينا بنعمه وخيراته بلا حدود.. لماذا؟ لأن الله يحب من يتقن عمله، ولكم أن تتخيلوا معى ماذا يمكن أن يحدث لبشر يحبهم الله سبحانه وتعالى! ** فى ظل الظروف الراهنة التى تمر بها البلاد، وتكثر فيها التظاهرات والاعتصامات، ويسقط فيها قتلى ومصابون والتى انقسم فيها الوطن إلى فريقين متضادين بصرف النظر عن حجم كل منهما، أقول لمن يتحدثون عن موعد عودة الدورى العام لكرة القدم: "ألا تستحون.. صحيح اللى اختشوا ماتوا"!!.. أقولها والحزن يلفنى والألم يعتصرنى لأننى كصحفى رياضى ومسئول عن مجلة رياضية أول من يتمنى عودة الدورى لما يمثله من انتعاشة كبيرة، ولكن هناك دائما أولويات ذات أهمية قصوى فى الحسابات الخاصة بالوطن وسلامته وأمنه.