هل اخترق تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" الكرة المصرية؟ سؤال فرض نفسه كثيرا علي الوسط الكروي المصري والشارع الرياضي في الأيام الماضية بعد الإعلان عن انضمام أحد ممارسي اللعبة الشهيرة في مصر محمود الغندور ابن شقيق جمال الغندور الحكم الدولي السابق وهو في نفس الوقت حكم درجة ثانية. وبات انضمام حركات الأولتراس إلي تنظيم الدولة الإسلامية، أو علي الأقل السير علي خطواتها في القتل العمد خطرا حقيقيا يهدد الكرة المصرية في ظل تنامي مشاعر الكراهية بين الرابطة والدولة من جهة ووجود من يلعب علي إثارة العنف في الشارع استغلالا لوجود قضايا قتل ارتكبت في حق الجماهير سواء سقوط 72 مشجعا أهلاويا في مذبحة بورسعيد الشهيرة عام 2012 و20 مشجعا زملكاويا في مذبحة الدفاع الجوي عام 2015. والسيناريو المخيف حاليا هو إحداث قلق في الشارع المصري يهدد استئناف النشاط الكروي الذي أعلن مجلس الوزراء برئاسة المهندس إبراهيم محلب عودته في الثاني والعشرين من مارس الجاري وتحديدا بعد انتهاء فترة الحداد علي جماهير الزمالك بالإضافة إلي انتهاء الدولة من استضافة حدث المؤتمر الإقتصادي الذي يجري الرهان عليه في إحداث نهضة اقتصادية تساعد البلاد علي تخطي ظروفها الصعبة حاليا في مجال الاستثمار. وتعد رابطة الوايت نايتس هي الهدف الأول لحركة داعش داخل مصر حاليا، لاستقطابها إلي تنظيم الدولة الإسلامية خاصة بعد الأحداث الأخيرة التي شهدت مقتل 20 مشجعا من أعضاء الرابطة أثناء دخول لقاء الزمالك وإنبي في الثامن من فبراير الماضي. ومن يتابع جيدا أسلوب "داعش" في تجنيد مقاتليها يجد أن اعتمادها الأساسي علي التواصل من خلال مواقع فيسبوك وتويتر وأنستجرام، وهو ما بدأ يحدث بالفعل مع رابطة الوايت نايتس وأعضائها عبر الصفحة الرسمية للرابطة علي موقع فيسبوك في الأيام الأخيرة حيث لا تزال حمي الانتقام تسيطر علي عقول العديد من الشباب الصغير. وبمراقبة صفحة الرابطة علي موقع التواصل الاجتماعي وكذلك صفحات أخري محسوبة علي الوايت نايتس مثل الشعب الحر أو أحمد حسام ميدو يجد أن تعليقات شخصيات "مريبة" لا تحمل كنيات مشجعي الوايت نايتس الشهيرة تعمل علي "زيادة الاحتقان" من خلال دعوات صريحة ومباشرة تدعو أعضاء الرابطة إلي حمل السلاح في مصر من أجل الثأر وتعزيز دعوات عدم تقبل العزاء في الضحايا والثأر لهم في البداية قبل استقبال التعازي، ومن أبرز التغريدات في المتداولة "تغريدة لشخص يدعي أسامة" يطلب قتل رئيس نادي الزمالك بشكل مباشر وصريح، وأخري تدعي أسماء وهو أمر غريب بالنسبة لفتاة صغيرة تدعو إلي الدم وتطلب حمل السلاح بشكل مباشر والثأر من الداخلية ورئيس نادي الزمالك وإنهاء السلمية في أية تظاهرات أو تجمعات للرابطة في الفترة المقبلة والمواجهة المباشرة، وثالث يدعي مجدي يؤكد أن هدوء الوايت نايتس حاليا هو الهدوء الذي يسبق العاصفة. وعند الدخول علي صفحات أغلب دعوات التهييج والثأر تجد مفاجآت بالجملة في صفحاتهم وتتمثل في إبداء الإعجاب بشكل مباشر بتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" تحديدا والحديث في بوستات طويلة عن واقعة تجنيد تنظيم الدولة الإسلامية لحكم مصري هو محمود الغندور من قبله صديقه إسلام يكن فتي داعش الشهير والذي كان من لاعبي كمال الأجسام بشكل غير رسمي بوصفها رياضة خاصة بالشباب، والمثير أن هناك من يتدخل في الحديث خلال التغريدات ويقوم بتوزيع لينكات لصفحات محمود الغندور علي فيسبوك وإسلام يكن علي موقع تويتر تحديدا لمتابعتها ومعرفة ما يدور في تنظيم الدولة الإسلامية وكذلك من يحاول اللعب علي مشاعر الشباب صغير السن من أعضاء الرابطة من خلال إطلاق العنان لوصفهم بقادة الثورة المصرية الجديدة القادمة وتحرير الوطن علي أيديهم في دعوات واضحة للبدء في استخدام العنف بشكل أساسي ضد المؤسسات الأمنية في الفترة المقبلة. واللعب علي وتر رابطة الوايت نايتس من جانب حركة داعش لم يكن مصادفة في ظل عدة عناصر مهمة من بينها ويتصدرها علي الإطلاق انتماء عدد من قيادات الرابطة لحركة أحرار التي ظهرت إلي النور في العام الماضي وتصنف علي أنها أكبر جماعة مؤيدة لحازم صلاح أبوإسماعيل المرشح الرئاسي السابق والمحبوس حاليا علي ذمة قضايا من بينها قضايا دعا فيها إلي استخدام العنف بعد إعلان عزل محمد مرسي عن سدة الحكم في 3 يوليو 2013، وكذلك حركة حازمون والتي كانت تدعو إلي انتخاب حازم صلاح رئيسا للجمهورية في انتخابات 2012، قبل أن يجري استبعاده منها بسبب جنسية والدته الأمريكية، وصداقة مباشرة لعدد من قيادات الرابطة لحازم أبوإسماعيل المشجع الزملكاوي إلي جانب وجود قتلي من جماهير الزمالك في حادث الدفاع الجوي الأخير ووجود مشاعر ملتهبة تدعو إلي القصاص لأصدقائهم خاصة أنهم لم يتورطوا في أحداث عنف دون الانتظار لنتائج التحقيقات الرسمية أو لجان تقصي الحقائق الباحثة عن أسباب مقتل الجماهير وتحديد هوية القاتلين أو من تسببوا في مذبحة الدفاع الجوي بالحشد للجماهير أمام الملعب. ولم يتوقف الأمر عند حد محاولة استقطاب رابطة الوايت نايتس، بل ظهرت دعوات غامضة أيضا تدعو إلي إبرام تحالف مع روابط أولتراس في مختلف المحافظات وفي مقدمتها رابطة أولتراس أهلاوي التي قدمت 72 شهيدا من مشجعيها في مذبحة بورسعيد الشهيرة. وجري استخدام نفس الأسلوب فجأة وبدون مقدمات من خلال غزو صفحة الرابطة علي فيسبوك والمطالبة في دعوات صريحة إلي الانضمام إلي الوايت نايتس في معركته مع الداخلية في الفترة المقبلة واستغلال الفرصة في الثأر لجماهير الأهلي القتلي في بورسعيد بداعي أن أحكام البراءة في انتظار المتهمين حاليا في إعادة المحاكمة الشهيرة والهدف معروف وهو إقامة ما يشبه "الجيش الحر" في سوريا، خاصة أن هناك إعلانا سابقا لرابطة أولتراس أهلاوي تم احتواؤه من قبل الدولة المصرية في أعقاب مذبحة بورسعيد عندما قررت الرابطة تدشين ما يسمي جيش أولترا الحر والذي جري إطلاقه وقتها بداعي الثأر لشهداء بورسعيد وقام بمحاصرة وزارة الداخلية والدخول في اشتباكات عنيفة لمدة 3 أيام في أعقاب المذبحة مباشرة قبل أن يتم التدخل من خلال قرارات النيابة العامة وإلقاء القبض علي عدد من المتهمين الذين جري فيما بعد وتقديمهم للمحاكمة وهو ما كان له مفعول السحر فيما بعد في اختفاء ما يسمي "جيش أولترا الحر". والهدف الأساسي حاليا هو إعادة هذا الكيان إلي الشارع المصري من خلال تحالف الرابطة في الناديين معا والدخول في صدامات صريحة ومباشرة مع رجال الداخلية وإحداث الفوضي في مصر بما يعرقل محاولات مصرية في المستقبل لمواصلة الانتقام من داعش في ليبيا بالإضافة إلي تصدير الفوضي في مصر ومن بينها إيقاف نشاط الكرة بشكل نهائي. وتلعب داعش علي تعامل الكثيرين في مصر مع هذه المعلومات بتعال واضح، وهو ما ظهر من خلال العنف الذي بدأت رابطة الوايت نايتس في تنفيذه والتي هاجمت مشروع الهدف في مدينة السادس من أكتوبر وقامت بحرق الملعب الخاص به فور الإعلان عن استضافته لتدريبات فريق الكرة بنادي الزمالك في المستقبل ثم اقتحام استاد القاهرة فجرا وحرق جزء من نجيل الملعب، بالإضافة إلي عدد من اللوحات الإعلانية في محاولة أخري لتوجيه رسالة تفيد أنه لا مباريات ستقام في الفترة المقبلة وذلك في أعقاب إعلان نادي الزمالك مخاطبة هيئة استاد القاهرة من أجل استضافة لقاء الزمالك مع الفائز من بانثر الكاميروني ورانون سبورت الرواندي في ذهاب دور ال32 لكأس الكونفيدرالية الأفريقية. والمثير أن رابطة أولتراس وايت نايتس أقدمت علي تلك الخطوات بعد حصولها علي ضوء أخضر من أولتراس أهلاوي علي رفضها استئناف منافسات الدوري الممتاز لهذا الموسم أسوة بما حدث في موسم 2011 - 2012 لما بعد القصاص من قتلي أحداث الدفاع الجوي. وكانت وزارة الداخلية انتبهت لما يحدث من خلال نقل مباراة الزمالك الأفريقية إلي مدينة الجونة التي نجحت من قبل في استضافة مباراة الأزمة الأكبر في مصر وهي لقاء الأهلي والمصري البورسعيدي في الدور الأول للدوري الممتاز من قبل. ويبقي السؤال: هل تنجح داعش في اختراق الكرة المصرية بشكل فوضوي وإنهاء مسيرة الدوري الممتاز وإثارة الفوضي في الشارع المصري؟. وهو سؤال تجيب عنه الأيام المقبلة.